63
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

محدودة ، بل يجب النظر إليها على أنّها اُسطورة يمتدّ تأثيرها من الزمان الخطّي المتناهي إلى دائرة الزمان اللّامتناهي . ولم يذكر هؤلاء دليلاً على هذا الرأي .

2 . نظرية إقامة الدولة

يرى بعض علماء الشيعة الكبار - مثل : الشيخ المفيد والشريف المرتضى وكذلك بعض العلماء المعاصرين - ، أنّ الإمام الحسين عليه السلام ثار من أجل إقامة الحكم ، ويرى أصحاب هذا الرأي أن الإمام الحسين عليه السلام انطلق من المدينة إلى مكّة؛ لئلّا يبايع يزيد بن معاوية ، وعندما أخبره مسلم بن عقيل بنصرة أهل الكوفة له انطلق نحوها بهدف إقامة الحكم وإحياء سنّة رسول اللَّه.
ويرى الشيخ المفيد في المسائل العكبريّة خلال سؤال وجواب ، أنّ هدف الإمام هو الانتصار على الأعداء كما هو شأن كافّة المجاهدين :
... وما بال الحسين بن عليّ عليه السلام صار إلى الكوفة وقد علم أنّهم يخذلونه ولا ينصرونه وأنّه مقتول في سفرته تلك؟ . . . فأمّا علم الحسين عليه السلام بأنّ أهل الكوفة خاذلوه فلسنا نقطع على ذلك، إذ لا حجّة عليه من عقل ولا سمع .۱
ويُعدّ الشيخ الصالحي نجف آبادي الشخص الوحيد الذي تبنّى في عصرنا الحالي نظريّة إقامة الحكم وحاول إقامة الأدلّة عليها. ويرى أنّ هدف الإمام لم يكن معيّناً سلفاً، بل كان يتّخذ التصميم المناسب حسب الظروف ، وكان يسعى لتحقيق هدف معيّن في كلّ ظرف ، وهو يرى أنّ ثورة الإمام الحسين كانت على أربع مراحل، وكان عليه السلام يسعى في كلّ مرحلة لتحقيق هدف معيّن .
ويذكّر بأن الرأي الشائع بين أهل السنّة في تحليل حادثة عاشوراء هو إقامة الحكم أيضاً .
وقد خصّص ابن كثير عنوان أحد أبحاث كتابه لهذا الموضوع ، وهو «قصّة الحسين بن عليّ عليه السلام وسبب خروجه في طلب الإمارة»۲.
ومن الواضح أنّ صراحة أهل السنّة في البيان وعدم اختلافهم في هذا المجال يعودان إلى

1.المسائل العكبرية : ص ۶۹ - ۷۱، بحار الأنوار: ج ۴۲ ص ۲۵۷ - ۲۵۸ .

2.البداية والنهاية: ج ۸ ص ۱۴۹.


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
62

بعدها الاقتداء به. واستناداً إلى وجهة النظر هذه، فإنّ ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت حالة استثنائيّة ولم تكن قاعدة عامّة، ولا يمكن أن نجعل من هذا الاستثناء قاعدة.
كتب أحد العلماء قائلاً :
لا يمكن أن يقال حول وقعة كربلاء شي‏ء سوى التكليف الشخصي .۱

ب - شهيد الفداء

هذه النظريّة لا تخلو من شبه بنظريّة المسيحيّة بشأن صلب عيسى عليه السلام ، فكما أنّه ارتضى أن يُصلب كي يفتدي البشر من ذنوبهم، فقد استشهد الإمام الحسين عليه السلام كي يطهّر الاُمّة من ذنوبها ويكون شفيعها. وهذه النظريّة هي في الحقيقة تفسير مسيحي للثورة الحسينية ، وليس لها أيّ سند في النصوص الدينيّة .

ج - الشهادة السياسية

تعدّ نظريّة الشهادة السياسيّة أشهر تفسير لهدف الإمام الحسين عليه السلام من ثورته. ويتمّ اليوم بيان هذه النظريّة ونشرها دوماً في الكتب والمحاضرات ، وهذا التفسير هو في الحقيقة تحليل سياسي لثورة الإمام الحسين عليه السلام ومستلهم من الإسلام السياسي . فبعد أن عاش المسلمون اليوم الإسلام السياسي وبرزت أبعاده السياسية في أنظارهم ، استخرجوا منه هذه النظريّة .
يقول السيّد هبة الدين الشهرستاني :
فالحسين عليه السلام وجد نفسه مقتولاً إذا لم يبايع ، ومقتولاً إذا بايع ، لكنّه إن بايع اشترى مع قتله قتلَ مجده ، وقتل آثار جدّه ، أمّا إذا لم يبايع فإنّما هي قتلة واحدة تحيى‏ بها الاُمّة ، وشعائر الدين والشرافة الخالدة .۲

د - الشهادة الاُسطورية

يرى بعض الباحثين المعاصرين ، أنّ شهادة الإمام الحسين عليه السلام يجب ألّا يُنظر إليها باعتبارها أمراً سياسياً ، وألّا تخرج من حالتها الاُسطوريّة والغامضة كي لا تقتصر دائرة تأثيرها على فئة

1.مقصد الحسين: ص ۹.

2.نهضة الحسين : ص ۳۱.

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970733
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به