567
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

تَرعى‏ هُنالِكَ ، فَإِذا هُم بِأَربَعَةِ نَفَرٍ قَد أقبَلوا مِنَ الكوفَةِ عَلى‏ رَواحِلِهِم ، يَجنُبونَ‏۱فَرَساً لِنافِعِ بنِ هِلالٍ - يُقالُ لَهُ الكامِلُ - ومَعَهُم دَليلُهُمُ الطِّرمّاحُ بنُ عَدِيٍّ عَلى‏ فَرَسِهِ ، وهُوَ يَقولُ :


يا ناقَتي لا تَذعَري مِن زَجري‏وشَمِّري قَبلَ طُلوعِ الفَجرِ
بِخَيرِ رُكبانٍ وخَيرِ سَفرِحَتّى‏ تَحِلّي بِكَريمِ النَّجرِ
الماجِدِ الحُرِّ رَحيبِ الصَّدرِأتى‏ بِهِ اللَّهُ لِخَيرِ أمرِ
ثَمَّتَ أبقاهُ بَقاءَ الدَّهرِ

قالَ : فَلَمَّا انتَهَوا إلَى الحُسَينِ عليه السلام أنشَدوهُ هذِهِ الأَبياتَ ، فَقالَ : أما وَاللَّهِ إنّي لَأَرجو أن يَكونَ خَيراً ما أرادَ اللَّهُ بِنا ، قُتِلنا أم ظَفِرنا .
قالَ : وأقبَلَ إلَيهِمُ الحُرُّ بنُ يَزيدَ ، فَقالَ : إنَّ هؤُلاءِ النَّفَرَ الَّذينَ مِن أهلِ الكوفَةِ لَيسوا مِمَّن أقبَلَ مَعَكَ ، وأنَا حابِسُهُم أو رادُّهُم .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : لَأَمنَعَنَّهُم مِمّا أمنَعُ مِنهُ نَفسي ، إنَّما هؤُلاءِ أنصاري وأعواني ، وقَد كُنتَ أعطَيتَني ألّا تَعرِضَ لي بِشَي‏ءٍ حَتّى‏ يَأتِيَكَ كِتابٌ مِنِ ابنِ زِيادٍ .
فَقالَ : أجَل ، لكِن لَم يَأتوا مَعَكَ ! قالَ : هُم أصحابي ، وهُم بِمَنزِلَةِ مَن جاءَ مَعي ، فَإِن تَمَمتَ عَلى‏ ما كانَ بَيني وبَينَكَ وإلّا ناجَزتُكَ . قالَ : فَكَفَّ عَنهُمُ الحُرُّ .
قالَ : ثُمَّ قالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام : أخبِروني خَبَرَ النّاسِ وَراءَكُم ؟
فَقالَ لَهُ مُجَمِّعُ بنُ عَبدِ اللَّهِ العائِذِيُّ ، وهُوَ أحَدُ النَّفَرِ الأَربَعَةِ الَّذينِ جاؤوهُ : أمّا أشرافُ النّاسِ فَقَد اُعظِمَت رِشوَتُهُم ، ومُلِئَت غَرائِرُهُم ، يُستَمال وُدُّهُم ، ويُستَخلَصُ بِهِ نَصيحَتُهُم ، فَهُم إلبٌ‏۲واحِدٌ عَلَيكَ ، وأمّا سائِرُ النّاسِ بَعدُ ، فَإِنَّ أفئِدَتَهُم تَهوي إلَيكَ ، وسُيوفَهُم غَداً مَشهورَةٌ عَلَيكَ .
قالَ : أخبِروني ، فَهَل لَكُم بِرَسولي إلَيكُم ؟ قالوا : مَن هُوَ ؟ قالَ : قَيسُ بنُ مُسهِرٍ الصَّيداوِيُّ .

1.جَنَبْتُ الدابّة : إذا قدتها إلى جنبك (الصحاح : ج ۱ ص ۱۰۲ «جنب») .

