757
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ : فَخَرَجَ بِها لَيلاً حَتّى‏ أتى‏ حُسَيناً عليه السلام ، فَأَقامَ مَعَهُ ، فَلَمّا دَنا مِنهُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ ورَمى‏ بِسَهمٍ ارتَمَى النّاسُ ، فَلَمَّا ارتَمَوا خَرَجَ يَسارٌ مَولى‏ زِيادِ بنِ أبي سُفيانَ وسالِمٌ مَولى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، فَقالا : مَن يُبارِزُ ؟ لِيَخرُج إلَينا بَعضُكُم .
قالَ : فَوَثَبَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ وبُرَيرُ بنُ حُضَيرٍ ، فَقالَ لَهُما حُسَينٌ عليه السلام : اِجلِسا ، فَقامَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَيرٍ الكَلبِيُّ فَقالَ : أبا عَبدِ اللَّهِ ، رَحِمَكَ اللَّهُ ، ائذَن لي فَلأَخرُج إلَيهِما ، فَرَأى‏ حُسَينٌ عليه السلام رَجُلاً آدَمَ‏۱طَويلاً شَديدَ السّاعِدَينِ بَعيدَ ما بَينَ المَنكِبَينِ .
فَقالَ حُسَينٌ عليه السلام : إنّي لَأَحسَبُهُ لِلأَقرانِ قَتّالاً ، اخرُج إن شِئتَ ، قالَ : فَخَرَجَ إلَيهِما ، فَقالا لَهُ : مَن أنتَ ؟ فَانتَسَبَ لَهُما ، فَقالا : لا نَعرِفُكَ ، لِيَخرُج إلَينا زُهَيرُ بنُ القَينِ أو حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ أو بُرَيرُ بنُ حُضَيرٍ ، ويَسارٌ مُستَنتِلٌ‏۲أمامَ سالِمٍ .
فَقالَ لَهُ الكَلبِيُّ : يَابنَ الزّانِيَةِ ، وبِكَ رَغبَةٌ عَن مُبارَزَةِ أحَدٍ مِنَ النّاسِ ؟ وما يَخرُجُ إلَيكَ أحَدٌ مِنَ النّاسِ إلّا وهُوَ خَيرٌ مِنكَ ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيهِ فَضَرَبَهُ بِسَيفِهِ حَتّى‏ بَرَدَ ، فَإِنَّهُ لَمُشتَغِلٌ بَهَ يَضرِبُهُ بِسَيفِهِ إذ شَدَّ عَلَيهِ سالِمٌ ، فَصاحَ [أيِ النّاسُ‏] بِهِ : قَد رَهِقَكَ‏۳ العَبدُ ، قالَ : فَلَم يَأبَه لَهُ حَتّى‏ غَشِيَهُ فَبَدَرَهُ الضَّربَةَ ، فَاتَّقاهُ الكَلبِيُّ بِيَدِهِ اليُسرى‏ ، فَأَطارَ أصابِعَ كَفِّهِ اليُسرى‏ ، ثُمَّ مالَ عَلَيهِ الكَلبِيُّ فَضَرَبَهُ حَتّى‏ قَتَلَهُ .
وأقبَلَ الكَلبِيُّ مُرتَجِزاً وهُوَ يَقولُ ، وقَد قَتَلَهُما جَميعاً :


إن تُنكِروني فَأَنَا ابنُ كَلبِ‏حَسبي بَيتي في عُلَيمٍ حَسبي‏
إنِّي امرُؤٌ ذو مِرَّةٍ۴وعَصبِ‏۵ولَستُ بِالخَوّارِ۶عِندَ النَّكبِ‏
إنّي زَعيمٌ لَكِ اُمَّ وَهبِ‏بِالطَّعنِ فيهِم مُقدِماً وَالضَّربِ‏
ضَربِ غُلامٍ مُؤمِنٍ بِالرَّبِ‏

1.الآدم من الناس : الأسمر (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۵۹ «أدم») .

2.اسْتَنتَلَ : أي تقدّم (النهاية : ج ۵ ص ۱۳ «نتل») .

