693
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

3 . شهود الحقائق الغيبية

إنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام - استناداً إلى عدد من الروايات - ، رأوا مواضعهم في الجنّة ، لذا كانوا يذهبون لاستقبال الشهادة باشتياق كامل .
يقول محمّد بن عمارة : سألت الإمام الصادق عليه السلام : كيف كان أصحاب الإمام الحسين عليه السلام يستقبلون الموت؟ فأجاب قائلاً :
إنَّهُم كُشِفَ لَهُمُ الغِطاءُ حَتّى‏ رَأَوا مَنازِلَهُم مِنَ الجَنَّةِ ... .۱
وجاء في رواية اُخرى عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه عندما أذن الإمام لأصحابه أن يتركوه وحيداً، فلم يوافقوا على ذلك ، فأكّد الإمام عليه السلام :
إنَّكُم تُقتَلونَ غَداً كَذلِكَ ، لا يُفلِتُ مِنكُم رَجُلٌ .
قالوا : الحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي شَرَّفَنا بِالقَتلِ مَعَكَ .
ثُمَّ دَعا ، وقالَ لَهُم : اِرفَعوا رُؤوسَكُم وَانظُروا . فَجَعَلوا يَنظُرونَ إلى‏ مَواضِعِهِم ومَنازِلِهِم مِنَ الجَنَّةِ ، وهُوَ يَقولُ لَهُم :
هذا مَنزِلُكَ يا فُلانُ ، وهذا قَصرُكَ يا فُلانُ ، وهذِهِ دَرَجَتُكَ يا فُلانُ .
فَكانَ الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الرِّماحَ وَالسُّيوفَ بِصَدرِهِ ووَجهِهِ لِيَصِلَ إلى‏ مَنزِلِهِ مِنَ الجَنَّةِ .۲

فكان بلوغ أصحاب الإمام عليه السلام قمّة اليقين يستوجب أن تزداد سكينتهم أكثر كلّما ازدادت الأوضاع تأزّماً وتوتّراً ، خاصّة الذين كانوا يتمتّعون بكمالات أكثر، كما روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام :
وكانَ الحُسَينُ عليه السلام وبَعضُ مَن مَعَهُ مِن خَصائِصِهِ ، تُشرِقُ ألوانُهُم ، وتَهدَأُ جَوارِحُهُم ، وتَسكُنُ نُفوسُهُم ، فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ : اُنظُروا ، لا يُبالي بِالمَوتِ ! .۳

4 . مثلهم مثل من استشهد مع الأنبياء عليهم السلام‏

روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّ الإمام الحسين عليه السلام حينما كان يجعل الشهداء من أصحابه إلى

1.راجع : ص ۶۳۲ ح ۸۱۷ .

2.راجع : ص ۶۳۲ ح ۸۱۹ .

3.راجع : ص ۶۸۷ ح ۸۹۲ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
692

وتدلّ هذه الأحاديث على أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام كانوا اُناساً كاملين في عصر ذلك الإمام العظيم‏۱ ، ولذا ورد في الزيارة الرجبيّة :
السَّلامُ عَلَيكُم أيُّهَا الرَّبّانِيّونَ ، أنتُم خِيَرَةُ اللَّهِ ، اختارَكُمُ اللَّهُ لِأَبي عَبدِ اللَّهِ عَلَيهِ السَّلامُ .۲
كما جاء في زيارة الناحية المقدّسة :
السَّلامُ عَلَيكُم يا خَيرَ أنصارٍ .۳

2 . بلوغهم قمّة اليقين‏

إنّ كلام عدد من أصحاب الإمام في إبراز الحبّ والوفاء له ، يدلّ على أنّهم بلغوا قمّة اليقين التي تمثّل ذروة الكمالات الإنسانيّة ، مثل كلام سعيد بن عبد اللَّه الحنفي مخاطباً الإمام عليه السلام :
وَاللَّهِ ، لَو عَلِمتُ أنّي اُقتَلُ ، ثُمَّ اُحيا ، ثُمَّ اُحرَقُ حَيّاً ، ثُمَّ اُذَرُّ ، يُفعَلُ ذلِكَ بي سَبعينَ مَرَّةً ما فارَقتُكَ حَتّى‏ ألقى‏ حِمامي دونَكَ ، فَكَيفَ لا أفعَلُ ذلِكَ ! وإنَّما هِيَ قَتلَةٌ واحِدَةٌ ، ثُمَّ هِيَ الكَرامَةُ الَّتي لَا انقِضاءَ لَها أبَداً ؟!۴
وكذلك كلام زهير بن القين، حيث قال :
وَاللَّهِ ، لَوَدِدتُ أنّي قُتِلتُ ، ثُمَّ نُشِرتُ ، ثُمَّ قُتِلتُ حَتّى‏ اُقتَلَ كَذا ألفَ قَتلَةٍ ، وأنَّ اللَّهَ يَدفَعُ بِذلِكَ القَتلَ عَن نَفسِكَ وعَن أنفُسِ هؤُلاءِ الفِتيَةِ مِن أهلِ بَيتِكَ .۵
فهذه الكلمات التي صدرت عن أفرادٍ غير مجبورين على اختيار طريق الشهادة ، ومن الممكن أن يسلكوا سبيل العافية بابتعادهم عن الإمام ، إن دلّت على شي‏ء فإنّما تدلّ على استحكام إيمانهم وحركتهم في ظلّ نور اليقين .

1.يرى الاُستاذ الشهيد العلّامة المطهري أنّ العبارات المذكورة تدلّ على أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام كانوا أفضل من أصحاب النبيّ صلى اللَّه عليه وآله في حرب بدر وأصحاب الإمام عليّ عليه السلام وأصحاب جميع الأنبياء ، إلّا أنّه ونظراً للعبارات الواردة في ذيلها ، فإنّه يجب التأمّل في هذا الرأي (راجع : حماسه حسيني «بالفارسيّة» : ج ۱ ص ۱۳۵) .

2.راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۸ ص ۱۶۷ ح ۳۵۲۴ .

3.راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۸ ص ۲۴۰ ح ۳۵۷۵ .

4.راجع : ص ۶۲۷ ح‏۸۰۸ .

5.راجع : ص ۶۲۸ ح ۸۰۸ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1969921
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به