739
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

فأجابهم زهير قائلاً :
أفَلَستَ تَستَدِلُّ بِمَوقِفي هذا أنّي مِنهُم ! أما وَاللَّهِ ، ما كَتَبتُ إلَيهِ كِتاباً قَطُّ ، ولا أرسَلتُ إلَيهِ رَسولاً قَطُّ ، ولا وَعَدتُهُ نُصرَتي قَطُّ ، ولكِنَّ الطَّريقَ جَمَعَ بَيني وبَينَهُ ، فَلَمّا رَأَيتُهُ ذَكَرتُ بِهِ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ومَكانَهُ مِنهُ ، وعَرَفتُ ما يُقدَمُ عَلَيهِ مِن عَدُوِّهِ وحِزبِكُم ، فَرَأَيتُ أن أنصُرَهُ ، وأن أكونَ في حِزبِهِ ، وأن أجعَلَ نَفسي دونَ نَفسِهِ ، حِفظاً لِما ضَيَّعتُم مِن حَقِّ اللَّهِ وحَقِّ رَسولِهِ صلى اللَّه عليه وآله .۱
ولا نعلم ما قاله الإمام عليه السلام لزهير في هذا اللقاء القصير ، إلّا أنّه يبدو من الكلام الذي أدلى به إلى أصحابه عند الوداع، بأنّ إحدى المسائل التي أبداها الإمام الحسين عليه السلام له ، هي التذكير بذكرى مهمّة وسارّة من ذكريات حرب بلنجر .
وبعد رجوعه من لدن الإمام عليه السلام حكى زهير هذه الذكرى لرفاقه لعلّه يستجذبهم معه، فخاطبهم قائلاً :
مَن أحَبَّ مِنكُم أن يَتبَعَني ، وإلّا فَإِنَّهُ آخِرُ العَهدِ ، إنّي سَاُحَدِّثُكُم حَديثاً :
غَزَونا بَلَنجَرَ ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَينا ، وأصَبنا غَنائِمَ ، فَقالَ لَنا سَلمانُ الباهِلِيُّ : أفَرِحتُم بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيكُم ، وأصَبتُم مِنَ الغَنائِمِ ؟! فَقُلنا : نَعَم ، فَقالَ لَنا : إذا أدرَكتُم شَبابَ آلِ مُحَمَّدٍ فَكونوا أشَدَّ فَرَحاً بِقِتالِكُم مَعَهُم مِنكُم بِما أصَبتُم مِنَ الغَنائِمِ ، فَأَمّا أنا ، فَإِنّي أستَودِعُكُمُ اللَّهَ .۲
واستمرّ قائلاً :
مَن أحَبَّ مِنكُمُ الشَّهادَةَ فَليَقُم ، ومَن كَرِهَها فَليَتَقَدَّم .
فلم يقم معه منهم أحد .۳ وبعد هذه اللحظة المصيريّة التحق زهيرٌ بصفوف أصحاب الإمام الراسخين ، بحيث أنّه حينما خاطب الإمام عليه السلام أصحابه :
ألا وإنّي لَأَظُنُّ إنّه آخِرُ يَومٍ لَنا مِن هؤُلاءِ . ألا وإنّي قَد أذِنتُ لَكُم ، فَانطَلِقوا جَميعاً في حِلّ ، لَيسَ عَلَيكُم مِنّي ذِمامٌ ، هذَا اللَّيلُ قَد غَشِيَكُم ، فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً .۴

1.راجع : ص ۶۲۱ ح ۸۰۱ .

2.راجع : ص ۵۳۶ ح ۶۷۹ .

3.راجع : ص ۵۳۵ ح ۶۷۷ .

4.الإرشاد : ج ۲ ص ۹۱ وراجع : هذا الكتاب : ص ۶۲۶ (الفصل الأوّل / خطاب الإمام عليه السلام بأهل بيته وأصحابه وعرضه عليهم الانصراف عنه جميعاً) .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
738

مَضَضِ‏۱ الطِّعانِ ، حَتّى‏ قُتِلَ وألحَقَهُ اللَّهُ بِدارِ الرِّضوانِ .۲

3 / 15

زُهَيرُ بنُ القَينِ‏

كان زهير بن القين البجليّ ،۳ أحد أبرز أصحاب سيّد الشهداء عليه السلام ، وكان يتولّى قيادة جناح الميمنة في عسكر الإمام عليه السلام ، وكان له دور مؤثّر في التصدّي لجيش الكوفة .۴
يعتبره البلاذريّ عثمانيّ الهوى‏ ،۵وقد ناداه الأعداء في عصر تاسوعاء بذلك أيضاً ، وممّا يؤيّد ذلك أيضاً اشتراكه في حرب بلنجر بقيادة سلمان الباهلي في عهد حكم عثمان ،۶وعدم وجود روايات بخصوص تواجده في الحروب التي حدثت في فترة حكم الإمام عليّ عليه السلام ، وكذلك عدم رغبة زهير للالتقاء بالإمام الحسين عليه السلام في مسيره إلى الكوفة .
وأمّا في منزل زرود، فعندما دعاه رسول الإمام عليه السلام للالتقاء به، حضر عند الإمام الحسين عليه السلام بتحريض من زوجته ، ولم يمض طويل وقت حتّى رجع إلى خيمته بوجه مستبشر ، يدلّ على تغييرٍ أساسيّ في معنويّاته ، وأمر أن تنقل خيمته إلى مقربة من خيام الإمام الحسين عليه السلام .۷
وقد أشار إلى هذا التغيير الذي طرأ عليه عندما وعظ جيش ابن زياد في عصر اليوم التاسع من محرّم ، فقالوا له :
يا زهير ، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت ، إنّما كنت عثمانيّاً !

1.المَضَضُ : وَجَعُ المصيبة (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۰۶ «مضض») .

2.مثير الأحزان : ص ۶۵ .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۹۲ و ۴۰۴ ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۷۸ ، نسب معد : ج ۱ ص ۳۴۵ ، جمهرة أنساب العرب : ص ۳۸۸ وفيهما «زهير بن القين بن الحارث بن عامر بن سعد بن مالك بن ذهل بن عمرو بن يشكر ، قتل مع الحسين بن على بالطفّ» ، الفتوح : ج ۵ ص ۱۰۹ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۷۲ ، رجال الطوسي : ص ۱۰۱ ، الأمالي للصدوق : ص ۲۲۰ و ۲۲۴.

4.راجع : ص ۶۵۰ (الفصل الثاني / المواجهة بين جيش الهدى وجيش الضلالة) .

5.راجع : ص ۵۳۵ (القسم الرابع / الفصل السابع / دعوة الإمام عليه السلام زهير بن القين لنصرته في زرود) .

6.نفس المصدر .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922406
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به