731
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

اُقاتِلُهُم عَلى‏ فَرَسي ساعَةً ، وإلَى النُّزولِ ما يَصيرُ أمري .
ثُمَّ قالَ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! كُنتُ أوَّلَ خارِجٍ عَلَيكَ ، فَائذَن لي أن أكونَ أوَّلَ قَتيلٍ بَينَ يَدَيكَ ، فَلَعَلّي أن أكونَ مِمَّن يُصافِحُ جَدَّكَ مُحَمَّداً غَداً فِي القِيامَةِ . فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : إن شِئتَ فَأَنتَ مِمَّن تابَ اللَّهُ عَلَيهِ وهُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ . فَكانَ أوَّلَ مَن تَقَدَّمَ إلى‏ بِرازِ القَومِ الحُرُّ بنُ يَزيدَ الرِّياحِيُّ ، فَأَنشَدَ في بِرازِهِ :




إنّي أنَا الحُرُّ ومَأوىَ الضَّيفِ‏أضرِبُ في أعناقِكُم بِالسَّيفِ‏
عَن خَيرِ مَن حَلَّ بِوادِي الخَيفِ‏أضرِبُكُم ولا أرى‏ مِن حَيفِ‏۱
ورُوِيَ أنَّ الحُرَّ لَمّا لَحِقَ بِالحُسَينِ عليه السلام قالَ رَجُلٌ مِن بَني تَميمٍ يُقالُ لَهُ يَزيدُ بنُ سُفيانَ : أما وَاللَّهِ، لَو لَقيتُ الحُرَّ حينَ خَرَجَ لَأَتبَعتُهُ السِّنانَ . فَبَينا هُوَ يُقاتِلُ ، وإنَّ فَرَسَهُ لَمَضروبٌ عَلى‏ اُذُنَيهِ وحاجِبِهِ ، وإنَّ الدِّماءَ لَتَسيلُ ، إذ قالَ الحُصَينُ بنُ نُمَيرٍ : يا يَزيدُ ، هذَا الحُرُّ الَّذي كُنتَ تَتَمَنّاهُ ، فَهَل لَكَ بِهِ ؟ قالَ : نَعَم ، وخَرَجَ إلَيهِ ، فَما لَبِثَ الحُرُّ أن قَتَلَهُ وقَتَلَ أربَعينَ فارِساً وراجِلاً ، ولَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى‏ عُرقِبَ‏۲ فَرَسُهُ ، وبَقِيَ راجِلاً ، فَجَعَلَ يُقاتِلُ وهُوَ يَقولُ :




إن تَعقِروا۳بي فَأَنَا ابنُ الحُرِّأشجَعُ مِن ذي لِبدَةٍ هِزَبرِ۴
ولَستُ بِالخَوّارِ عِندَ الكَرِّلكِنَّنِي الثّابِتُ عِندَ الفَرِّ
ثُمَّ لَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى‏ قُتِلَ ، فَاحتَمَلَهُ أصحابُ الحُسَينِ عليه السلام حَتّى‏ وَضَعوهُ بَينَ يَدَيِ الحُسَينِ عليه السلام وبِهِ رَمَقٌ ، فَجَعَلَ الحُسَينُ عليه السلام يَمسَحُ التُّرابَ عَن وَجهِهِ ، وهُوَ يَقولُ لَهُ : أنتَ الحُرُّ كَما سَمَّتكَ بِهِ اُمُّكَ ، أنتَ الحُرُّ فِي الدُّنيا وأنتَ الحُرُّ فِي الآخِرَةِ . ثُمَّ رَثاهُ بعضُ أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام وقالَ الحاكِمُ الجُشَمِيُّ : بَل رَثاهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام - بِقَولِهِ :




لَنِعمَ الحُرُّ حُرُّ بَني رِياحِ‏صَبورٌ عِندَ مُشتَبَكِ الرِّماحِ‏
ونِعمُ الحُرُّ إذ نادى‏ حُسَينٌ‏فَجادَ بِنَفسِهِ عِندَ الصِّياحِ‏

1.الحَيفُ : الجور والظلم (النهاية : ج ۱ ص ۴۶۹ «حيف») .

2.عرقبتُ الدابّةَ : قطعت عرقوبها . والعرقوب : عقب موتَّر خلف الكعبين (العين : ص ۵۳۴ «عرقب») .

3.عَقَر البعير بالسيف : ضرب قوائمه به (المصباح المنير : ص ۴۲۱ «عقر») .

