553
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالا : فَأَخَذَ إلَيهِ ذاتَ اليَسارِ ، قالا : ومِلنا مَعَهُ ، فَما كانَ بِأَسرَعَ مِن أن طَلَعَت عَلَينا هَوادِي الخَيلِ ، فَتَبَيَّنّاها ، وعُدنا فَلَمّا رَأَونا وقَد عَدَلنا عَنِ الطَّريقِ عَدَلوا إلَينا ، كَأَنَّ أسِنَّتَهُمُ اليَعاسيبُ‏۱ ، وكَأَنَّ راياتِهِم أجنِحَةُ الطَّيرِ .
قالَ : فَاستَبَقنا إلى‏ ذي حُسُمٍ ، فَسَبَقناهُم إلَيهِ ، فَنَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام ، فَأَمَرَ بِأَبنِيَتِهِ فَضُرِبَت ، وجاءَ القَومُ - وهُم ألفُ فارِسٍ - مَعَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ التَّميمِيِّ اليَربوعِيِّ ، حَتّى‏ وَقَفَ هُوَ وخَيلُهُ مُقابِلَ الحُسَينِ عليه السلام في حَرِّ الظَّهيرَةِ ، وَالحُسَينُ عليه السلام وأصحابُهُ مُعتَمّونَ مُتَقَلِّدو أسيافِهِم .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِفِتيانِهِ : اِسقُوا القَومَ وأرووهُم مِنَ الماءِ ، ورَشِّفوا الخَيلَ تَرشيفاً ، فَقامَ فِتيانُهُ فَرَشَّفُوا الخَيلَ تَرشيفاً ، فَقامَ فِتيَةٌ وسَقَوُا القَومَ مِنَ الماءِ حَتّى‏ أروَوهُم ، وأقبَلوا يَملَؤونَ القِصاعَ وَالأَتوارَ۲وَالطِّساسَ‏۳مِنَ الماءِ ، ثُمَّ يُدنونَها مِنَ الفَرَسِ ، فَإِذا عَبَّ فيهِ ثَلاثاً أو أربَعاً أو خَمساً عُزِلَت عَنهُ ، وسَقَوا آخَرَ ، حَتّى‏ سَقَوُا الخَيلَ كُلَّها .
قالَ هِشامٌ : حَدَّثَني لَقيطٌ ، عَن عَلِيِّ بنِ الطَّعّانِ المُحارِبِيِّ : كُنتُ مَعَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ ، فَجِئتُ في آخِرِ مَن جاءَ مِن أصحابِهِ ، فَلَمّا رَأى‏ الحُسَينُ عليه السلام ما بي وبِفَرَسي مِنَ العَطَشِ ، قالَ : أنِخِ الرّاوِيَةَ - وَالرّاوِيَةُ عِندِي السِّقاءُ - ثُمَّ قالَ : يَابنَ أخِ ، أنِخِ الجَمَلَ ، فَأَنَختُهُ ، فَقالَ : اِشرَب ، فَجَعَلتُ كُلَّما شَرِبتُ سالَ الماءُ مِنَ السِّقاءِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : اِخنِثِ السِّقاءَ - أيِ اعطِفهُ - قالَ : فَجَعَلتُ لا أدري كَيفَ أفعَلُ ! قالَ : فَقامَ الحُسَينُ عليه السلام فَخَنَثَهُ ، فَشَرِبتُ وسَقَيتُ فَرَسي .
قالَ : وكانَ مَجي‏ءُ الحُرِّ بنِ يَزيدَ ومَسيرُهُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام مِنَ القادِسِيَّةِ ، وذلِكَ أنَّ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ لَمّا بَلَغَهُ إقبالُ الحُسَينِ عليه السلام بَعَثَ الحُصَينَ بنَ تَميمٍ التَّميمِيَّ - وكانَ عَلى‏ شُرَطِهِ - فَأَمَرَهُ أن يَنزِلَ القادِسِيَّةَ ، وأن يَضَعَ المَسالِحَ فَيُنَظِّمَ ما بَينَ القُطقُطانَةِ إلى خَفّانَ‏۴ ، وقَدَّمَ الحُرَّ بنَ يَزيدَ بَينَ يَدَيهِ في هذِهِ الأَلفِ مِنَ القادِسِيَّةِ ، فَيَستَقبِلُ قالَ : فَلَم يَزَل مُوافِقاً حُسَيناً عليه السلام حَتّى‏

1.اليَعسُوب : جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يكشط خوصها ، والذي لم ينبت عليه خوص (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۱۰۴ «عسب») .

