611
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

فَقالَ : حاجَتي إلَيكُم قَد أتَيتُكُم بِخَيرِ ما أتى‏ بِهِ وافِدٌ إلى‏ قَومٍ ، أتَيتُكُم أدعوكُم إلى‏ نُصرَةِ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ؛ فَإِنَّهُ في عِصابَةٍ مِنَ المُؤمِنينَ ، الرَّجُلُ مِنهُم خَيرٌ مِن ألفِ رَجُلٍ ، لَن يَخذُلوهُ ولَن يُسلِموهُ وفيهِم عَينٌ نَظَرَت ، وهذا عُمَرُ بنُ سَعدٍ قَد أحاطَ بِهِ فِي اثنَينِ وعِشرينَ ألفٍ ، وأنتُم قَومي وعَشيرَتي ، وقَد جِئتُكُم بِهذِهِ النَّصيحَةِ ، فَأَطيعونِي اليَومَ في نُصرَتِهِ تَنالوا۱ غَداً شَرَفاً فِي الآخِرَةِ ؛ فَإِنّي اُقسِمُ بِاللَّهِ ، أنَّهُ لا يُقتَلُ مِنكُم رَجُلٌ مَعَ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله صابِراً مُحتَسِباً إلّا كانَ رَفيقَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله في أعلى‏ عِلِّيّينَ .
قالَ : فَوَثَبَ رَجُلٌ مِن بَني أسَدٍ يُقالُ لَهُ بِشرُ بنُ عُبَيدِ اللَّهِ ، فَقالَ : وَاللَّهِ ، أنَا أوَّلُ مَن أجابَ إلى‏ هذِهِ الدَّعوَةِ : ثُمَّ أنشَأَ يَقولُ :


قَد عَلِمَ القَومُ إذا تَواكَلواوأحجَمَ الفُرسانُ أو تَناصَلوا
إنّي شُجاعٌ بَطَلٌ مُقاتِلُ‏كَأَنَّني لَيثٌ عَرينٌ باسِلُ‏
قالَ : ثُمَّ تَبادَرَ رِجالُ الحَيِّ مَعَ حَبيبِ بنِ مُظاهِرٍ الأَسَدِيِّ .
قالَ : وخَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الحَيِّ في ذلِكَ الوَقتِ حَتّى‏ صارَ إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدٍ في جَوفِ الَّليلِ ، فَخَبَّرَهُ بِذلِكَ .
فَدَعا رَجُلاً مِن أصحابِهِ يُقالُ لَهُ الأَزرَقُ بنُ حَربٍ الصَّيداوِيُّ ، فَضَمَّ إلَيهِ أربَعَةَ آلافِ فارِسٍ ، ووَجَّهَ بِهِ في جَوفِ اللَّيلِ إلى‏ حَيِّ بَني أسَدٍ مَعَ الرَّجُلِ الَّذي جاءَ بِالخَبَرِ .
قالَ : فَبَينَمَا القَومُ في جَوفِ اللَّيلِ قَد أقبَلوا يُريدونَ مُعَسكَرَ الحُسَينِ عليه السلام ، إذِ استَقبَلَهُم جُندُ عُمَرَ بنِ سَعدٍ عَلى‏ شاطِئِ الفُراتِ ، قالَ : فَتَناوَشَ القَومُ بَعضُهُم بَعضاً ، وَاقتَتَلوا قِتالاً شَديداً ، وصاحَ بِهِ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ : وَيلَكَ يا أزرَقُ ! ما لَكَ ولَنا ؟ دَعنا ! قالَ : وَاقتَتَلوا قِتالاً شَديداً . فَلَمّا رَأَى القَومُ بِذلِكَ انهَزَموا راجِعينَ إلى‏ مَنازِلِهِم .
فَرَجَعَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ إلَى الحُسَينِ عليه السلام فَأَعلَمَهُ بِذلِكَ الخَبَرِ ، فَقالَ : لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظيمِ .۲

1.في المصدر: «تنالون» ، والصواب ما أثبتناه كما في المصدرَينِ الآخَرين .

