637
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ : ثُمَّ جاءَ بِها حَتّى‏ أجلَسَها عِندي ، وخَرَجَ إلى‏ أصحابِهِ ، فَأَمَرَهُم أن يُقَرِّبوا بَعضَ بُيوتِهِم مِن بَعضٍ ، وأن يُدخِلُوا الأَطنابَ‏۱بَعضَها في بَعضٍ ، وأن يَكونوا هُم بَينَ البُيوتِ إلَّا الوَجهَ الَّذي يَأتيهِم مِنهُ عَدُوُّهُم .۲

۸۲۸.مقاتل الطالبيّين عن الحرث بن كعب عن عليّ بن الحسين [زين العابدين‏] عليه السلام : إنّي وَاللَّهِ لَجالِسٌ مَعَ أبي في تِلكَ اللَّيلَةِ ، وأنَا عَليلٌ ، وهُوَ يُعالِجُ سِهاماً لَهُ ، وبَينَ يَدَيهِ جَونٌ مَولى‏ أبي ذَرٍّ الغِفارِيِّ ، إذِ ارتَجَزَ الحُسَينُ عليه السلام :


يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ‏كَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ‏
مِن صاحِبٍ و ماجِدٍ قَتيلِ‏وَالدَّهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ‏
وَالأَمرُ في ذاكَ إلَى الجَليلِ‏وكُلُّ حَيٍّ سالِكُ السَّبيلِ‏
قالَ : وأمّا أنَا فَسَمِعتُهُ ورَدَدتُ عَبرَتي .
وأمّا عَمَّتي فَسَمِعَتهُ دونَ النِّساءِ ، فَلَزِمَتهَا الرِّقَّةُ وَالجَزَعُ ، فَشَقَّت ثَوبَها ، ولَطَمَت وَجهَها ، وخَرَجَت حاسِرَةً تُنادي : وَاثُكلاه ! واحُزناه ! لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ ، يا حُسَيناه! يا سَيِّداه ! يا بَقِيَّةَ أهلِ بَيتاه ! استَقَلتَ‏۳ ويَئِستَ مِنَ الحَياةِ ، اليَومَ ماتَ جَدّي رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله واُمّي فاطِمَةُ الزَّهراءُ وأبي عَلِيٌّ وأخِي الحَسَنُ ! يا بَقِيَّةَ الماضينَ وثِمالَ الباقينَ .
فَقالَ لَها الحُسَينُ عليه السلام : يا اُختي! لَو تُرِكَ القَطا لَنامَ .
قالَت : فَإِنَّما تُغتَصَبُ نَفسُكَ اغتِصاباً ، فَذاكَ أطوَلُ لِحُزني ، وأشجى‏ لِقَلبي ! وخَرَّت مَغشِيّاً عَلَيها ، فَلَم يَزَل يُناشِدُها ، وَاحتَمَلَها حَتّى‏ أدخَلَهَا الخِباءَ .۴

1.الطَنَبُ : حبل الخباء ، والجمع أطناب (الصحاح : ج ۱ ص ۱۷۲ «طنب») .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۰ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۹ ، المنتظم : ج ۵ ص ۳۳۸ كلاهما من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۷۷ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۹۳ ، تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۴۳ وليس فيه ذيله من «فأمرهم» ، إعلام‏الورى : ج ۱ ص ۴۵۶ كلّها نحوه ، روضة الواعظين : ص ۲۰۳ وليس فيه ذيله من «فأمّا عمّتي» ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱ وراجع : تذكرة الخواصّ : ص ۲۴۹ والأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۷۷ .

3.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب : «استقتَلتَ» ، كما في بعض النقول .

4.مقاتل الطالبيّين : ص ۱۱۳ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
636

في تِلكَ العَشِيَّةِ الَّتي قُتِلَ أبي صَبيحَتَها ، وعَمَّتي زَينَبُ عِندَي تُمَرِّضُني ، إذِ اعتَزَلَ أبي بِأَصحابِهِ في خِباءٍ لَهُ ، وعِندَهُ حُوَيٌ‏۱ مَولى‏ أبي ذَرٍّ الغِفارِيِّ ، وهُوَ يُعالِجُ سَيفَهُ ويُصلِحُهُ ، وأبي يَقولُ :


يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ‏كَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ‏
مِن صاحِبٍ أو طالِبٍ قَتيلِ‏وَالدَّهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ‏
وإنَّمَا الأَمرُ إلَى الجَليلِ‏وكُلُّ حَيٍّ سالِكُ السَّبيلِ‏
قالَ : فَأَعادَها مَرَّتَينِ أو ثَلاثاً حَتّى‏ فَهِمتُها ، فَعَرَفتُ ما أرادَ ، فَخَنَقَتني عَبرَتي ، فَرَدَدتُ دَمعي ولَزِمتُ السُّكونَ ، فَعَلِمتُ أنَّ البَلاءَ قَد نَزَلَ ، فَأَمّا عَمَّتي فَإِنَّها سَمِعَت ما سَمِعتُ ، وهِيَ امرَأَةٌ ، وفِي النِّساءِ الرِّقَّةُ وَالجَزَعُ ، فَلَم تَملِك نَفسَها أن وَثَبَت تَجُرُّ ثَوبَها ، وإنَّها لَحاسِرَةٌ حَتَّى انتَهَت إلَيهِ ، فَقالَت : وَاثُكْلاه ! لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ ! اليَومَ ماتَت فاطِمَةُ اُمّي وعَلِيٌّ أبي وحَسَنٌ أخي ! يا خَليفَةَ الماضي وثِمالَ‏۲الباقي .۳
قالَ : فَنَظَرَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ : يا اُخَيَّةُ ، لا يُذهِبَنَّ حِلمَكِ الشَّيطانُ .
قالَت : بِأَبي أنتَ واُمّي يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، استَقتَلتَ نَفسي فِداكَ ! فَرَدَّ غُصَّتَهُ ، وتَرَقرَقَت عَيناهُ ، وقالَ : لَو تُرِكَ القَطا لَيلاً لَنامَ ،۴قالَت : يا وَيلَتى‏ ، أفَتُغصَبُ نَفسُكَ اغتِصاباً ، فَذلِكَ أقرَحُ لِقَلبي ، وأشَدُّ عَلى‏ نَفسي ! ولَطَمَت وَجهَها ، وأهوَت إلى‏ جَيبِها وشَقَّتهُ ، وخَرَّت مَغشِيّاً عَلَيها .
فَقامَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه السلام ، فَصَبَّ عَلى‏ وَجهِهَا الماءَ ، وقالَ لَها : يا اُخَيَّةُ ، اتَّقِي اللَّهَ وتَعَزَّي بِعَزاءِ اللَّهِ ، وَاعلَمي أنَّ أهلَ الأَرضِ يَموتونَ ، وأنَّ أهلَ السَّماءِ لا يَبقَونَ ، وأنَّ كُلَّ شَي‏ءٍ هالِكٌ إلّا وَجهَ اللَّهِ الَّذي خَلَقَ الأَرضَ بِقُدرَتِهِ ، ويَبعَثُ الخَلقَ فَيَعودونَ ، وهُوَ فَردٌ وَحدَهُ ، أبي خَيرٌ مِنّي ، واُمّي خَيرٌ مِنّي ، وأخي خَيرٌ مِنّي ، ولي ولَهُم ولِكُلِّ مُسلِمٍ بِرَسولِ اللَّهِ اُسوَةٌ .
قالَ : فَعَزّاها بِهذا ونَحوِهِ ، وقالَ لَها : يا اُخَيَّةُ ، إنّي اُقسِمُ عَلَيكِ فَأَبِرِّي قَسَمي ، لا تَشُقّي عَلَيَّ جَيباً، ولا تَخمُشي عَلَيَّ وَجهاً، ولا تَدعي عَلَيَّ بِالوَيلِ وَالثُّبورِ إذا أنَا هَلَكتُ .

1.في الإرشاد وإعلام الورى : «جوين» وفي مقاتل الطالبيّين «جون» بدل «حويّ» .

2.الثِمالُ : الملجأ والغياث ، وقيل : هو المُطعِم في الشِدّة (النهاية : ج ۱ ص ۲۲۲ «ثمل») .

3.كذا فى المصدر ، وفى الملهوف (ص ۱۳۹) : يا خليفة الماضين وثمال الباقين!

4.هو مثل عربي رائج ، ويراد منه هنا: إنّهم لا يتركونني هادئ البال ، بل يلاحقونني أينما ذهبت .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1979298
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به