721
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

أبي ، أفَتُعطينيهِ حَتّى‏ أدفِنَهُ ؟ قالَ : يا بُنَيَّ ، لا يَرضَى الأَميرُ أن يُدفَنَ ، وأنَا اُريدُ أن يُثيبَنِي الأَميرُ عَلى‏ قَتلِهِ ثَواباً حَسَناً ، قالَ لَهُ الغُلامُ : لكِنَّ اللَّهَ لا يُثيبُكَ عَلى‏ ذلِكَ إلّا أسوَأَ الثَّوابِ ، أما وَاللَّهِ لَقَد قَتَلتَ خَيراً مِنكَ ، وبَكى‏ ، فَمَكَثَ الغُلامُ حَتّى‏ إذا أدرَكَ لَم يَكُن لَهُ هِمَّةٌ إلَّا اتِّباعُ أثَرِ قاتِلِ أبيهِ لِيَجِدَ مِنهُ غِرَّةً۱فَيَقتُلَهُ بِأَبيهِ .
فَلَمّا كانَ زَمانُ مُصعَبِ بنِ الزُّبَيرِ وغَزا مُصعَبٌ باجُمَيرى‏۲ ، دَخَلَ عَسكَرَ مُصعَبٍ فَإِذا قاتِلُ أبيهِ في فُسطاطِهِ‏۳ ، فَأَقبَلَ يَختَلِفُ في طَلَبِهِ وَالتِماسِ غِرَّتِهِ ، فَدَخَلَ عَلَيهِ وهُوَ قائِلٌ نِصفَ النَّهارِ ، فَضَرَبَهُ بِسَيفِهِ حَتّى‏ بَرَدَ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني مُحَمَّدُ بنُ قَيسٍ ، قالَ : لَمّا قُتِلَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ هَدَّ ذلِكَ حُسَيناً عليه السلام وقالَ عِندَ ذلِكَ : أحتَسِبُ نَفسي وحُماةَ أصحابي .۴

3 / 12

الحَجّاجُ بنُ مَسروقٍ‏

الحجّاج بن مسروق الجعفي،۵ والذي سُمّي في بعض المصادر بالحجّاج بن مسرور ،۶ هو أحد الأصحاب الأوفياء لسيّد الشهداء عليه السلام ، والذي نال شرف الشهادة في عاشوراء.
وهو الذي بعثه الإمام الحسين عليه السلام إلى عبيد اللَّه بن الحرّ الجعفي كي يأتي لنصرته.۷وهو

1.الغِرَّة : الغفلة (المصباح المنير : ص ۴۴۴ «غِرّة») .

2.باجميرى: موضع دون تكريت (معجم البلدان: ج‏۱ ص‏۳۱۴) وراجع : الخريطة رقم ۵ في آخر الكتاب .

3.الفُسطاط : بيت من الشعر (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۵ «فسط») .

4.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۳۹ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۷ نحوه وليس فيه من «اُقسم» إلى «أعذر» وراجع : أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۰۲ ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۷ - ۱۹ ومثير الأحزان : ص ۶۲ و ص ۶۵ .

5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۱ ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۰۵ ، نسب معد : ج ۱ ص ۳۱۶ ، الاشتقاق : ص ۴۰۹ ، الفتوح : ج ۵ ص ۱۰۹ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۱۰۳ وراجع: زيارة الناحية والزيارة الرجبية وهذا الكتاب : ص‏۷۲۲ ح‏۹۱۹ .

6.الإرشاد : ج ۲ ص ۷۸.

7.راجع : ص ۵۷۱ (القسم الرابع / الفصل السابع / استنصاره بعبيد اللَّه بن الحرّ).


