565
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

تَمَّمتُم عَلى‏ بَيعَتِكُم تُصيبوا رُشدَكُم ، فَأَنَا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ ، وَابنُ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، نَفسي مَعَ أنفُسِكُم ، وأهلي مَعَ أهليكُم ، فَلَكُم فِيَّ اُسوَةٌ ، وإن لَم تَفعَلوا ونَقَضتُم عَهدَكُم ، وخَلَعتُم بَيعَتي مِن أعناقِكُم ، فَلَعَمري ما هِيَ لَكُم بِنُكرٍ ، لَقَد فَعَلتُموها بِأَبي وأخي وَابنِ عمّي مُسلِمٍ ، وَالمَغرورُ مَنِ اغتَرَّ بِكُم ، فَحَظَّكُم أخطَأتُم ، ونَصيبَكُم ضَيَّعتُم ، ومَن نَكَثَ‏۱ فَإِنّما يَنكُثُ عَلى‏ نَفسِهِ ، وسَيُغنِي اللَّهُ عَنكُم ، وَالسَّلامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ‏۲ .۳

۷۱۹.الفتوح : أصبَحَ الحُسَينُ عليه السلام مِن وَراءِ عُذَيبِ الهِجاناتِ‏۴ ... فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : فَسِر بِنا حَتّى‏ نَصيرَ بِكَربَلاءَ ؛ فَإِنَّها عَلى‏ شاطِئِ الفُراتِ فَنَكونَ هُنالِكَ ، فَإِن قاتَلونا قاتَلناهُم وَاستَعَنّا بِاللَّهِ عَلَيهِم .
قالَ : فَدَمِعَت عَينا الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ : اللَّهُمَّ ، ثُمَّ اللَّهُمَّ ، إنّي أعوذُ بِكَ مِنَ الكَربِ وَالبَلاءِ .
قالَ : ونَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام في مَوضِعِهِ ذلِكَ ، ونَزَلَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ حِذاءَهُ في ألفِ فارِسٍ ، ودَعَا الحُسَينُ عليه السلام بِدَواةٍ وبَياضٍ ، وكَتَبَ إلى‏ أشرافِ الكوفَةِ مِمَّن كانَ يَظُنَّ أنَّهُ عَلى‏ رَأيِهِ :
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، مِنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ إلى‏ سُلَيمانَ بنِ صُرَدٍ ، وَالمُسَيَّبِ بنِ نُجبَةَ ، ورَفاعَةَ بنِ شَدّادٍ ، وعَبدِ اللَّهِ بنِ والٍ ، وجَماعَةِ المُؤمِنينَ .
أمّا بَعدُ ، فَقَد عَلِمتُم أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قَد قالَ في حَياتِهِ : «مَن رَأى‏ سُلطاناً جائِراً ، مُستَحِلّاً لِحَرامٍ ، أو تارِكاً لِعَهدِ اللَّهِ ومُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَعَمِلَ في عِبادِ اللَّهِ بِالإِثمِ وَالعُدوانِ ، ثُمَّ لَم يُغَيِّر عَلَيهِ بِقَولٍ ولا فِعلٍ ، كانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أن يُدخِلَهُ مُدخَلَهُ» .
وقَد عَلِمتُم أنَّ هؤُلاءِ لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وتَوَلَّوا عَن طاعَةِ الرَّحمنِ ، وأظهَرُوا الفَسادَ ،

1.النَّكْثُ : نقضُ العهد (النهاية : ج‏۵ ص‏۱۱۴ «نكث») .

2.فيما يرتبط بخطب الإمام الحسين عليه السلام ، فإنّ ثمّة اختلاف يلاحظ أحياناً في مكان إلقائها أو المخاطبين بها . كما يوجد ثمّة تلفيق بين بعض المقاطع فيها أو التغيير لمواضعها . وفي الوقت الذي نحاول فيه الاقتصار في حالات الاختلاف في نقل الحادثة على موضع الحاجة خاصّة، فإنّا نعتمد في ترتيب الحوادث ما يذكره الطبري قدر المستطاع .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۳ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۲ نحوه .

