87
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

( 5 )

أقسام الشيعة في ذلك العصر

قسّمت روايات أهل البيت عليهم السلام مدّعي التشيّع ومحبّي أهل البيت عليه السلام إلى عدّة أقسام :

1 . الشيعة من الطبقة الاُولى‏

المجموعة الاُولى : هم الأشخاص الذين يُكِنّون حبّاً عميقاً لأهل بيت الرسالة ، ويدافعون سرّاً وعلانية عن تطلّعات أهل البيت عليهم السلام وأهدافهم ، وقد قدّمهم الإمامُ الصادق عليه السلام باعتبارهم أنصار أهل البيت عليهم السلام من الطراز الأوّل ، حيث قال :
طَبَقَهٌ يُحِبّونا فِي السِرِّ وَالعَلانِيَةِ ، هُمُ النَّمَطُ الأَعلى‏ .
ويتحدّث الإمام عليه السلام في بقيّة هذه الرواية عن خصائص هذه المجموعة فيقول :
فَمِن بَينِ مَجروحٍ وَمَذبوحٍ ، مُتَفَرِّقينَ في كُلِّ بِلادٍ قاصِيَةٍ . . . وَهُمُ الأَقَلّونَ عَدَداً ، الأَعظَمونَ عِندَ اللَّهِ قَدراً وَخَطَراً .۱
ومن الأمثلة البارزة لهذه المجموعة من الشيعة ومحبّي أهل البيت عليهم السلام في عصر النهضة الحسينية : حبيب بن مظاهر الأسدي ومسلم بن عوسجة وأبو ثمامة الصائدي ؛ حيث اجتمعوا بعد موت معاوية في دار سليمان بن صرد الخزاعي ، وفتحوا باب مراسلة الإمام الحسين عليه السلام .

2 . الشيعة من الطبقة الثانية

المجموعة الثانية : الأشخاص الذين كانوا يظهرون حبّهم لأهل البيت عليهم السلام بفعل الاُمور الجذّابة في حكومة عليّ عليه السلام ، والأحاديث التي كان قد نقلها في فضائل أهل البيت عليهم السلام ، إلّا أنّ حبّهم لم يكن يتجاوز حدود المظاهر واللّسان ، وقد وصف الإمام الصادق عليه السلام هذه المجموعة بأنّها من النمط الأسفل من محبّي أهل البيت عليهم السلام :

1.تحف العقول : ص ۳۲۵ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
86

الكوفة۱ . وهؤلاء هم الذين كتبوا إلى الشام عندما شعروا بالخطر من نجاح مسلم بن عقيل في مهمّته ، وضعف النعمان بن بشير والي الكوفة وفتوره ، وهيّأوا الأرضيّة لعزل النعمان وحكم ابن زياد .۲
وقيل : إنّ رؤساء قبائل الكوفة ووجهاءها كانوا من هذا الحزب ، وهذا ما أدّى إلى مَيل الكثير من الأهالي إلى هذا الجانب . ۳

3 . الخوارج‏

استفحل أمر الخوارج في الكوفة بعد تلقّيهم ضربةً موجعة في معركة النهروان ، وذلك في عهد معاوية ، وعلى أثر سياسته غير الإسلامية ، وثاروا عام 43 للهجرة في عهد حكم المغيرة بن شعبة بقيادة «المستورد» ، ولكنّ ثورتهم باءت بالفشل .۴ وكان لزياد بن أبيه دورٌ مهمّ في قمعهم بعد تولّيه إمارة الكوفة عام 50 للهجرة .۵ وبعد موت «زياد» عام 53 للهجرة قاموا بثورة اُخرى سنة 58 للهجرة بقيادة «حيّان بن ظبيان» .۶ وقد عمد «ابن زياد» بعد العهد له بولاية الكوفة إلى قمعهم أيضاً .
وعلى هذا ، ونظراً إلى الصراع الدائم للخوارج مع الاُمويين ، لعلّنا نستطيع أن نقرّر أنّهم لم ينحازوا خلال الثورة الحسينية إلى أيٍّ من الجانبين .

4 . اللّااُباليّون والانتهازيّون‏

يشكّل الأشخاص اللّااُباليّون والانتهازيّون نسبةً ملفتةً للنظر من المجتمعات المختلفة ، وكانت في الكوفة أيضاً طائفة لم تكن تميل إلى أهل البيت عليهم السلام ولا إلى بني اُمية ، بل كانت تركّز اهتمامها على إشباع بطونها وشهواتها ، فكانت تتبع كلّ مَن أمّن حياتها .

1.مقتل الحسين للمقرّم : ص ۱۴۹ ، حياة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۳ ص ۴۴۱ .

2.راجع : ص ۳۲۲ (الفصل الرابع / إعلام يزيد بمبايعة الناس لمسلم وضعف النعمان بن بشير) .

3.راجع : بازتاب تفكّر عثمانى در واقعه كربلا «بالفارسيّة» : ص ۳۱ و ۷۸ و ۱۱۹ و ۱۸۶ .

4.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۱۸۱ .

5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۳۵ .

6.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۰۹ .

تعداد بازدید : 1975922
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به