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
720

بِالسَّيفِ ، فَشَبَّ ووَقَعَ عَنهُ ، وحَمَلَهُ أصحابُهُ فَاستَنقَذوهُ ، وأخَذَ حَبيبٌ يَقولُ :


اُقسِمُ لَو كُنّا لَكُم أعداداًأو شَطرَكُم وَلَّيتُمُ أكتادا۱
يا شَرَّ قَومٍ حَسَباً وآدا۲
قالَ : وجَعَلَ يَقولُ يَومَئِذٍ :


أنَا حَبيبٌ وأبي مُظاهِرُفارِسُ هَيجاءَ وحَربٍ تُسعَرُ
أنتُم أعَدُّ عُدَّةٌ وأكثَرُونَحنُ أوفى‏ مِنكُمُ وأصبَرُ
ونَحنُ أعلى‏ حُجَّةً وأظهَرُحَقّاً وأتقى‏ مِنكُمُ وأعذَرُ
وقاتَلَ قِتالاً شَديداً ، فَحَمَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن بَني تَميمٍ فَضَرَبَهُ بِالسَّيفِ عَلى‏ رَأسِهِ فَقَتَلَهُ - وكانَ يُقالُ لَهُ : بُدَيلُ بنُ صُرَيمٍ مِن بَني عُقفانَ - وحَمَلَ عَلَيهِ آخَرُ مِن بَني تَميمٍ فَطَعَنَهُ فَوَقَعَ ، فَذَهَبَ لِيَقومَ ، فَضَرَبَهُ الحُصَينُ بنُ تَميمٍ عَلى‏ رَأسِهِ بِالسَّيفِ فَوَقَعَ ، ونَزَلَ إلَيهِ التَّميمِيُّ فَاحتَزَّ رَأسَهُ .
فَقالَ لَهُ الحُصَينُ : إنّي لَشَريكُكَ في قَتلِهِ ، فَقالَ الآخَرُ : وَاللَّهِ ما قَتَلَهُ غَيري ، فَقالَ الحُصَينُ : أعطِنيهِ اُعَلِّقهُ في عُنُقِ فَرَسي كَيما يَرَى النّاسُ ويَعلَموا أنّي شَرِكتُ في قَتلِهِ ، ثُمَّ خُذهُ أنتَ بَعدُ فَامضِ بِهِ إلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، فَلا حاجَةَ لي فيما تُعطاهُ عَلى‏ قَتلِكَ إيّاهُ .
قالَ : فَأَبى‏ عَلَيهِ ، فَأَصلَحَ قَومُهُ فيما بَينَهُما عَلى‏ هذا ، فَدَفَعَ إلَيهِ رَأسَ حَبيبِ بنِ مُظاهِرٍ ، فَجالَ بِهِ فِي العَسكَرِ قَد عَلَّقَهُ في عُنُقِ فَرَسِهِ ، ثُمَّ دَفَعَهُ بَعدَ ذلِكَ إلَيهِ .
فَلَمّا رَجَعوا إلَى الكوفَةِ أخَذَ الآخِرُ رَأسَ حَبيبٍ فَعَلَّقَهُ في لَبانِ‏۳ فَرَسِهِ ، ثُمَّ أقبَلَ بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ فِي القَصرِ فَبَصُرَ بِهِ ابنُهُ القاسِمُ بنُ حَبيبٍ ، وهُوَ يَومَئِذٍ قَد راهَقَ ، فَأَقبَلَ مَعَ الفارِسِ لا يُفارِقُهُ ، كُلَّما دَخَلَ القَصرَ دَخَلَ مَعَهُ ، وإذا خَرَجَ خَرَجَ مَعَهُ ، فَارتابَ بِهِ ، فَقالَ : ما لَكَ يا بُنَيَّ تَتبَعُني ؟ قالَ : لا شَي‏ءَ ، قالَ : بَلى‏ ، يا بُنَيَّ أخبِرني ، قالَ لَهُ : إنَّ هذَا الرَّأسَ الَّذي مَعَكَ رَأسُ

1.أكتاد : أي جماعات (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۳۲ «كتد») .

2.الآد : الصُّلب (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۷۵ «آد») . كأنّه أراد أنّ أصلاب آبائهم التي خرجت منها نطفهم خبيثة .

3.اللبان : الصدر من ذي الحافر خاصّة (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۳۷۷ «لبن») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1926996
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به