4.وكما يلاحظ فإنّ الفتوح أورد ما ذكره الطبري بعنوان : خطبة الإمام في منزل البيضة ، على أنّه كتاب الإمام الذي بعثه إلى أشراف الكوفة قريباً من عذيب الهجانات .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
564

لا أرى‏ المَوتَ إلّا سَعادَةً وَالحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَماً . إنَّ النّاسَ عَبيدُ الدُّنيا ، وَالدّينُ لَعِقٌ عَلى‏ ألسِنَتِهِم ، يَحوطونَهُ ما دَرَّت مَعائِشُهُم ، فَإِذا مُحِّصوا بِالبَلاءِ قَلَّ الدَّيّانونَ .۱

۷۱۷.المعجم الكبير عن محمّد بن الحسن : لَمّا نَزَلَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِحُسَينٍ عليه السلام ، وأيقَنَ أنَّهُم قاتِلوهُ ، وقامَ في أصحابِهِ خَطيباً ، فَحَمِدَ اللَّهَ عزّ وجلّ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : قَد نَزَلَ ما تَرَونَ مِنَ الأَمرِ ، وإنَّ الدُّنيا تَغَيَّرَت وتَنَكَّرَت ، وأدَبَر مَعروفُها وَاستَمَرَّت ، حَتّى‏ لَم يَبقَ مِنها إلّا كَصُبابَةِ الإِناءِ ، [و ]إلّا خَسيسُ عَيشٍ كَالمَرعى‏ الوَبيلِ . ألا تَرَونَ الحَقَّ لا يُعمَلُ بِهِ ، وَالباطِلَ لا يُتَناهى‏ عَنهُ ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ اللَّهِ ، وإنّي لا أرى‏ المَوتَ إلّا سَعادَةً ، وَالحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَماً .۲

7 / 29

خُطْبَةُ الإِمامِ عليه السلام في أَصحابِهِ وأصحابِ الحُرِّ في بَيضَةَ ۳

۷۱۸.تاريخ الطبري عن عقبة بن أبي العَيزار : إنَّ الحُسَينَ عليه السلام خَطَبَ أصحابَهُ وأصحابَ الحُرِّ بِالبَيضَةِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قالَ : «مَن رَأى‏ سُلطاناً جائِراً ، مُستَحِلّاً لِحُرَم اللَّهِ ، ناكِثاً لِعَهدِ اللَّهِ ، مُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسولِ اللَّهِ ، يَعمَلُ في عِبادِ اللَّهِ بِالإِثمِ وَالعُدوانِ ، فَلَم يُغَيِّر عَلَيهِ بِفِعلٍ ولا قَولٍ ، كانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أن يُدخِلَهُ مُدخَلَهُ» .
ألا وإنَّ هؤُلاءِ قَد لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وتَرَكوا طاعَةَ الرَّحمنِ ، وأظهَرُوا الفَسادَ ، وعَطَّلُوا الحُدودَ ، وَاستَأثَروا بِالفَي‏ءِ ، وأحَلّوا حَرامَ اللَّهِ ، وحَرَّموا حَلالَهُ ، وأنا أحَقُّ مَن غَيَّرَ .
قَد أتَتني كُتُبُكُم ، وقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكُم بِبَيعَتِكُم ؛ أنَّكُم لا تُسلِمونّي ولا تَخذُلونّي ، فَإِن

1.تحف العقول : ص ۲۴۵ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۶۸ عن محمّد بن حسن نحوه وليس فيه ذيله من «إنّ الناس» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۹۲ ح ۴ .

2.المعجم الكبير : ج ۳ ص ۱۱۴ ح ۲۸۴۲ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۱۰ وفيه «ندماً» بدل «برماً» ، العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۶ وفيه «اشمعلّت» بدل «استمرّت» و «ذلّاً وندماً» بدل «برماً» ، حلية الأولياء : ج ۲ ص ۳۹ وفيه «جرماً» بدل «برماً» ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۷ كلّها نحوه .

3.البَيَضةُ : ماء بين واقصة إلى العُذيب متّصلة بالحَزَن لبني يربوع (معجم البلدان : ج ۱ ص ۵۳۲) وراجع : الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922467
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به