۸۵۲.تاريخ الطبري عن الضحّاك المشرقيّ : كانَ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام فَرَسٌ لَهُ يُدعى لاحِقاً حَمَلَ عَلَيهِ ابنَهُ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام ، قالَ : فَلَمّا دَنا مِنهُ القَومُ عادَ بِراحِلَتِهِ فَرَكِبَها ، ثُمَّ نادى بِأَعلى صَوتِهِ دُعاءً يُسمِعُ جُلَّ النّاسِ :
أيُّهَا النّاسُ ! اِسمَعوا قَولي ، ولا تُعجِلوني حَتّى أعِظَكُم بِما لِحَقٍّ لَكُم عَلَيَّ ،۱ وحَتّى أعتَذِرَ إلَيكُم مِن مَقدَمي عَلَيكُم ، فَإِن قَبِلتُم عُذري ، وصَدَّقتُم قَولي ، وأعطَيتُمونِي النَّصَفَ ، كُنتُم بِذلِكَ أسعَدَ ، ولَم يَكُن لَكُم عَلَيَّ سَبيلٌ ، وإن لَم تَقبَلوا مِنِّي العُذرَ ، ولَم تُعطُوا النَّصَفَ مِن أنفُسِكُم «فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَ شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَىَّ وَ لَا تُنظِرُونِ»۲ ، «إِنَّ وَلِيِّىَ اللَّهُ الَّذِى نَزَّلَ الْكِتَبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّلِحِينَ»۳.
قالَ : فَلَمّا سَمِعَ أخَواتُهُ كَلامَهُ هذا صِحنَ وبَكَينَ ، وبَكى بَناتُهُ ، فَارتَفَعَت أصواتُهُنَّ ، فَأَرسَلَ إلَيهِنَّ أخاهُ العَبّاسَ بنَ عَلِيٍّ وعَلِيّاً عليهما السلام ابنَهُ ، وقالَ لَهُما: أسكِتاهُنَّ ، فَلَعَمري لَيَكثُرَنَّ بُكاؤُهُنَّ ... .
فَلَمّا سَكَتنَ حَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وذَكَرَ اللَّهَ بِما هُوَ أهلُهُ ، وصَلّى عَلى مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله وعَلى مَلائِكَتِهِ وأنبِيائِهِ ، فَذَكَرَ مِن ذلِكَ مَا اللَّهُ أعلَمُ وما لا يُحصى ذِكرُهُ .
قالَ : فَوَاللَّهِ ، ما سَمِعتُ مُتَكَلِّماً قَطُّ قَبلَهُ ولا بَعدَهُ أبلَغَ في مَنطِقٍ مِنهُ .
ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، فَانسُبوني فَانظُروا مَن أنَا ، ثُمَّ ارجِعوا إلى أنفُسِكُم وعاتِبوها ، فَانظُروا هَل يَحِلُّ لَكُم قَتلي وَانتِهاكُ حُرمَتي ؟
ألَستُ ابنَ بِنتِ نَبِيِّكُم صلى اللَّه عليه وآله وَابنَ وَصِيِّهِ وَابنِ عَمِّهِ ، وأوَّلِ المُؤمِنينَ بِاللَّهِ وَالمُصَدِّقِ لِرَسولِهِ بِما جاءَ بِهِ مِن عِندِ رَبِّهِ ؟ أوَلَيسَ حَمزَةُ سَيِّدُ الشُّهَداءِ عَمَّ أبي ؟ أوَلَيسَ جَعفَرٌ الشَّهيدُ الطَّيّارُ ذُو الجَناحَينِ عَمّي ؟ أوَلَم يَبلُغكُم قَولٌ مُستَفيضٌ فيكُم : إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قالَ لي ولِأَخي : «هذانِ سَيِّدا شَبابِ أهِلِ الجَنَّةِ» ؟
فَإِن صَدَّقتُموني بِما أقولُ ، وهُوَ الحَقُّ ، فَوَاللَّهِ ، ما تَعَمَّدتُ كَذِباً مُذ عَلِمتُ أنَّ اللَّهَ يَمقُتُ