659
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

۸۵۲.تاريخ الطبري عن الضحّاك المشرقيّ : كانَ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام فَرَسٌ لَهُ يُدعى‏ لاحِقاً حَمَلَ عَلَيهِ ابنَهُ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام ، قالَ : فَلَمّا دَنا مِنهُ القَومُ عادَ بِراحِلَتِهِ فَرَكِبَها ، ثُمَّ نادى‏ بِأَعلى‏ صَوتِهِ دُعاءً يُسمِعُ جُلَّ النّاسِ :
أيُّهَا النّاسُ ! اِسمَعوا قَولي ، ولا تُعجِلوني حَتّى‏ أعِظَكُم بِما لِحَقٍّ لَكُم عَلَيَّ ،۱ وحَتّى‏ أعتَذِرَ إلَيكُم مِن مَقدَمي عَلَيكُم ، فَإِن قَبِلتُم عُذري ، وصَدَّقتُم قَولي ، وأعطَيتُمونِي النَّصَفَ ، كُنتُم بِذلِكَ أسعَدَ ، ولَم يَكُن لَكُم عَلَيَّ سَبيلٌ ، وإن لَم تَقبَلوا مِنِّي العُذرَ ، ولَم تُعطُوا النَّصَفَ مِن أنفُسِكُم «فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَ شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَىَّ وَ لَا تُنظِرُونِ»۲ ، «إِنَّ وَلِيِّىَ اللَّهُ الَّذِى نَزَّلَ الْكِتَبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّلِحِينَ»۳.
قالَ : فَلَمّا سَمِعَ أخَواتُهُ كَلامَهُ هذا صِحنَ وبَكَينَ ، وبَكى‏ بَناتُهُ ، فَارتَفَعَت أصواتُهُنَّ ، فَأَرسَلَ إلَيهِنَّ أخاهُ العَبّاسَ بنَ عَلِيٍّ وعَلِيّاً عليهما السلام ابنَهُ ، وقالَ لَهُما: أسكِتاهُنَّ ، فَلَعَمري لَيَكثُرَنَّ بُكاؤُهُنَّ ... .
فَلَمّا سَكَتنَ حَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، وذَكَرَ اللَّهَ بِما هُوَ أهلُهُ ، وصَلّى‏ عَلى‏ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله وعَلى‏ مَلائِكَتِهِ وأنبِيائِهِ ، فَذَكَرَ مِن ذلِكَ مَا اللَّهُ أعلَمُ وما لا يُحصى‏ ذِكرُهُ .
قالَ : فَوَاللَّهِ ، ما سَمِعتُ مُتَكَلِّماً قَطُّ قَبلَهُ ولا بَعدَهُ أبلَغَ في مَنطِقٍ مِنهُ .
ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، فَانسُبوني فَانظُروا مَن أنَا ، ثُمَّ ارجِعوا إلى‏ أنفُسِكُم وعاتِبوها ، فَانظُروا هَل يَحِلُّ لَكُم قَتلي وَانتِهاكُ حُرمَتي ؟
ألَستُ ابنَ بِنتِ نَبِيِّكُم صلى اللَّه عليه وآله وَابنَ وَصِيِّهِ وَابنِ عَمِّهِ ، وأوَّلِ المُؤمِنينَ بِاللَّهِ وَالمُصَدِّقِ لِرَسولِهِ بِما جاءَ بِهِ مِن عِندِ رَبِّهِ ؟ أوَلَيسَ حَمزَةُ سَيِّدُ الشُّهَداءِ عَمَّ أبي ؟ أوَلَيسَ جَعفَرٌ الشَّهيدُ الطَّيّارُ ذُو الجَناحَينِ عَمّي ؟ أوَلَم يَبلُغكُم قَولٌ مُستَفيضٌ فيكُم : إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قالَ لي ولِأَخي : «هذانِ سَيِّدا شَبابِ أهِلِ الجَنَّةِ» ؟
فَإِن صَدَّقتُموني بِما أقولُ ، وهُوَ الحَقُّ ، فَوَاللَّهِ ، ما تَعَمَّدتُ كَذِباً مُذ عَلِمتُ أنَّ اللَّهَ يَمقُتُ

1.هكذا في المصدر ، وفي بعض المصادر كالإرشاد وإعلام الورى وبحار الأنوار : «بما يحقّ لكم عليّ» ، وفي الكامل : «بما يجب لكم عليّ» وكلاهما أنسب للسياق .

