75
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

في الغالب مسلمين ذوي بعد واحد وغير عالمين بالسنّة . ولكن وبعد تولّي الإمام عليّ عليه السلام الخلافة ، كان لسياساته المبدأية الثقافية في عهد حكمه من جهة ، وتواجد كبار أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله الذين كانوا قد قدموا إلى الكوفة۱ مع الإمام عليّ عليه السلام من جهة اُخرى ، دور مؤثّر في التطوّر الثقافي لأهل الكوفة .
وعلى هذا الأساس ، فإنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ قسماً من أهل الكوفة كانوا عند ثورة الإمام الحسين عليه السلام - حيث كان قد مرّ حوالي 25 عاماً على بداية حكم الإمام عليّ عليه السلام - يتمتّعون بشكل نسبي بأعلى مستوى ثقافي بين المجتمعات الإسلامية ، ولذلك فقد كانت أرضية المطالبة بالإصلاح والثورة ضدّ ظلم بني اُمية وجورهم مهيّأة في هذه المدينة أكثر من أيّ مكان آخر ، وممّا يشهد على ذلك ثوراتهم المتكرّرة ضدّ أنظمة الحكم آنذاك بعد ثورة الإمام الحسين عليه السلام .

رابعاً : مركز محاربة حكومة الشام‏

كان الدور الحاسم لأهل الكوفة في الفتوح الإسلامية ومحاربتهم لحكومة الشام وخاصّة في عهد حكم الإمام عليّ عليه السلام ، يستوجب ألّا يرتضوا أن تكون الشام مركز الخلافة واتّخاذ القرارات في العالم الإسلامي . ولذلك كانت الكوفة طيلة الحكم الاُموي مركزاً لمحاربة حكومة الشام ومعارضتها ، وقد قدّمت في هذا الطريق أكبر عدد من القتلى والسجناء والمنفيّين .
وقد قام «زياد بن أبيه» في الفترة التي تولّى فيها إمارة الكوفة من جانب معاوية - فضلاً عن قتل‏۲وسجن الكثير من الثوار، ونفي الكثير منهم إلى الشام والمدن الاُخرى‏۳ - بترحيل خمسين ألف شخص من خصوص الكوفة والبصرة إلى خراسان كما تفيد بعض الروايات .۴

1.كان يرافق الإمام عليّاً عليه السلام في حرب صفّين ما بين ۷۰ إلى ۸۰ من البدريّين و۸۰۰ من الذين شاركوا في بيعة الرضوان و۴۰۰ من سائر أصحاب رسول اللَّه عليه السلام . نعم، نحن لا نمتلك دليلاً يثبت إقامتهم جميعاً في الكوفة ، ولكن بالطبع فإنّ الكثير منهم كانوا يقيمون في الكوفة والبصرة . راجع : موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ج ۳ ص ۲۷۱ (القسم السادس / الحرب الثاني : معركة صفّين / أكابر أصحاب الإمام) .

2.راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۲ ص ۱۶۵ (القسم الخامس / الفصل الثاني / موقف الإمام عليه السلام في مواجهة معاوية/ رسالة توبيخية من الإمام عليه السلام لمعاوية لظلمه وبدعه) .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۵۷ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۲۷ .

4.فتوح البلدان : ص ۴۰۰ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
74

كما كان معظم جنده في معركة صفّين من الكوفة ، حيث ذكرت المصادر التاريخية أنّ عدد جيش الإمام عليه السلام بلغ مئةً وعشرين ألفاً .۱
وفي هذه المعركة نفسها عندما لاحظ الإمام عليه السلام ضعف جيشه أمام جيش الشام ، أشار إلى مكانتهم المهمّة في العالم الإسلامي ، خلال حديثٍ لام فيه جيشَه ، فقال :
أنتُم لَهاميمُ العَرَبِ ويَآفيخُ الشَّرَفِ ، وَالأَنفُ المُقَدَّمُ ، وَالسَّنامُ الأَعظَمُ .۲
وخاطبهم في موضع آخر بشي‏ء من الذمّ :
وأنتُم تَريكةُ الإِسلامِ ، وبَقِيَّةُ النّاسِ .۳

ثانياً : الموقع الجغرافي‏

كانت الكوفة قديماً في قلب البلاد الإسلامية ، وكانت أقرب منطقة لإدارتها ، خاصّة المناطق التي ضُمّت في عهد الخليفة الثاني إلى رقعة الدولة الإسلامية .
وفي عهد حكم الإمام عليّ عليه السلام انتقل مقرّ الخلافة من المدينة إلى الكوفة ، ولا شكّ في أنّ من أسباب ذلك - فضلاً عن الموقع الاقتصادي - قرب هذه المدينة من البلدان الإسلامية المختلفة ، وخاصّة لإرسال الجيوش لمحاربة معاوية .
وعلى هذا الأساس فقد كانت الكوفة من الناحية الجغرافية أنسب منطقة لمحاربة حكومة يزيد .

ثالثاً : الموقع الثقافي‏

كانت الكوفة أهمّ قاعدة ثقافية في العالم الإسلامي فضلاً عن موقعها السياسي والعسكري والجغرافي ، وكانت سياسة الخليفة الثاني تقضي بأن يجعل في الكوفة جنوداً عالمين بالقرآن وغير عالمين بالسنّة ؛ ولذلك فقد منع نقل الحديث في الكوفة ، وبناءً على هذا فقد كان قرّاؤها

1.راجع : موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ج ۳ ص ۲۶۸ (القسم السادس / الحرب الثانية : وقعة صفّين / عدد المشاركين فيها) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۰۷ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۰ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922410
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به