581
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

وقَبِلنا مَشورَتَكَ ؟ فَقالَ : صَدَقتَ ، ولكِن هذا كِتابُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ قَد وَرَدَ عَلَيَّ ، يُؤَنِّبُني ويُعَنِّفُني في أمرِكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَذَرنا حَتّى‏ نَنزِلَ بِقَريَةِ نينَوى‏ أوِ الغاضِرِيَّةِ ، فَقالَ الحُرُّ : لا وَاللَّهِ ما أستَطيعُ ذلِكَ ، هذا رَسولُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ مَعي ، ورُبَّما بَعَثَهُ عَيناً عَلَيَّ .
قالَ : فَأَقبَلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام عَلى‏ رَجُلٍ مِن أصحابِهِ يُقالُ لَهُ زُهَيرُ بنُ القَينِ البَجَلِيُّ ، فَقالَ لَهُ : يَابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ ! ذَرنا حَتّى‏ نُقاتِلَ هؤُلاءِ القَومَ ؛ فَإِنَّ قِتالَنا السّاعَةَ - نَحنُ وإيّاهُم - أيسَرُ عَلَينا وأهوَنُ مِن قِتالِ مَن يَأتينا مِن بَعدِهِم .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : صَدَقتَ يا زُهَيرُ ! ولكِن ما كُنتُ بِالَّذي اُنذِرُهُم‏۱ بِقِتالٍ حَتّى‏ يَبتَدِروني . فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : فَسِر بِنا حَتّى‏ نَصيرَ بِكَربَلاءَ ؛ فَإِنَّها عَلى‏ شاطِئِ الفُراتِ ، فَنَكونَ هُنالِكَ ، فَإِن قاتَلونا قاتَلناهُم وَاستَعَنّا بِاللَّهِ عَلَيهِم .
قالَ : فَدَمِعتَ عَينا الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ : اللَّهُمَّ ! ثُمَّ اللَّهُمَّ ! إنّي أعوذُ بِكَ مِنَ الكَربِ وَالبَلاءِ . قالَ : ونَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام في مَوضِعِهِ ذلِكَ ، ونَزَلَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ حِذاءَهُ في ألفِ فارِسٍ .۲

۷۳۶.الملهوف : وسارَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى‏ صارَ عَلى‏ مَرحَلَتَينِ مِنَ الكوفَةِ ، فَإِذا بِالحُرِّ بنِ يَزيدَ في ألفِ فارِسٍ . فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : ألَنا أم عَلَينا ؟ فَقالَ : بَل عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، فَقالَ : لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظيمِ ! ثُمَّ تَرادَّ القَولُ بَينَهُما ، حَتّى‏ قالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : فَإِذا كُنتُم عَلى‏ خِلافِ ما أتَتني بِهِ كُتُبُكُم ، وقَدِمَت بِهِ عَلَيَّ رُسُلُكُم ، فَإِنّي أرجِعُ إلَى المَوضِعِ الَّذي أتَيتُ مِنهُ ؛ فَمَنَعَهُ الحُرُّ وأصحابُهُ مِن ذلِكَ ، وقالَ : لا ، بَل خُذ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ طَريقاً لا يُدخِلُكَ الكوفَةَ ، ولا يوصِلُكَ إلَى المَدينَةِ ، لِأَعتَذِرَ إلَى ابنِ زِيادٍ بِأَنَّكَ خالَفتَنِي الطَّريقَ . فَتَياسَرَ الحُسَينُ عليه السلام ، حَتّى‏ وَصَلَ إلى‏ عُذَيبِ الهِجاناتِ .
قالَ : فَوَرَدَ كِتابُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ إلَى الحُرِّ يَلومُهُ في أمرِ الحُسَينِ عليه السلام ، ويَأمُرُهُ بِالتَّضييقِ عَلَيهِ . فَعَرَضَ لَهُ الحُرُّ وأصحابُهُ ، ومَنَعوهُ مِنَ المَسيرِ .

1.كذا في المصدر ، وفي مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «لأبدأهم» .