3.رهق فلانٌ فلاناً : تبعه فقاربَ أن يلحقه (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۲۹ «رهق») .

4.المِرَّة : القُوّة والشِّدَّةُ (النهاية : ج ۴ ص ۳۱۶ «مرر») .

5.العَصَبةُ : الأقارب من جهة الأب ، لأنّهم يُعصّبونه ويعتصب بهم (النهاية : ج ۳ ص ۲۴۵ «عصب») .

6.خار يَخورُ : إذا ضعفت قوّته ووهت (النهاية : ج ۲ ص ۸۷ «خور») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
756

على الذهاب إلى كربلاء لنصرة الإمام عليه السلام، وفاتح زوجته بشأن قراره هذا، فأيّدت قرار زوجها ، وقالت له : خذني معك . وأوصلا أنفسهما إلى كربلاء ليلاً .۱
كان مقاتلاً باسلاً شجاعاً ، وقد اختاره الإمام الحسين عليه السلام ليكون أوّل مبارز يبارز العدوّ ؛ فقام بمبارزة اثنين من شجعانهم وأرداهما قتيلين ، وقام بقتل اثنين أيضاً في الهجوم الجماعي للعدوّ لينال بعدها وسام الشهادة ، وكان الثاني من أصحاب الإمام عليه السلام الذين التحقوا برَكب الشهداء .
وبعد شهادة عبد اللَّه أخذت زوجته بالبكاء على جنازته ، فضربها غلام شمر واسمه رستم ، فالتحقت بموكب الشهداء.۲
وقد ورد في الزيارة الرجبيّة۳وزيارة الناحية المقدّسة :
السَّلامُ عَلى‏ عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَيرٍ الكَلبِيِّ .۴

۹۵۶.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن أبي جناب : كانَ مِنّا رَجُلٌ يُدعى‏ عَبدَ اللَّهِ بنَ عُمَيرٍ ، مِن بَني عُلَيمٍ ، كانَ قَد نَزَلَ الكوفَةَ ، وَاتَّخَذَ عِندَ بِئرِ الجَعدِ مِن هَمدانَ داراً ، وكانَت مَعَهُ امرَأَةٌ لَهُ مِنَ النَّمِرِ بنِ قاسِطٍ ، يُقالُ لَها : اُمُّ وَهبٍ بِنتُ عَبدٍ ، فَرَأَى القَومَ بِالنُّخَيلَةِ۵ يُعرَضونَ لِيُسَرَّحوا۶إلَى الحُسَينِ عليه السلام .
قالَ : فَسَأَلَ عَنهُم ، فَقيلَ لَهُ : يُسَرَّحونَ إلى‏ حُسَينِ بنِ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله .
فَقالَ : وَاللَّهِ لَقَد كُنتُ عَلى‏ جِهادِ أهلِ الشِّركِ حَريصاً ، وإنّي لَأَرجو ألّا يَكونَ جِهادُ هؤُلاءِ الَّذينَ يَغزونَ ابنَ بِنتِ نَبِيِّهِم أيسَرَ ثَواباً عِندَ اللَّهِ مِن ثَوابِهِ إيّايَ في جِهادِ المُشرِكينَ ، فَدَخَلَ إلَى امرَأَتِهِ فَأَخبَرَها بِما سَمِعَ ، وأعلَمَها بِما يُريدُ ، فَقالَت : أصَبتَ أصابَ اللَّهُ بِكَ أرشَدَ اُمورِكَ ، افعَل وأخرِجني مَعَكَ .

1.راجع : ح ۹۵۶ .

2.نفس المصدر .

3.راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۸ ص ۱۵۹ ح ۳۵۲۴ .

4.راجع : ص ۱۴۳۲ ح ۲۱۴۵ .

5.النُّخَيلة : موضع قرب الكوفة على سمت الشام (معجم البلدان : ج ۵ ص ۲۷۸) وراجع : الخريطة رقم ۴ في آخر الكتاب .

6.سرّحت فلاناً إلى موضع كذا إذا أرسلته (لسان العرب : ج ۲ ص ۴۷۹ «سرح») .

تعداد بازدید : 1975496
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به