2.التَّوْر : إناء يُشرب فيه (الصحاح : ج ۲ ص ۶۰۲ «تور») .

3.طَسّ : لغة في الطَّست ، والجمع طساس (لسان العرب : ج ۶ ص ۱۲۲ «طسس») .

4.خَفّان : موضع قرب الكوفة (معجم البلدان : ج ۲ ص ۳۷۹) وراجع: الخريطة رقم ۴ في آخر الكتاب .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
552

وكانَ حُسَينٌ عليه السلام قَد وَجَّهَ قَيسَ بنَ مُسهِرٍ الأَسَدِيَّ إلى‏ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ قَبلَ أن يَبلُغَهُ قَتلُهُ ، فَأَخَذَهُ حُصَينٌ فَوَجَّهَ بِهِ إلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ ، فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ : قَد قَتَلَ اللَّهُ مُسلِماً ، فَأَقِم فِي النّاسِ فَاشتِمِ الكَذّابَ ابنَ الكَذّابِ ، فَصَعِدَ قَيسٌ المِنبَرَ فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ، إنّي تَرَكتُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام بِالحاجِرِ ، وأنَا رَسولُهُ إلَيكُم ، وهُوَ يَستَنصِرُكُم . فَأَمَرَ بِهِ عُبَيدُ اللَّهِ ، فَطُرِحَ مِن فَوقِ القَصرِ فَماتَ .
ووَجَّهَ الحُصَينُ بنُ تَميمٍ الحُرَّ بنَ يَزيدَ اليَربوعِيَّ - مِن بَني رِياحٍ - في ألفٍ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، وقالَ : سايِرهُ ولا تَدَعهُ يَرجِعُ حَتّى‏ يَدخُلَ الكوفَةَ ، وجَعجِع‏۱ بِهِ ، فَفَعَلَ ذلِكَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ ، فَأَخَذَ الحُسَينُ عليه السلام طَريقَ العُذَيبِ حَتّى‏ نَزَلَ الجَوفَ ، مَسقَطَ النَّجَفِ مِمّا يَلِي المِئَتَينِ ، فَنَزَلَ قَصرَ أبي مُقاتِلٍ .۲

7 / 27

سَدُّ الحُرِّ الطَّريقَ عَلَى الإِمامِ عليه السلام‏

۷۰۷.تاريخ الطبري عن هشام عن أبي مخنف عن أبي جناب عن عديّ بن حرملة عن عبداللَّه بن سليم والمذري بن المشمعلّ الأسديّين :ثُمَّ ساروا مِنها [أي مِن شَرافِ ]فَرَسَموا۳صَدرَ يَومِهِم حَتَّى انتَصَفَ النَّهارُ . ثُمَّ إنَّ رَجُلاً قالَ : اللَّهُ أكبَرُ ! فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : اللَّهُ أكبَرُ ، ما كَبَّرتَ ؟
قالَ : رَأَيتُ النَّخلَ ، فَقالَ لَهُ الأَسَدِيّانِ : إنَّ هذَا المَكانَ ما رَأَينا بِهِ نَخلَةً قَطُّ ، قالا : فَقالَ لَنَا الحُسَينُ عليه السلام : فَما تَرَيانِهِ رَأى‏ ؟ قُلنا : نَراهُ رَأى‏ هَوادِيَ الخَيلِ‏۴ ، فَقالَ : وأنَا وَاللَّهِ أرى‏ ذلِكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : أما لَنا مَلجَأٌ نَلجَأٌ إلَيهِ نَجعَلُهُ في ظُهورِنا ، ونَستَقبِلُ القَومَ مِن وَجهٍ واحِدٍ ؟ فَقُلنا لَهُ : بَلى‏ ، هذا ذو حُسُمٍ إلى‏ جَنبِكَ ، تَميلُ إلَيهِ عَن يَسارِكَ ، فَإِن سَبَقتَ القَومَ إلَيهِ فَهُوَ كَما تُريدُ .

1.جَعْجِعْ به : أي ضيّق عليه المكانَ (النهاية : ج ۱ ص ۲۷۵ «جعجع») .

2.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۳ .

3.يرسُمون نحوه : أي يذهبون إليه سرعاً . والرَّسيم : ضربٌ من السير سريع يؤثّر في الأرض (النهاية : ج ۲ ص ۲۲۴ «رسم») .

4.هَوادي الخيل : يعني أوائلها ، والهادي والهادية : العُنُق (النهاية : ج ۵ ص ۲۵۵ «هدا») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1927000
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به