فَلَمّا قَرَأَ ، عُبَيدُ اللَّهِ الكِتابَ قالَ : هذا كِتابُ ناصِحٍ مُشفِقٍ عَلى قَومِهِ .
فَقامَ إلَيهِ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ ، فَقالَ : أتَقبَلُ هذا مِنهُ وقَد نَزَلَ بِأَرضِكَ وإلى جَنبِكَ ؟ وَاللَّهِ ، لَئِن رَحَلَ مِن بِلادِكَ ولَم يَضَعَ يَدَهُ في يَدِكَ لَيَكونَنَّ أولى بِالقُوَّةِ ، ولَتَكونَنَّ أولى بِالضَّعفِ وَالعَجزِ ، فَلا تُعطِهِ هذِهِ المَنزِلَةَ ، فَإِنَّها مِنَ الوَهَنِ ، ولكِن لِيَنزِل عَلى حُكمِكَ هُوَ وأصحابُهُ ، فَإِن عاقَبتَ فَأَنتَ أولى بِالعُقوبَةِ ، وإن عَفَوتَ كانَ ذلِكَ لَكَ .
قالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : نِعمَ ما رَأَيتَ ، الرَّأيُ رَأيُكَ ، اخرُج بِهذَا الكِتابِ إلى عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَليَعرِض عَلَى الحُسَينِ وأصحابِهِ النُّزولَ عَلى حُكمي ، فَإِن فَعَلوا فَليَبعَث بِهِم إلَيَّ سِلماً ، وإن هُم أبَوا فَليُقاتِلهُم ، فَإِن فَعَلَ فَاسمَع لَهُ وأطِع ، وإن أبى أن يُقاتِلَهُم فَأَنتَ أميرُ الجَيشِ ، وَاضرِب عُنُقَهُ ، وَابعَث إلَيَّ بِرَأسِهِ ... .
فَأَقبَلَ شِمرٌ بِكِتابِ عُبَيدِ اللَّهِ إلى عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَلَمّا قَدِمَ عَلَيهِ وقَرَأَهُ ، قالَ لَهُ عُمَرُ : ما لَكَ وَيلَكَ ؟ لا قَرَّبَ اللَّهُ دارَكَ ، قَبَّحَ اللَّهُ ما قَدِمتَ بِهِ عَلَيَّ ، وَاللَّهِ ، إنّي لَأَظُنُّكَ أنَّكَ نَهَيتَهُ أن يَقبَلَ ما كَتَبتُ بِهِ إلَيهِ ، وأفسَدتَ عَلَينا أمرَنا .۱
1 / 10
جُهودُ حَبيبِ بنِ مُظاهِرٍ لِنُصرَةِ الإِمامِ عليه السلام فِي السّادِسِ مِنَ المُحَرَّمِ
۷۷۸.الفتوح : اِلتَأَمَتِ العَساكِرُ إلى عُمَرَ بنِ سَعدٍ لِسِتٍّ مَضَينَ مِنَ المُحَرَّمِ .
وأقبَلَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ الأَسَدِيُّ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقالَ : هاهُنا حَيٌّ مِن بَني أسَدٍ بِالقُربِ مِنّي أوَ تَأذَنُ لي أن أسيرَ إلَيهِم أدعوهُم إلى نُصرَتِكَ ، فَعَسَى اللَّهُ أن يَدفَعَ بِهِم عَنكَ بَعضَ ما تَكرَهُ !
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : قَد أذِنتُ لَكَ يا حَبيبُ .
قالَ : فَخَرَجَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ في جَوفِ اللَّيلِ مُنكَراً حَتّى صارَ إلى اُولئِكَ القَومِ ، فَحَيّاهُم وحَيَّوهُ ، وعَرَفوا أنَّهُ مِن بَني أسَدٍ ، فَقالوا : ما حاجَتُكَ يَابنَ عَمٍّ ؟