2.الفتوح : ج ۵ ص ۸۰ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۴ نحوه .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
580

بِكَ مِنَ العَقرِ۱ ، ثُمَّ نَزَلَ ، وذلِكَ يَومُ الخَميسِ ، وهُوَ اليَومُ الثّاني مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ إحدى‏ وسِتّينَ ، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ قَدِمَ عَلَيهِم عُمَرُ بنُ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ مِنَ الكوفَةِ في أربَعَةِ آلافٍ .۲

۷۳۴.الفتوح : وإذا كِتابٌ قَد وَرَدَ مِنَ الكوفَةِ : مِن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ إلَى الحُرِّ بنِ يَزيدَ ، أمّا بَعدُ ، يا أخي ! إذا أتاكَ كِتابي فَجَعجِع بِالحُسَينِ ، ولا تُفارِقهُ حَتّى‏ تَأتِيَني بِهِ ؛ فَإِنّي أمَرتُ رَسولي ألّا يُفارِقَكَ ، حَتّى‏ يَأتِيَني بِإِنفاذِ أمري إلَيكَ ، وَالسَّلامُ .
قالَ : فَلَمّا قَرَأَ الحُرُّ الكِتابَ ، بَعَثَ إلى‏ ثِقاتِ أصحابِهِ فَدَعاهُم ، ثُمَّ قالَ : وَيحَكُم ! وَرَدَ عَلَيَّ كِتابُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ يَأمُرُني أن أقدَمَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام بِما يَسوؤُهُ ، ووَاللَّهِ ما تُطاوِعُني نَفسي ، ولا تُجيبُني إلى‏ ذلِكَ .
فَالتَفَتَ رَجُلٌ مِن أصحابِ الحُرِّ بنِ يَزيدَ - يُكَنّى أبَا الشَّعثاءِ الكِندِيَّ - إلى‏ رَسولِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، فَقالَ لَهُ : فيماذا جِئتَ ثَكِلَتكَ‏۳ اُمُّكُ ؟! فَقالَ لَهُ : أطَعتُ إمامي ، ووَفَيتُ بِبَيعَتي ، وجِئتُ بِرِسالَةِ أميري .
فَقالَ لَهُ أبُو الشَّعثاءِ : لَقَد عَصَيتَ رَبَّكَ ، وأطَعتَ إمامَكَ ، وأهلَكتَ نَفسَكَ ، وَاكتَسَبتَ عاراً ؛ فَبِئسَ الإِمامُ إمامُكَ ! قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ : «وَ جَعَلْنَهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ لَا يُنصَرُونَ »۴ . ۵

۷۳۵.الفتوح : وأصبَحَ الحُسَينُ عليه السلام مِن وَراءِ عُذَيبِ الهِجاناتِ ، وإذا بِالحُرِّ بنِ يَزيدَ قَد ظَهَرَ لَهُ أيضاً في جَيشِهِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : ما وَراءَكَ يَابنَ يَزيدَ ! ألَيسَ قَد أمَرتَنا أن نَأخُذَ عَلَى الطَّريقِ فَأَخَذنا

1.العَقْر : الجرح ، وأيضاً أثرَه ، كالحَزِّ في قوائم الفَرَس والإبل ، يقال : عَقَر - أي الفرسَ والإبلَ - بالسيف : قَطَعَ قوائِمَهُ (تاج العروس : ج ۷ ص ۲۴۶ و ۲۴۷ «عقر») .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۸ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۵ ، الأخبار الطوال : ص ۲۵۱ ، تجارب الاُمم : ج ۲ ص ۶۷ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۸۲ وفيه «يزيد بن المهاجر الكناني» ، روضة الواعظين : ص ۱۹۹ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۵۰ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۰ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۴ ومثير الأحزان : ص ۴۸ .

3.ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ : أي فقدتك ، والثُّكْل : فقد الولد (النهاية : ج ۱ ص ۲۱۷ «ثكل») .

4.القصص : ۴۱ .

5.الفتوح : ج ۵ ص ۷۷ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۱ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922493
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به