قالَ : إنَّهُ كانَ زَعَموا مِنَ الصّالِحينَ ، فَوَاللَّهِ لَئِن كانَ ذلِكَ إثماً ، لَأَن ألقَى اللَّهَ بِإِثمِ الجِراحَةِ وَالمَوقِفِ أحَبُّ إلَيَّ مِن أن ألقاهُ بِإِثمِ قَتلِ أحَدٍ مِنهُم .
فَقالَ لَهُ أبُو الوَدّاكِ : ما أراكَ إلّا سَتَلقَى اللَّهَ بِإِثمِ قَتلِهِم أجمَعينَ ، أرَأَيتَ لَو أنَّكَ رَمَيتَ ذا فَعَقَرتَ ذا ، ورَمَيتَ آخَرَ ووَقَفتَ مَوقِفاً ، وكَرَرتَ عَلَيهِم ، وحَرَّضتَ أصحابَكَ ، وكَثَّرتَ أصحابَكَ ، وحُمِلَ عَلَيكَ فَكَرِهتَ أن تَفِرَّ ، وفَعَلَ آخَرُ مِن أصحابِكَ كَفِعلِكَ وآخَرُ وآخَرُ ، كانَ هذا وأصحابُهُ يُقتَلونَ ؟ أنتُم شُرَكاءُ كُلُّكُم في دِمائِهِم .
فَقالَ لَهُ : يا أبَا الوَدّاكِ ، إنَّكَ لَتُقَنِّطُنا مِن رَحمَةِ اللَّهِ ! إن كُنتَ وَلِيَّ حِسابِنا يَومَ القِيامَةِ فَلا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ إن غَفَرتَ لَنا ! قالَ : هُوَ ما أقولُ لَكَ .۱
۹۲۵.الأمالي للصدوق عن عبد اللَّه بن منصور عن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عن جدّه [زين العابدين] عليهم السلام :ضَرَبَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ فَرَسَهُ ، وجازَ عَسكَرَ عُمَرَ بنِ سَعدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إلى عَسكَرِ الحُسَينِ عليه السلام ، واضِعاً يَدَهُ عَلى رَأسِهِ ، وهُوَ يَقولُ : اللَّهُمَّ إلَيكَ اُنيبُ فَتُب عَلَيَّ ؛ فَقَد أرعَبتُ قُلوبَ أولِيائِكَ وأولادِ نَبِيِّكَ . يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، هَل لي مِن تَوبَةٍ ؟
قالَ : نَعَم ، تابَ اللَّهُ عَلَيكَ . قالَ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! أتَأذَنُ لي فَاُقاتِلَ عَنكَ ؟ فَأَذِنَ لَهُ ، فَبَرَزَ وهُوَ يَقولُ :
أضرِبُ في أعناقِكُم بِالسَّيفِعَن خَيرِ مَن حَلَّ بِلادَ الخَيفِ۲
فَقَتَلَ مِنهُم ثَمانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً ثُمَّ قُتِلَ ، فَأَتاهُ الحُسَينُ عليه السلام ودَمُهُ يَشخَبُ۳ ، فَقالَ : بَخٍ بَخٍ يا حُرُّ ، أنتَ حُرٌّ كَما سُمِّيتَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، ثُمَّ أنشَأَ الحُسَينُ عليه السلام يَقولُ :
لَنِعمَ الحُرُّ حُرُّ بَني رِياحِونِعمَ الحُرُّ مُختَلَفُ الرِّماحِ
ونِعمَ الحُرُّ إذ نادى حُسَيناًفَجادَ بِنَفسِهِ عِندَ الصَّباحِ۴
1.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۴۳۷ .
2.الخَيف : بطحاء مكّة (معجم البلدان : ج ۲ ص ۴۱۲) .
3.الشَّخب : السيلان (النهاية : ج ۲ ص ۴۵۰ «شخب») .
4.الأمالي للصدوق : ص ۲۲۳ ح ۲۳۹ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۵ من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام وليس فيه صدره إلى «تاب اللَّه عليك» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۹ ح ۱ .