2.الإلبُ - بالفتح والكسر - : القوم يجتمعون على عداوة إنسان (النهاية : ج ۱ ص ۵۹ «ألب») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
566

وعَطَّلُوا الحُدودَ ، وَاستَأثَروا بِالفَي‏ءِ ، وأحَلّوا حَرامَ اللَّهِ ، وحَرَّموا حَلالَهُ ، وأنَا أحَقُّ مِن غَيري بِهذَا الأَمرِ ؛ لِقَرابَتي مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وقَد أتَتني كُتُبُكُم ، وقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكُم بِبَيعَتِكُم أنَّكُم لا تَخذُلونّي ، فَإِن وَفَيتُم لي بِبَيعَتِكُم فَقَدِ استَوفَيتُم حَقَّكُم وحَظَّكُم ورُشدَكُم ، ونَفسي مَعَ أنفُسِكُم ، وأهلي ووُلدي مَعَ أهاليكُم وأولادِكُم ، فَلَكُم فِيَّ اُسوَةٌ .
وإن لَم تَفعَلوا ونَقَضتُم عَهدَكُم ومَواثيقَكُم ، وخَلَعتُم بَيعَتَكُم ، فَلَعَمري ما هِيَ مِنكُم بِنُكرٍ ، لَقَد فَعَلتُموها بِأَبي وأخي وابنِ عَمّي ، هَلِ المَغرورُ إلّا مَنِ اغتَرَّ بِكُم ، فَإِنَّما حَقَّكُم أخطَأتُم ونَصيبَكُم ضَيَّعتُم ، ومَن نَكَثَ فَإِنَّما يَنكُثُ عَلى‏ نَفسِهِ ، وسَيُغنِي اللَّهُ عَنكُم ، وَالسَّلامُ .
قالَ : ثُمَّ طَوى‏ الكِتابَ وخَتَمَهُ ، ودَفَعَهُ إلى‏ قَيسِ بنِ مُسهِرٍ الصَّيداوِيِّ ، وأمَرَهُ أن يَسيرَ إلَى الكوفَةِ .۱

۷۲۰.أنساب الأشراف : تَياسَرَ الحُسَينُ عليه السلام إلى‏ طَريقِ العُذَيبِ وَالقادِسِيَّةِ ، وبَينَهُ - حينَئِذٍ - وبَينَ العُذَيبِ ثَمانِيَةٌ وثَلاثونَ ميلاً ، ثُمَّ إنَّ الحُسَينَ عليه السلام سارَ في أصحابِهِ وَالحُرُّ بنُ يَزيدَ يُسايِرُهُ .
وخَطَبَ الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ : إنَّ هؤُلاءِ قَومٌ لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وتَرَكوا طاعَةَ الرَّحمنِ ، فَأَظهَرُوا الفَسادَ ، وعَطَّلُوا الحُدودَ ، وَاستَأثَروا بِالفَي‏ءِ ، وأنَا أحَقُّ مَن غَيَّرَ ، وقَد أتَتني كُتُبُكُم ، وقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكُم ، فَإِن تُتِمّوا عَلَيَّ بَيعَتَكُم تُصيبوا رُشدَكُم . ووَبَّخَهُم بِما فَعَلوا بِأَبيهِ وأخيهِ قَبلَهُ .
فَقامَ زُهَيرُ بنُ القَينِ فَقالَ : وَاللَّهِ لَو كُنّا فِي الدُّنيا مُخَلَّدينَ ، لَآثَرنا فِراقَها في نُصرَتِكَ ومُواساتِكَ . فَدَعا لَهُ الحُسَينُ عليه السلام بِخَيرٍ .۲

7 / 30

إقبالُ أربَعَةِ نَفَرٍ مِنَ الكوفَةِ مَعَهُمُ الطِّرِمّاحُ بنُ عَدِيٍّ إلَى الإِمامِ عليه السلام

۷۲۱.تاريخ الطبري عن عقبة بن أبي العَيزار : كانَ [الحُرُّ بنُ يَزيدَ الرِّياحِيُّ ]يَسيرُ بِأَصحابِهِ في ناحِيَةٍ ، وحُسَينٌ عليه السلام في ناحِيَةٍ اُخرى‏ ، حَتّى‏ انتَهَوا إلى‏ عُذَيبِ الهِجاناتِ ، وكانَ بِها هَجائِنُ‏۳ النُّعمانِ

1.الفتوح : ج ۵ ص ۸۰ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۴ ؛ بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۱ .

2.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۱ .

3.الهِجَان: الإبل البيض، يستوي فيه المذكّر والمؤنّث، وناقة هجان: أي كريمة (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۶۲ «هجن») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970540
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به