وقُلتُ لَهُ : دَفَعَ اللَّهُ عَنكَ شَرَّ الجِنِّ وَالإِنسِ ، إنّي قَدِ امتَرتُ۱لِأَهلي مِنَ الكوفَةِ ميرَةً ، ومَعي نَفَقَةٌ لَهُم ، فَآتيهِم فَأَضَعُ ذلِكَ فيهِم ، ثُمَّ اُقبِلُ إلَيكَ إن شاءَ اللَّهُ ، فَإِن ألحَقكَ فَوَاللَّهِ لَأَكونَنَّ مِن أنصارِكَ .
قالَ : فَإِن كُنتَ فاعِلاً فَعَجِّل رَحِمَكَ اللَّهُ ! قالَ : فَعَلِمتُ أنَّهُ مُستَوحِشٌ إلَى الرِّجالِ حَتّى يَسأَلُنِي التَّعجيلَ .
قالَ : فَلَمّا بَلَغتُ أهلي وَضَعتُ عِندَهُم ما يُصلِحُهُم ، وأوصَيتُ ، فَأَخَذَ أهلي يَقولونَ : إنَّكَ لَتَصنَعُ مَرَّتُكَ هذِهِ شَيئاً ما كُنتَ تَصنَعُهُ قَبلَ اليَومِ ! فَأَخبَرتُهُم بِما اُريدُ ، وأقبَلتُ في طَريقِ بَني ثُعَلٍ ، حَتّى إذا دَنَوتُ مِن عُذَيبِ الهِجاناتِ استَقبَلَني سَماعَةُ بنُ بَدرٍ ، فَنَعاهُ إلَيَّ ، فَرَجَعتُ .۲
۷۲۲.أنساب الأشراف : تَنَحَّى [الحُرُّ بنُ يَزيدَ] بِأَصحابِهِ في ناحِيَةِ عُذَيبِ الهِجاناتِ - وهِيَ الَّتي كانَت هَجائِنُ النُّعمانِ بنِ المُنذِرِ تَرعى بِها - وإذا هُم بِأَربَعَةٍ نَفَرٍ مُقبِلينَ مِنَ الكوفَةِ عَلى رَواحِلِهِم ، يَجنُبونَ فَرَساً لِنافِعِ بنِ هِلالٍ - يُقالُ لَهُ الكامِلُ - وكانَ الأَربَعَةُ النَّفَرُ : نافِعُ بنُ هِلالٍ المُرادِيُّ ، وعَمرُو بنَ خالِدٍ الصَّيداوِيُّ وسَعدٌ مَولاهُ ، ومُجَمِّعُ بنُ عَبدِ اللَّهِ بنِ العائِذِيِّ مِن مَذحِجٍ .
فَقالَ الحُرُّ : إنَّ هؤُلاءِ القَومَ لَيسوا مِمَّن أقبَلَ مَعَكَ ، فَأَنَا حابِسُهُم أو رادُّهُم .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : إذاً أمنَعَهُم مِمّا أمنَعُ مِنهُ نَفسي ! إنَّما هؤُلاءِ أنصاري وأعواني ، وقَد جَعَلتَ لي ألّا تَعرِضَ لي حَتّى يَأتِيَكَ كتابُ ابنِ زِيادٍ . فَكَفَّ عَنهُم .
وسَأَلَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام عَنِ النّاسِ ، فَقالوا : أمَّا الأَشرافُ فَقد اُعظِمَت رِشوَتُهُم ، ومُلِئَت غَرائِرُهُم لِيُستَمالَ وُدُّهُم ، وتُستَنزَلَ نَصائِحُهُم ، فَهُم عَلَيكَ إلبٌ واحِدٌ ، وما كَتَبوا إلَيكَ إلّا لِيَجعَلوكَ سوقاً وكَسباً . وأمّا سائِرُ النّاسِ بَعدُ ، فَأَفئِدَتُهُم تَهوي إلَيكَ ، وسُيوفُهُم غَداً مَشهورَةٌ عَليكَ .
وكانَ الطِّرِمّاحُ بنُ عَدِيٍّ دَليلَ هؤُلاءِ النَّفَرِِ ، فَأَخَذَ بِهِم عَلَى الغَرِيَّينِ ، ثُمَّ ظَعَنَ بِهِم فِي الجَوفِ ، وخَرَجَ بِهِم عَلَى البَيضَةِ إلى عُذَيبِ الهِجاناتِ ، وكانَ يَقولُ وهُوَ يَسيرُ :