قالَ : إنَّهُ قَد نَزَلَ بِنا مِنَ الأَمرِ ما قَد تَرَونَ ، وإنَّ الدُّنيا قَد تَنَكَّرَت وتَغَيَّرَت ، وأدبَرَ مَعروفُها وَاستَمَرَّت جَذّاءَ۱ ، ولَم يَبقَ مِنها إلّا صُبابةٌ كَصُبابَةِ الإِناءِ ، وخَسيسُ عَيشٍ كَالمَرعى الوَبيلِ ، ألا تَرَونَ إلَى الحَقِّ لا يُعمَلُ بِهِ ، وإلَى الباطِلِ لا يُتَناهى عَنهُ ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ رَبِّهِ مُحِقّاً ، فَإِنّي لا أرى المَوتَ إلّا سَعادَةً وَالحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَماً .
فَقامَ زُهَيرُ بنُ القَينِ ، فَقالَ : لَقَد سَمِعنا - هَدانا اللَّهُ بِكَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ - مَقالَتَكَ ، ولَو كانَتِ الدُّنيا لَنا باقِيَةً، وكُنّا فيها مُخَلَّدينَ، لَآثَرَنا النُّهوضَ مَعَكَ عَلَى الإِقامَةِ فيها.
قالَ : ووَثَبَ هِلالُ بنُ نافِعٍ البَجَلِيُّ ، فَقالَ : وَاللَّهِ ما كَرِهنا لِقاءَ رَبِّنا ، وإنّا عَلى نِيّاتِنا وبَصائِرِنا ، نُوالي مَن والاكَ ونُعادي مَن عاداكَ .
قالَ : وقامَ بُرَيرُ بنُ حُصَينٍ ، فَقالَ : وَاللَّهِ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، لَقَد مَنَّ اللَّهُ بِكَ عَلَينا أن نُقاتِلَ بَينَ يَدَيكَ ، فَتُقَطَّعُ فيكَ أعضاؤُنا ، ثُمَّ يَكونُ جَدُّكَ شَفيعَنا يَومَ القِيامَةِ .۲
۷۱۵.نثر الدرّ : لَمّا نَزَلَ بِهِ [أي بِالإِمامِ الحُسَينِ عليه السلام ]عُمَرُ۳ بنُ سَعدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ ، وأيقَنَ أنَّهُم قاتِلوهُ ، قامَ في أصحابِهِ خَطيباً ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
إنَّهُ قَد نَزَلَ مِنَ الأَمرِ ما تَرَونَ ، وإنَّ الدُّنيا قَد تَغَيَّرَت وتَنَكَّرَت ، وأدبَرَ مَعروفُها وَاستَمَرَّت ، حَتّى لَم يَبقَ مِنها إلّا صُبابَةٌ كَصُبابَةِ الإِناءِ ، وإلّا خَسيسُ عَيشٍ كَالكَلَأِ الوَبيلِ . ألا تَرَونَ الحَقَّ لا يُعمَلُ بِهِ ، وَالباطِلَ لا يُتَناهى عَنهُ ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ اللَّهِ ، فَإِنّي لا أرى المَوتَ إلّا سعادَةً ، وَالحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَماً .۴
۷۱۶.تحف العقول عن الإمام الحسين عليه السلام- في مَسيرِهِ إلى كَربَلاءَ -:إنَّ هذِهِ الدُّنيا قَد تَغَيَّرَت وتَنَكَّرَت ، وأدبَرَ مَعروفُها ، فَلَم يَبقَ مِنها إلّا صُبابَةٌ كَصُبابَةِ الإِناءِ ، وخَسيسُ عَيشٍ كَالمَرعى الوَبيلِ . ألا تَرَونَ أنّ الحَقَّ لا يُعمَلُ بِهِ ، وأنَّ الباطِلَ لا يُتَناهى عَنهُ ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ اللَّهِ مُحِقّاً ؛ فَإِنّي
1.جَذَذْتُ الشيء : كَسّرتُه وقطّعتُه (الصحاح : ج ۲ ص ۵۶۱ «جذذ») .
2.الملهوف : ص ۱۳۸ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۳ نحوه وليس فيه ذيله من «قال : ووثب» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۱ .
3.في المصدر : «عمرو» ، وهو تصحيف .
4.نثر الدرّ : ج ۱ ص ۳۳۷ ، نزهة الناظر : ص ۸۷ ح ۲۶ ، تنبيه الخواطر : ج ۲ ص ۱۰۲ ، الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۱ ، شرح الأخبار : ج ۳ ص ۱۵۰ ح ۱۰۸۸ وليس فيه صدره إلى «قاتلوه» ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۴۴ .