2.الفتوح : ج ۵ ص ۹۰ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۴۳ نحوه وفيه «عبد اللَّه بن بشر» بدل «بشر بن عبيد اللَّه» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۶ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
610

فَلَمّا قَرَأَ ، عُبَيدُ اللَّهِ الكِتابَ قالَ : هذا كِتابُ ناصِحٍ مُشفِقٍ عَلى‏ قَومِهِ .
فَقامَ إلَيهِ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ ، فَقالَ : أتَقبَلُ هذا مِنهُ وقَد نَزَلَ بِأَرضِكَ وإلى‏ جَنبِكَ ؟ وَاللَّهِ ، لَئِن رَحَلَ مِن بِلادِكَ ولَم يَضَعَ يَدَهُ في يَدِكَ لَيَكونَنَّ أولى‏ بِالقُوَّةِ ، ولَتَكونَنَّ أولى‏ بِالضَّعفِ وَالعَجزِ ، فَلا تُعطِهِ هذِهِ المَنزِلَةَ ، فَإِنَّها مِنَ الوَهَنِ ، ولكِن لِيَنزِل عَلى‏ حُكمِكَ هُوَ وأصحابُهُ ، فَإِن عاقَبتَ فَأَنتَ أولى‏ بِالعُقوبَةِ ، وإن عَفَوتَ كانَ ذلِكَ لَكَ .
قالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : نِعمَ ما رَأَيتَ ، الرَّأيُ رَأيُكَ ، اخرُج بِهذَا الكِتابِ إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَليَعرِض عَلَى الحُسَينِ وأصحابِهِ النُّزولَ عَلى‏ حُكمي ، فَإِن فَعَلوا فَليَبعَث بِهِم إلَيَّ سِلماً ، وإن هُم أبَوا فَليُقاتِلهُم ، فَإِن فَعَلَ فَاسمَع لَهُ وأطِع ، وإن أبى‏ أن يُقاتِلَهُم فَأَنتَ أميرُ الجَيشِ ، وَاضرِب عُنُقَهُ ، وَابعَث إلَيَّ بِرَأسِهِ ... .
فَأَقبَلَ شِمرٌ بِكِتابِ عُبَيدِ اللَّهِ إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَلَمّا قَدِمَ عَلَيهِ وقَرَأَهُ ، قالَ لَهُ عُمَرُ : ما لَكَ وَيلَكَ ؟ لا قَرَّبَ اللَّهُ دارَكَ ، قَبَّحَ اللَّهُ ما قَدِمتَ بِهِ عَلَيَّ ، وَاللَّهِ ، إنّي لَأَظُنُّكَ أنَّكَ نَهَيتَهُ أن يَقبَلَ ما كَتَبتُ بِهِ إلَيهِ ، وأفسَدتَ عَلَينا أمرَنا .۱

1 / 10

جُهودُ حَبيبِ بنِ مُظاهِرٍ لِنُصرَةِ الإِمامِ عليه السلام فِي السّادِسِ مِنَ المُحَرَّمِ‏

۷۷۸.الفتوح : اِلتَأَمَتِ العَساكِرُ إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدٍ لِسِتٍّ مَضَينَ مِنَ المُحَرَّمِ .
وأقبَلَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ الأَسَدِيُّ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقالَ : هاهُنا حَيٌّ مِن بَني أسَدٍ بِالقُربِ مِنّي أوَ تَأذَنُ لي أن أسيرَ إلَيهِم أدعوهُم إلى‏ نُصرَتِكَ ، فَعَسَى اللَّهُ أن يَدفَعَ بِهِم عَنكَ بَعضَ ما تَكرَهُ !
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : قَد أذِنتُ لَكَ يا حَبيبُ .
قالَ : فَخَرَجَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ في جَوفِ اللَّيلِ مُنكَراً حَتّى‏ صارَ إلى‏ اُولئِكَ القَومِ ، فَحَيّاهُم وحَيَّوهُ ، وعَرَفوا أنَّهُ مِن بَني أسَدٍ ، فَقالوا : ما حاجَتُكَ يَابنَ عَمٍّ ؟

1.الإرشاد : ج ۲ ص ۸۷ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۱ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۵۲ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۹ وراجع : مثير الأحزان : ص ۵۰ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1971080
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به