79
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

( 2 )

أجوبة الإمام عليه السلام على وصف السفر إلى الكوفة بأنه محفوف بالمخاطر

تُظهر دراسة الروايات التي جاءت في هذا المجال في المصادر التاريخية ، أنّ هناك أشخاصاً مختلفين كانوا يريدون - وبدوافع مختلفة - أن يثنوا الإمام عليه السلام عن السفر إلى العراق ، وكان البعض مكلّفين بشكلٍ مباشر من يزيد بمنع الإمام ، وكان البعض منفّذين لأمره بشكل غير مباشر ، وكان البعض ينفّذ إرادة حكومة يزيد في نفس الوقت الذي كانوا يعبّرون فيه عن حبّهم للإمام ، وكان البعض يتوجّس خيفة من هذا السفر بسبب بعض التنبّؤات التي وردت عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله والتي كانوا قد سمعوها منه ، وكان البعض الآخر يهدفون إلى أن يكون الإمام مثلهم مؤثِراً للعافية والسلامة ، وأخيراً فقد كان هناك بعضٌ ممّن لم يكن يدفعهم دافع سوى حبّهم له عليه السلام .
ومن أجل تحليل أجوبة الإمام عليه السلام للذين كانوا يسعون لثنيه عن هذا السفر من خلال تصوير مخاطره ، يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار - كما أسلفنا - أنّ هدف الإمام من السفر إلى الكوفة كان بالدرجة الاُولى تأسيس الحكومة الإسلامية ، وبالدرجة الثانية تضعيف أركان الحكومةالاُموية، والدفاع عن أساس‏الإسلام، وإن‏استلزم ذلك شهادته هو وأهل بيته وأصحابه ، وعلى هذا فإنّ تحقيق هذا الهدف لا يتنافى مع الأخطار المحتملة ، بل الأكيدة لهذا السفر .
كان الإمام عليه السلام يعلم بمصير هذا السفر من جهة ، ويعي تماماً مخاطره ، ولم يكن يستطيع من جهة اُخرى - ومن أجل إتمام الحجَّة - أن يبوح بكلّ ما كان يعلمه لجميع الناس ، ولذلك فقد كانت أجوبة الإمام للذين وصفوا السفر إلى الكوفة بأنّه خطير ، مختلفةً . ويمكن تقسيم هذه الأجوبة إلى ثلاث طوائف :

1 . الردّ على عمّال الحكومة

كان ردّ الإمام عليه السلام على عمّال يزيد الذين كانوا يمنعونه من السفر إلى العراق هوالطلب منهم ألّا


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
78

اُخرى لإعلان الثورة ، وقُتل على‏ يد عمّال الحكومة ، لاتّهم بعدم الحنكة السياسية .

سابعاً : منع الحكومة الاُموية الإمامَ عليه السلام من الذهاب إلى الكوفة

كان وصول الإمام الحسين عليه السلام إلى الكوفة يشكّل خطراً كبيراً على الاُمويّين ، ولذلك فقد بذل يزيد وعمّاله - قبل السيطرة الكاملة لابن زياد على الكوفة - كلّ جهدهم من أجل الحيلولة دون ذهاب الإمام إلى الكوفة ، حتّى إنّ يزيد مدّ يد العون إلى ابن عبّاس‏۱كي يمنع الإمام من الذهاب إلى الكوفة ، كما سعى عمرو بن سعيد - والي مكّة - لأن يحول دون ذهاب الإمام ، وأرسل مجموعة تمنع الإمام عليه السلام من مغادرة مكّة ، إلّا أنّ الإمام عليه السلام اتّجه إلى العراق بعد قتال يسير .۲
وعلى هذا ، فقد كانت الكوفة من حيث الموقع الثقافي والسياسي والاجتماعي والعسكري والجغرافي أفضل منطقة لبدء الثورة ضدّ حكومة يزيد ، ولذلك يقول السيّد المرتضى رحمة اللَّه عليه في تحليل وقعة كربلاء :
إنّ أسباب الظفر بالأعداء كانت [ظاهرة] لائحة متوجّهة ، وإنّ الاتّفاق عكس الأمر وقلبه حتّى تمّ فيه ما تمّ .۳
ورغم أنّنا لا نؤيّد هذا الرأي ، إلّا أنّنا نعتبر الكوفة أفضل خيارٍ لتحقيق أهداف النهضة الحسينية للأسباب السابقة ، وسوف نسلّط الضوء أكثر على هذا الموضوع .

1.راجع : ص ۴۸۳ (الفصل السابع / جهود يزيد لصرف الإمام عليه السلام عن الخروج) .

2.راجع : ص ۵۱۳ (الفصل السابع / خيبة شرطة عمرو بن سعيد في منعهم الإمام عليه السلام عن الخروج) .

3.تنزيه الأنبياء : ص ۱۷۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۹۸ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922415
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به