663
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

أدري ما تَقولُ ، فَسَكَتَ الحُسَينُ عليه السلام .
فَقالَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ لِلشِّمرِ : يا عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّ رَسولِ اللَّهِ ، إنّي لَأَظُنُّكَ تَعبُدُ اللَّهَ عَلى‏ سَبعينَ حَرفاً ، وأنَا أشهَدُ أنَّكَ لا تَدري ما يَقولُ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَبارَكَ و تَعالى‏ قَد طَبَعَ عَلى‏ قَلبِكَ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : حَسبُكَ يا أخا بَني أسَدٍ ، فَقَد قُضِيَ القَضاءُ ، وجَفَّ القَلمُ ، وَاللَّهُ بالِغٌ أمرَهُ ، وَاللَّهِ ، إنّي لَأَشوَقُ إلى‏ جَدّي وأبي واُمّي وأخي وأسلافي مِن يَعقوبَ إلى‏ يوسُفَ وأخيهِ ، ولي مَصرَعٌ أنَا لاقيهِ .۱

۸۵۵.تذكرة الخواصّ : قالَ هِشامُ بنُ مُحَمَّدٍ : لَمّا رَآهُمُ الحُسَينُ عليه السلام مُصِرّينَ عَلى‏ قَتلِهِ ، أخَذَ المُصحَفَ ونَشَرَهُ وجَعَلَهُ عَلى‏ رَأسِهِ ، ونادى‏ : بَيني وبَينَكُم كِتابُ اللَّهِ وجَدّي مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ ، يا قَومِ ، بِمَ تَستَحِلّونَ دَمي ؟ ألَستُ ابنَ بِنتِ نَبِيِّكُم ؟ ألَم يَبلُغكُم قَولُ جَدّي فِيَّ وفي أخي : «هذانِ سَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ» ؟ إن لَم تُصَدِّقوني فَاسأَلوا جابِراً وزَيدَ بنَ أرقَمَ وأبا سَعيدٍ الخُدرِيَّ ، ألَيسَ جَعفَرٌ الطَّيّارُ عَمّي ؟
فَناداهُ شِمرٌ : السّاعَةَ تَرِدُ الهاوِيَةَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : اللَّهُ أكبَرُ ! أخبَرَني جَدّي رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَقالَ : رَأَيتُ كَأَنَّ كَلباً وَلَغَ في دِماءِ أهلِ بَيتي ، وما أخالُكَ إلّا إيّاهُ .
فَقالَ شِمرٌ : أنَا أعبُدُ اللَّهَ عَلى‏ حَرفٍ إن كُنتُ أدري ما تَقولُ.۲

۸۵۶.الملهوف : رَكِبَ أصحابُ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَبَعَثَ الحُسَينُ عليه السلام بُرَيرَ بنَ حُصَينٍ ، فَوَعَظَهُم فَلَم يَسمَعوا ، وذَكَّرَهُم فَلَم يَنتَفِعوا .
فَرَكِبَ الحُسَينُ عليه السلام ناقَتَهُ - وقيلَ فَرَسَهُ - فَاستَنصَتَهُم فَأَنصَتوا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، وذَكَرَهُ بِما هُوَ أهلُهُ ، وصَلّى‏ عَلى‏ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله وعَلَى المَلائِكَةِ وَالأَنبِياءِ وَالرُّسُلِ ، وأبلَغَ فِي المَقالِ ، ثُمَّ قالَ :
تَبّاً لَكُم أيَّتُهَا الجَماعَةُ وتَرَحاً۳ ! حينَ استَصرَختُمونا والِهينَ‏۴ ، فَأَصرَخناكُم موجِفينَ‏۵ ،

1.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: ج‏۱ ص‏۲۵۲ وراجع : مثيرالأحزان: ص‏۵۱ وكشف الغمّة: ج‏۲ ص‏۲۲۵ وص‏۲۶۷ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۰۰ .

2.تذكرة الخواصّ : ص ۲۵۲ .

3.التَرَحُ : ضدّ الفَرَح ، وهو الهلاك والانقطاع أيضاً (النهاية : ج ۱ ص ۱۸۶ «ترح») .

4.الوَلَهُ : ذهاب العقل والتحيّر من شدّة الوَجْد (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۵۶ «وله») .