4.الهزبر : الأسد (الصحاح : ج ۲ ص ۸۵۴ «هزبر») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
730

۹۲۶.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي عن أبي مخنف : صاحَ [الحُسَينُ عليه السلام‏] : أما مِن مُغيثٍ يُغيثُنا لِوَجهِ اللَّهِ تَعالى‏ . أما مِن ذابٍّ يَذُبُّ عَن حَرَمِ رَسولِ اللَّهِ !
فَلَمّا سَمِعَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ هذَا الكَلامَ ، اضطَرَبَ قَلبُهُ ، ودَمَعَت عَيناهُ فَخَرَجَ باكِياً مُتَضَرِّعاً مَعَ غُلامٍ لَهُ تُركِيٍّ . وكانَ كَيفِيَّةُ انتِقالِهِ إلَى الحُسَينِ عليه السلام أنَّهُ لَمّا سَمِعَ هذَا الكَلامَ مِنَ الحُسَينِ عليه السلام أتى‏ إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَقالَ لَهُ : أمُقاتِلٌ أنتَ هذَا الرَّجُلَ ؟ قالَ : إي وَاللَّهِ ! قِتالاً شَديداً أيسَرُهُ أن تَسقُطَ الرُّؤوسُ وتَطيحَ الأَيدي ، فَقالَ : أما لَكُم في واحِدَةٍ مِنَ الخِصالِ الَّتي عَرَضَ عَلَيكُم رِضىً ؟ فَقالَ : وَاللَّهِ لَو كانَ الأَمرُ إلَيَّ لَفَعَلتُ ، ولكِنَّ أميرَكَ قَد أبى‏ ذلِكَ .
فَأَقبَلَ الحُرُّ حَتّى‏ وَقَفَ عَنِ النّاسِ جانِباً ومَعَهُ رَجُلٌ مِن قَومِهِ يُقالُ لَهُ : قُرَّةُ بنُ قَيسٍ ، فَقالَ لَهُ : يا قُرَّةُ ! هَل سَقَيتَ فَرَسَكَ اليَومَ ماءً ؟ قالَ : لا ! قالَ : أما تُريدُ أن تَسقِيَهُ ؟ قالَ قُرَّةُ : فَظَنَنتُ وَاللَّهِ أنَّهُ يُريدُ أن يَتَنَحّى‏ فَلا يَشهَدَ القِتالَ ، ويَكرَهُ أن أراهُ يَصنَعُ ذلِكَ مَخافَةَ أن أرفَعَ عَلَيهِ ، فَقُلتُ لَهُ : لَم أسقِهِ ، وأنَا مُنطَلِقٌ فَأَسقيهِ .
قالَ : فَاعتَزَلتُ ذلِكَ المَكانَ الَّذي كانَ فيهِ ، وَاللَّهِ لَو أطلَعَني عَلَى الَّذي يُريدُ لَخَرَجتُ مَعَهُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام . فَأَخَذَ يَدنو قَليلاً قَليلاً ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ مِن قَومِهِ : يا أبا يَزيدَ ! إنَّ أمرَكَ لَمُريبٌ ، فَمَا الَّذي تُريدُ ؟ قالَ : وَاللَّهِ إنّي اُخَيِّرُ نَفسي بَينَ الجَنَّةِ وَالنّارِ ، ووَاللَّهِ لا أختارُ عَلَى الجَنَّةِ شَيئاً ولَو قُطِّعتُ وحُرِّقتُ .
ثُمَّ ضَرَبَ فَرَسَهُ ، ولَحِقَ بِالحُسَينِ عليه السلام مَعَ غُلامِهِ التُّركِيِّ ، فَقالَ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِداكَ ! إنّي صاحِبُكَ الَّذي حَبَستُكَ عَنِ الرُّجوعِ ، وسايَرتُكَ فِي الطَّريقِ ، وجَعجَعتُ بِكَ في هذَا المَكانِ ، وَاللَّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ ، ما ظَنَنتُ القَومَ يَرُدّونَ عَلَيكَ ما عَرَضتَ عَلَيهِم ، ولا يَبلُغونَ بِكَ هذِهِ المَنزِلَةَ ، وإنّي لَو سَوَّلَت‏۱ لي نَفسي أنَّهُم يَقتُلونَكَ ما رَكِبتُ هذا مِنكَ، وإنّي قَد جِئتُكَ تائِباً إلى‏ رَبّي مِمّا كانَ مِنّي ، ومُواسيكَ بِنَفسي حَتّى‏ أموتَ بَينَ يَدَيكَ ، أفَتَرى‏ ذلِكَ لي تَوبَةً ؟
قالَ : نَعَم ! يَتوبُ اللَّهُ عَلَيكَ ويَغفِرُ لَكَ ، مَا اسمُكَ ؟ قالَ : أنَا الحُرُّ ، قالَ : أنتَ الحُرُّ كَما سَمَّتكَ اُمُّكَ ، أنتَ الحُرُّ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ؛ انزِل ، فَقالَ : أنَا لَكَ فارِساً خَيرٌ مِنّي لَكَ راجِلاً ،

1.التسويل : تحسين الشي‏ء وتزيينه وتحبيبه إلى الإنسان ليفعله أو يقوله (النهاية : ج ۲ ص ۴۲۵ «سول») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1977186
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به