2.يونس : ۷۱ .

3.الأعراف : ۱۹۶ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
658

بِأَعلى‏ صَوتِهِ ، فَقالَ : أنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعرِفُونّي ؟ قالوا : نَعَم ، أنتَ ابنُ رَسولِ اللَّهِ وسِبطُهُ .
قالَ : أنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ جَدّي رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : أنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ اُمّي فاطِمَةُ بِنتُ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : أنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ أبي عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : أنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ جَدَّتي خَديجَةُ بِنتُ خُوَيلِدٍ أوَّلُ نِساءِ هذِهِ الاُمَّةِ إسلاماً ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : أنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ سَيِّدَ الشُّهَداءِ حَمزَةُ عَمُّ أبي ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : فَأَنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ جَعفَراً الطَّيّارَ فِي الجَنَّةِ عَمّي ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : فَأَنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ هذا سَيفُ رَسولِ اللَّهِ وأنَا مُتَقَلِّدُهُ ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : فَأَنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ هذِهِ عِمامَةُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أنَا لابِسُها ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : فَأَنشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّ عَلِيّاً كانَ أوَّلَهُم إسلاماً ، وأعلَمَهُم عِلماً ، وأعظَمَهُم حِلماً ، وأنَّهُ وَلِيُّ كُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ ؟ قالوا : اللَّهُمَّ نَعَم .
قالَ : فَبِمَ تَستَحِلّونَ دَمي ، وأبِي الذّائِدُ۱عَنِ الحَوضِ غَداً يَذودُ عَنهُ رِجالاً كَما يُذادُ البَعيرُ الصّادي‏۲ عَنِ الماءِ ، ولِواءُ الحَمدِ في يَدَي جَدّي يَومَ القِيامَةِ ؟
قالوا : قَد عَلِمنا ذلِكَ كُلَّهُ ، ونَحنُ غَيرُ تارِكيكَ حَتّى‏ تَذوقَ المَوتَ عَطَشاً .
فَأَخَذَ الحُسَينُ عليه السلام بِطَرَفِ لِحيَتِهِ ، وهُوَ يَومَئِذٍ ابنُ سَبعٍ وخَمسينَ سَنَةً ، ثُمَّ قالَ : اِشتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى اليَهودِ حينَ قالوا : عُزَيرٌ ابنُ اللَّهِ ، وَاشتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى النَّصارى‏ حينَ قالوا : المَسيحُ ابنُ اللَّهِ ، وَاشتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى المَجوسِ حينَ عَبَدُوا النّارَ مِن دونِ اللَّهِ ، وَاشتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلى‏ قَومٍ قَتَلوا نَبِيَّهُم ، وَاشتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلى‏ هذِهِ العِصابَةِ الَّذينَ يُريدونَ قَتلَ ابنِ نَبِيِّهِم .۳

1.الذائد : وهو الحامي الدافع ، أذُودُ الناس : أي أطردُهم وأدفعُهم (النهاية : ج ۲ ص ۱۷۲ «ذود») .

2.الصّدَى‏ : العَطَش ، وقد صدى يصدي فهو صادٍ (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۹۹ «صدي») .

3.الأمالي للصدوق : ص ۲۲۲ ح ۲۳۹ ، الملهوف : ص ۱۴۵ - ۱۵۸ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۵ من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام وكلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۸ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1978937
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به