675
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

إيضاحٌ حول المراد من أنّ اللَّه قد أذن بقتل الإمام عليه السّلام وأصحابه‏

جاء في عدد من الروايات التي مرّ نقلُها أنّ الإمام الحسين عليه السلام قال في صباح عاشوراء عند دعوته أصحابه للصبر والمقاومة :
إنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ قَد أذِنَ في قَتلِكُمُ اليَومَ وقَتلي .۱
وبملاحظة هذا النوع من الروايات يتبادر إلى الأذهان السؤال التالي: ما هو المراد من الإذن الإلهي بقتل الإمام وأصحابه؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول : إنّ الإذن الإلهي على نوعين:

1 . الإذن التشريعي‏

المراد من هذا الإذن هو أنّ اللَّه تعالى يأذن في بعض الحالات من النظام التقنيني والتشريعي، أن يقوم الإنسان بعمل ما، في حين لا يأذن له القيام به في حالات اُخرى .
ولا شكّ في أنّ قتل الإمام وأصحابه هو في رأس المحرّمات التشريعيّة الإلهيّة، وعلى هذا فإنّ المراد من «الإذن» في الروايات المذكورة، ليس هو الأذن التشريعي قطعاً.

2 . الإذن التكويني‏

المراد من الإذن التكويني هو أنّ تحقّق آية ظاهرة في العالم رهن بالإذن التكويني لخالق العالم ، ولتسليط الضوء على هذا الموضوع نقول : إنّ كلّ ظاهرة في نظام الخلق لها سبب خاصّ ولا تتحقّق إلّا من خلاله، ولكنّ تأثير الأسباب في المسبّبات يتوقّف على الإذن الإلهي، بمعنى أنّ النار لا تُحرق إلّا بمشيئة اللَّه ، كما حدث لإبراهيم عليه السلام عندما لم تحرقه نار نمرود، كما أنّ السكّين لا تقطع ما لم يشأ اللَّه ، كما حدث لسكّين إبراهيم عليه السلام عندما لم تقطع نحر

1.راجع : ص ۶۷۲ ح ۸۷۰ وص ۶۷۱ ح ۸۶۸ و ص ۶۷۲ ح ۸۶۹ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
674

وبالتأمّل في رواية ابن أعثم ، يتّضح أنّ مراده هو أنّ العدد المذكور استشهدوا خلال الحرب وفي فترة من يوم عاشوراء، لا أنّهم استشهدوا في الحملة الاُولى . إلاّ أنّ الخوارزميّ‏۱- ومن دون الالتفات إلى المعنى الدقيق للعبارة - نقل الحادثة بشكل آخر ؛ فبعد أن نقل خبر الحملة الاُولى كتب قائلاً :
فلمّا رموهم هذه الرمية قلّ أصحاب الحسين عليه السلام ، فبقي في هؤلاء القوم الّذين يُذكرون في المبارزة ، وقد قُتل منهم ما ينيف على‏ خمسين رجلاً .۲
وفي سياق أمثال هذه النقول ذكر ابن شهر آشوب أسماء 28 منهم - كما أشرنا - على أنّهم شهداء الحملة الاُولى ، إلاّ أنّ الظاهر عدم صحّة ذلك لما يلي :
أوّلاً : لا توجد في المصادر القديمة نقول بهذا النحو عن الحملة الاُولى، وكلام ابن أعثم ليس فيه دلالة على هذا المعنى ، بل هو دالّ على خلافه ، كما أشرنا .
ثانياً : ذكرت بعض المصادر المعتبرة - كالإرشاد للمفيد، وتاريخ الطبري - رميَ السهام من قبل الأعداء بعنوان الحملة الاُولى، من دون إشارة إلى استشهاد أحد في هذه الحملة ، بل ذكرت في هذا السياق انتصار أصحاب الإمام رحمه اللَّه عليه عبر المبارزة الفردية بالقتال ، ممّا حَدا بالعدوّ إلى العدول عن هذا الاُسلوب في القتال إلى الهجوم الجماعي .
ثالثاً : المسألة المهمّة هي أنّ عدد أصحاب الإمام الحسين عليه السلام - وفقاً لبعض هذه النقول - كان 72 شخصاً ، وعليه فإن كان عدد شهداء الحملة الاُولى خمسين شخصاً ، فلايبقى‏ منهم حينئذ إلّا قلائل لا يمكن توزيعهم على ساحة القتال بالشكل المطلوب ، وكيف يتسنّى لهذا العدد القليل مقاومة العدوّ حتّى عصر عاشوراء؟
على أنّه لو كان العدوّ قد كبّد جيش الإمام هذا العدد من القتلى في حملة واحدة وبرمي السهام، لما كانت هناك حاجة للمبارزة، ولَاستمرّ على هذا الاُسلوب ليحسم النتيجة لصالحه في وقتٍ قصير !
فعلى هذا الأساس ، لا يمكن قبول ما ورد حول شهداء الحملة الاُولى ، وخصوصاً ما جاء في المناقب لابن شهر آشوب .

1.ممّا ينبغي ذِكره هو أنّ قسماً كبيراً من كتاب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي قد اُخذ من كتاب الفتوح لابن أعثم .

2.راجع : ص ۶۷۰ ح ۸۶۵ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1976294
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به