859
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

ثُمَّ احتَمَلَهُ، فَكَأَنّي أنظُرُ إلى‏ رِجلَيِ الغُلامِ يَخُطّانِ فِي الأَرضِ، وقَد وَضَعَ حُسَينٌ صَدرَهُ عَلى‏ صَدرِهِ، قالَ: فَقُلتُ في نَفسي: ما يَصنَعُ بِهِ؟ فَجاءَ بِهِ حَتّى‏ ألقاهُ مَعَ ابنِهِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ وقَتلى‏ قَد قُتِلَت حَولَهُ مِن أهلِ بَيتِهِ، فَسَأَلتُ عَنِ الغُلامِ، فَقيلَ: هُوَ القاسِمُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ .۱

۱۰۶۵.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: خَرَجَ مِن بَعدِهِ [أي بَعدِ عَونِ بنِ عَبدِ اللَّهِ بنِ جَعفَرٍ] عَبدُ اللَّهِ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ في بَعضِ الرِّواياتِ، وفي بَعضِ الرِّواياتِ‏۲القاسِمُ بنُ الحَسَنِ - وهُوَ غُلامٌ صَغيرٌ لَم يَبلُغِ الحُلمَ - فَلَمّا نَظَرَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام اعتَنَقَهُ، وجَعَلا يَبكِيانِ حَتّى‏ غُشِيَ عَلَيهِما، ثُمَّ استَأذَنَ الغُلامُ لِلحَربِ فَأَبى‏ عَمُّهُ الحُسَينُ عليه السلام أن يَأذَنَ لَهُ، فَلَم يَزَلِ الغُلامُ يُقَبِّلُ يَدَيهِ ورِجلَيهِ ويَسأَلُهُ الإِذنَ حَتّى‏ أذِنَ لَهُ، فَخَرَجَ ودُموعُهُ عَلى‏ خَدَّيهِ وهُوَ يَقولُ:


إن تُنكِروني فَأَنَا فَرعُ الحَسَنْ‏سِبطُ النَّبِيِّ المُصطَفى‏ وَالمُؤتَمَنْ‏
هذا حُسَينٌ كَالأَسيرِ المُرتَهَنْ‏بَينَ اُناسٍ لا سُقوا صَوبَ المُزَنْ‏۳
وحَمَلَ وكَأَنَّ وَجهَهُ فِلقَةُ قَمَرٍ، وقاتَلَ فَقَتَلَ - عَلى‏ صِغَرِ سِنِّهِ - خَمسَةً وثَلاثينَ رَجُلاً.
قالَ حُمَيدُ بنُ مُسلِمٍ: كُنتُ في عَسكَرِ ابنِ سَعدٍ، فَكُنتُ أنظُرُ إلَى الغُلامِ وعَلَيهِ قَميصٌ وإزارٌ ونَعلانِ قَدِ انقَطَعَ شِسعُ إحداهُما - ما أنسى‏ أنَّهُ كانَ شِسعَ اليُسرى‏ - فَقالَ عَمرُو بنُ سَعدٍ الأَزدِيُّ : وَاللَّهِ لَأَشُدَّنَّ عَلَيهِ! فَقُلتُ: سُبحانَ اللَّهِ! ما تُريدُ بِذلِكَ؟ فَوَاللَّهِ لَو ضَرَبَني ما بَسَطتُ لَهُ يَدي، يَكفيكَ هؤُلاءِ الَّذينَ تَراهُم قَدِ احتَوَشوهُ. قالَ: وَاللَّهِ لَأَفعَلَنَّ! وشَدَّ عَلَيهِ، فَما وَلّى‏ حَتّى‏ ضَرَبَ رَأسَهُ بِالسَّيفِ، فَوَقَعَ الغُلامُ لِوَجهِهِ وصاحَ: يا عَمّاه!
فَانقَضَّ عَلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام كالصَّقرِ، وتَخَلَّلَ الصُّفوفَ، وشَدَّ شِدَّةَ اللَّيثِ الحَرِبِ ،۴فَضَرَبَ

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۴۷، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۵۷۰، الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): ج ۱ ص ۴۷۱، مقاتل الطالبيّين: ص ۹۳ ؛ مثير الأحزان : ص ۶۹ وفي الثلاثة الأخيرة «عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي» ، الإرشاد: ج ۲ ص ۱۰۷ وفيه «عمر بن سعيد بن نفيل الأزدي»، الملهوف: ص ۱۶۷ وفيه «ابن فضيل الأزدي» بدل «عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي» وكلّها نحوه وراجع : أنساب الأشراف: ج ۳ ص ۴۰۶ .

2.وهو المشهور المعتمد .

3.المُزنُ : السحاب ، الواحدة مُزنة (المصباح المنير : ص ۵۷۱ «مزن») .