5.موجفين : أي مسرعين ، يقال : وَجَفَ الفرسُ والبعير : أسرَعَ (تاج العروس : ج ۱۲ ص ۵۱۷ «وجف») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
662

فَالمَغرورُ مَن غَرَّتهُ ، وَالشَّقِيُّ مَن فَتَنَتهُ ، فَلا تَغُرَّنَّكُم هذِهِ الدُّنيا ؛ فَإِنَّها تَقطَعُ رَجاءَ مَن رَكَنَ إلَيها ، وتُخَيِّبُ طَمَعَ مَن طَمِعَ فيها ، وأراكُم قَدِ اجتَمَعتُم عَلى‏ أمرٍ قَد أسخَطتُمُ اللَّهَ فيهِ عَلَيكُم ، فَأَعرَضَ بِوَجهِهِ الكَريمِ عَنكُم ، وأحَلَّ بِكُم نَقِمَتَهُ ، وجَنَّبَكُم رَحمَتَهُ ؛ فَنِعمَ الرَّبُّ رَبُّنا ، وبِئسَ العَبيدُ أنتُم ، أقرَرتُم بِالطّاعَةِ ، وآمَنتُم بِالرَّسولِ مُحَمَّدٍ ، ثُمَّ إنَّكُم زَحَفتُم إلى‏ ذُرِّيَّتِهِ تُريدونَ قَتلَهُم! لَقَدِ استَحوَذَ۱ عَلَيكُمُ الشَّيطانُ ، فَأَنساكُم ذِكرَ اللَّهِ العَظيمِ ، فَتَبّاً لَكُم ولِما۲تُريدونَ ؛ إنّا للَّهِ‏ِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، هؤُلاءِ قَومٌ كَفَروا بَعدَ إيمانِهِم ؛ فَبُعداً لِلقَومِ الظّالِمينَ .
فَقالَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ : وَيلَكُم كَلِّموهُ فَإِنَّهُ ابنُ أبيهِ ، وَاللَّهِ ، لَو وَقَفَ فيكُم هكَذا يَوماً جَديداً لَما قَطَعَ ولَما حَصَرَ ، فَكَلِّموهُ ، فَتَقَدَّمَ إلَيهِ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ ، فَقالَ : يا حُسَينُ ، ما هذَا الَّذي تَقولُ ؟ أفهِمنا حَتّى‏ نَفهَمَ ؟
فَقالَ عليه السلام : أقولُ لَكُم : اِتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُم ولا تَقتُلونِ ؛ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَكُم قَتلي ولَا انتِهاكُ حُرمَتي ، فَإِنِّي ابنُ بِنتِ نَبِيِّكُم ، وجَدَّتي خَديجَةُ زَوجَةُ نَبِيِّكُم ؛ ولَعَلَّهُ قَد بَلَغَكُم قَولُ نَبِيِّكُم مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله: الحَسَنُ وَالحُسَينُ سَيِّدا شَبابِ أهلِ‏الجَنَّةِ ما خَلَا النَّبِيّينَ وَالمُرسَلينَ، فَإن صَدَّقتُموني بِما أقولُ ، وهُوَ الحَقُّ ، فَوَاللَّهِ ما تَعَمَّدتُ كَذِباً مُنذُ عَلِمتُ أنَّ اللَّهَ يَمقُتُ عَلَيهِ أهلَهُ ، وإن كَذَّبتُموني فَإِنَّ فيكُم مِنَ الصَّحابَةِ مِثلَ : جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ ، وسَهلِ بنِ سَعدٍ ، وزَيدِ بنِ أرقَمَ ، وأنَسِ بنِ مالِكٍ ، فَاسأَلوهُم عَن هذا ؛ فَإِنَّهُم يُخبِرونَكُم أنَّهُم سَمِعوهُ مِن رَسولِ اللَّهِ ، فَإِن كُنتُم في شَكٍّ مِن أمري ، أفَتَشُكّونَ أنِّي ابنُ بِنتِ نَبِيِّكُم ، فَوَاللَّهِ ، ما بَينَ المَشرِقَينِ وَالمَغرِبَينِ ابنُ بِنتِ نَبِيٍّ غَيري .
وَيلَكُم ! أتَطلُبُونّي بِدَمِ أحَدٍ مِنكُم قَتَلتُهُ ، أو بِمالٍ استَملَكتُهُ ، أو بِقِصاصٍ مِن جِراحاتٍ استَهلَكتُهُ ؟ فَسَكَتوا عَنهُ لا يُجيبونَهُ .
ثُمَّ قالَ عليه السلام : وَاللَّهِ ، لا اُعطيهِم يَدي إعطاءَ الذَّليلِ ، ولا أفِرُّ فِرارَ العَبيدِ .
عِبادَ اللَّهِ ! إنّي عُذتُ بِرَبّي ورَبِّكُم أن تَرجُمونِ ، وأعوذُ بِرَبّي ورَبِّكُم مِن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤمِنُ بِيَومِ الحِسابِ .
فَقالَ لَهُ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ : يا حُسَينَ بنَ عَلِيٍّ ، أنَا أعبُدُ اللَّهَ عَلى‏ حَرفٍ إن كُنتُ

1.استحوذ عليهم الشيطان : أي استولى عليهم وحواهم إليه (النهاية : ج ۱ ص ۴۵۷ «حوذ») .

2.في المصدر : «وما» ، والأصحّ ما أثبتناه كما في بحارالأنوار : ج ۴۵ ص ۶ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1978698
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به