77
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

الكوفة .
ولكنّ أهل مكّة والمدينة لم يكونوا يميلون لأهل البيت عليهم السلام كما كان الحال بالنسبة لأهل الكوفة ؛ وذلك بسبب الظروف السياسية المهيمنة عليهم . وفي هذا المجال ينقل ابن أبي الحديد ، عن أبي عمر النهدي ، عن الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام أنّه قال :
ما بِمَكَّةَ وَالمَدينَةِ عِشرونَ رَجُلاً يُحِبُّنا .۱
وهناك في المقابل روايات كثيرة تدلّ على الكثرة النسبية لمحبّي أهل البيت في الكوفة كما نقل عن الإمام الباقر عليه السلام :
إنَّ وَلايَتَنا عُرِضَت عَلى‏ أهلِ الأَمصارِ فَلَم يَقبَلها قَبولَ أهلِ الكوفَةِ بِشَي‏ءٍ .۲
وهناك روايات اُخرى أيضاً تؤيّد أنّ أنصار أهل البيت عليهم السلام في الكوفة كانوا أكثر من أيّ مدينة اُخرى ، رغم أنّ حبّ غالبيّتهم لم يبلغ حدّ الدفاع العملي والتضحية بالنفس ، ولكنّ أهل البيت لم يكن لهم في المدن الاُخرى هذا العدد من الموالين ، ولذلك فعندما أجبر ابن زياد أهل الكوفة على التوجّه إلى كربلاء ومحاربة الإمام عليه السلام فإنّ الكثير منهم هربوا أثناء الطريق ولم يشهدوا كربلاء . يقول البلاذري في هذا المجال :
وكان الرجل يبعث في ألف فلا يصل إلّا في ثلاثمئة أو أربعمئة وأقلّ من ذلك ؛ كراهةً منهم لهذا الوجه . ۳

سادساً : دعوة أهل الكوفة للإمام عليه السلام‏

لم يدعُ أحدٌ الإمامَ الحسين عليه السلام في جميع أرجاء العالم الإسلامي للثورة ضدّ حكومة يزيد سوى أهل الكوفة، ولذلك فقد كان من أجوبة الإمام على‏ المعترضين ،۴ الاستنادُ إلى الكتب التي دعاه فيها أهل الكوفة للقدوم . ولو أنّ الإمام عليه السلام كان قد توجّه في مثل هذا الجوّ إلى منطقة

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۴ ص ۱۰۴ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۲۹۷ .

2.ثواب الأعمال : ص ۱۱۴ ح ۲۰ ،كامل الزيارات : ص ۳۱۴ ح ۵۳۳ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۴۶ ح ۶ .

3.راجع : ص ۶۰۱ ح ۷۶۰ .

4.راجع : ص ۴۵۷ (الفصل السادس : من أشار على الإمام عليه السلام بعدم التوجّه نحو العراق / بحير بن شداد) وص ۴۶۸ (عبداللَّه بن مطيع) .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
76

كما سجن ابنه «عبيد اللَّه بن زياد» حوالي 12 ألفاً من شيعة الكوفة ، بالإضافة إلى ارتكابه المذابح ضدّ الثوار كما تفيد إحدى الروايات .۱
كما أنّ ثورة التوّابين والمختار بعد واقعة كربلاء ،۲وثورة عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث عام 82-83 ،۳ وثورة زيد بن عليّ عليه السلام سنة 122۴ ، هي أدلّة واضحة اُخرى على الكراهة الشديدة التي كان يضمرها غالبيّة أهالي الكوفة للحكومة الاُموية .
وفي عهد إمامة الإمام الحسين عليه السلام تضاعف الكره الطبيعي لأهل الكوفة ضدّ حكومة الشام ؛ بسبب المفاسد الأخلاقية والسلوكية السافرة ليزيد الذي كان يعتبر نفسه خليفة المسلمين ؛ ولذلك فقد دعوا الإمام من خلال الكتب‏المتتالية لأن يأتي إلى الكوفة ويقود الثورة ضدّ الحكّام الاُمويّين.

خامساً : حضور محبّي أهل البيت عليهم السلام‏

رغم أنّ عدد الشيعة والأتباع المخلصين لأهل البيت عليهم السلام في الكوفة - كما سنوضح ذلك - كان قليلاً۵ ، إلّا أن محبّي أهل البيت والأشخاص الذين كانوا يعبّرون عن حبّهم لأهل بيت الرسالة كانوا كثيرين في هذه المدينة ، بل نظراً إلى أنّ الكوفة كانت مركز الحكومة العادلة للإمام عليّ عليه السلام لما يقرب من خمس سنوات ، وكان عدد كبير من كبار أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قد قدموا معه إلى هذه المدينة ، فانتشرت بذلك أحاديث كثيرة بين أهلها بشأن فضائل أهل البيت عليهم السلام ، فأصبحت الكوفة تدريجياً مركزاً لمحبّي أهل البيت عليهم السلام في العالم الإسلامي ، ولذلك فبعد موت معاوية وعندما بدأت مجموعة صغيرة من الأتباع المخلصين لأهل البيت عليهم السلام نشاطها الإعلامي لمبايعة الإمام الحسين عليه السلام ومحاربة الحكومة الاُموية ، سيطر أتباع الإمام عليه السلام خلال فترة قصيرة على الجوّ العام للمدينة مستغلّين الجوّ الاجتماعي المنفتح الناجم عن ضعف والي

1.حياة الإمام الحسين عليه السلام للقرشي : ج ۲ ص ۴۱۶ .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۵۵۱ ببعد .

3.تاريخ الطبري : ج ۶ ص ۳۴۲ ،سير أعلام النبلاء : ج ۴ ص ۱۸۴ .

4.تاريخ الطبري : ج ۷ ص ۱۸۰ .

5.راجع : ص ۸۷ (أقسام الشيعة في ذلك العصر) .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1970968
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به