4.حَرِبَ الرّجلُ : اشتدّ غضبه (لسان العرب : ج ۱ ص ۳۰۴ «حرب») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
858

سعد بن نفيل الأزدي لا رحمه اللَّه، ولكن عبارة المصنّف رحمه اللَّه تفيد أنَّه هو القاسم بن الحسن عليه السلام .
أمّا نسخة المقاتل ففيه: فضرب عَمراً بالسيف، فاتّقاه بساعده، فأطَنّها من لدن المرفق ثمّ تنحّى عنه، وحملت خيل عمر بن سعد لتستنقذه من الحسين عليه السلام، فلمّا حملت الخيل استقبلته بصدورها وجالت فوطأته فلم يُرم حتّى مات لعنه اللَّه وأخزاه، فلما تجلّت الغبرة إذا بالحسين عليه السلام على رأس الغلام وهو يفحص برجله، وحسين يقول : الخبر. وقد يظهر أنّ لفظ «الغلام» كان في نسخة المصنّف مصحّفاًعن كلمة «لعنه اللَّه» التي تكتب هكذا «لع» .۱
وأمّا ما روي في المصادر المعتبرة حول مقتل القاسم عليه السلام، فهو كالتالي:

۱۰۶۴.تاريخ الطبري عن حميد بن مسلم: خَرَجَ إلَينا غُلامٌ كَأَنَّ وَجهَهُ شِقَّةُ قَمَرٍ، في يَدِهِ السَّيفُ، عَلَيهِ قَميصٌ وإزارٌ ونَعلانِ قَدِ انقَطَعَ شِسعُ‏۲ أحَدِهِما - ما أنسى‏ أنَّهَا اليُسرى‏ - فَقالَ لي عَمرُو بنُ سَعدِ بنِ نُفَيلٍ الأَزدِيُّ: وَاللَّهِ لَأَشُدَّنَّ عَلَيهِ! فَقُلتُ لَهُ: سُبحانَ اللَّهِ! وما تُريدُ إلى‏ ذلِكَ؟! يَكفيكَ قَتلُ هؤُلاءِ الَّذينَ تَراهُم قَدِ احتَوَلوهُم. قالَ: فَقالَ: وَاللَّهِ لَأَشُدَّنَّ عَلَيهِ؛ فَشَدَّ عَلَيهِ ، فَما وَلّى‏ حَتّى‏ ضَرَبَ رَأسَهُ بِالسَّيفِ، فَوَقَعَ الغُلامُ لِوَجهِهِ، فَقالَ: يا عَمّاه!
قالَ: فَجَلَّى‏۳ الحُسَينُ عليه السلام كَما يُجَلِّي الصَّقرُ، ثُمَّ شَدَّ شِدَّةَ لَيثٍ غُضُبٍّ،۴فَضَرَبَ عَمراً بِالسَّيفِ، فَاتَّقاهُ بِالسّاعِدِ، فَأَطَنَّها۵ مِن لَدُنِ المِرفَقِ، فَصاحَ، ثُمَّ تَنَحّى‏ عَنهُ وحَمَلَت خَيلٌ لِأَهلِ الكوفَةِ لِيَستَنقِذوا عَمراً مِن حُسَينٍ عليه السلام، فَاستَقبَلَت عَمراً بِصُدورِها، فَحَرَّكَت حَوافِرَها وجالَتِ الخَيلُ بِفُرسانِها عَلَيهِ فَوَطِئَتهُ حَتّى‏ ماتَ.
وَانجَلَتِ الغَبرَةُ، فَإِذا أنَا بِالحُسَينِ عليه السلام قائِمٌ عَلى‏ رَأسِ الغُلامِ، وَالغُلامُ يَفحَصُ بِرِجلَيهِ؛ وحُسَينٌ عليه السلام يَقولُ: بُعداً لِقَومٍ قَتَلوكَ، ومَن خَصمُهُم يَومَ القِيامَةِ فيكَ جَدُّكَ! ثُمَّ قالَ: عَزَّ وَاللَّهِ عَلى‏ عَمِّكَ أن تَدعُوَهُ فَلا يُجيبَكَ ، أو يُجيبَكَ ثُمَّ لا يَنفَعَكَ! صَوتٌ وَاللَّهِ كَثُرَ واتِرُهُ‏۶وقَلَّ ناصِرُهُ.

1.بحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۳۵ .

2.الشِّسْع: أحد سيور النعل، وهو الذي يدخل بين الإصبعين (النهاية: ج ۲ ص ۴۷۲ «شسع») .

3.جَلّى‏ ببصره: إذا رمى‏ به كما ينظر الصقر (الصحاح: ج ۶ ص ۲۳۰۵ «جلا») .

4.غُضُبٌّ : شديد الغضب (لسان العرب : ج ۱ ص ۶۴۹ «غضب») .

5.يقال : ضربَ رجلَه فأطَنَّ ساقَهُ : أي قَطَعَها (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۲۶۸ «طنن») .

6.الوِتْرُ: الجناية التي يجنيها الرجل على‏ غيره من قتل أو نهب أو سبي (لسان العرب: ج ۵ ص ۲۷۴ «وتر») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2002262
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به