887
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ بَعضُ الرُّواةِ : وَاللَّهِ ما رَأَيتُ مَكثوراً قَطُّ ، قَد قُتِلَ وُلدُهُ ، وأهلُ بَيتِهِ وأصحابُهُ ، أربَطَ جأشاً مِنهُ ، وإنَّ الرِّجالَ كانَت لَتَشُدُّ عَلَيهِ فَيَشُدُّ عَلَيها بِسَيفِهِ ، فَتَنكَشِفُ عَنهُ انكِشافَ المِعزى‏ إذا شَدَّ فيهَا الذِّئبُ ، ولَقَد كانَ يَحمِلُ فيهِم وقَد تَكَمَّلوا ثَلاثينَ ألفاً ، فَيُهزَمونَ بَينَ يَدَيهِ كَأَنَّهُمُ الجَرادُ المُنتَشِرُ ، ثُمَّ يَرجِعُ إلى‏ مَركَزِهِ وهُوَ يَقولُ : لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظيمِ .۱

۱۱۳۰.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن الحجّاج عن عبد اللَّه بن عمّار بن عبد يغوث البارقي : عُتِبَ عَلى‏ عَبدِ اللَّهِ ابنِ عَمّارٍ بَعدَ ذلِكَ مَشهَدُهُ قَتلَ الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَمّارٍ : إنَّ لي عِندَ بَني هاشِمٍ لَيَداً ، قُلنا لَهُ : وما يَدُكَ عِندَهُم ؟ قالَ : حَمَلتُ عَلى‏ حُسَينٍ بِالرُّمحِ فَانتَهَيتُ إلَيهِ ، فَوَاللَّهِ لَو شِئتُ لَطَعَنتُهُ ، ثُمَّ انصَرَفتُ عَنهُ غَيرَ بَعيدٍ ، وقُلتُ : ما أصنَعُ بِأَن أتَوَلّى‏ قَتلَهُ ؟ يَقتُلُهُ غَيري .
قالَ : فَشَدَّ عَلَيهِ رَجّالَةٌ مِمَّن عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ ، فَحَمَلَ عَلى‏ مَن عَن يَمينِهِ حَتَّى ابذَعَرّوا۲ ، وعَلى‏ مَن عَن شِمالِهِ حَتَّى ابذَعَرّوا ، وعَلَيهِ قَميصٌ لَهُ مِن خَزٍّ وهُوَ مُعتَمٌّ .
قالَ : فَوَاللَّهِ ما رَأَيتُ مَكسوراً قَطُّ ، قَد قُتِلَ وُلدُهُ ، وأهلُ بَيتِهِ وأصحابُهُ ، أربَطَ جَأشاً ولا أمضى‏ جَناناً ولا أجرَأَ مَقدَماً مِنهُ ، وَاللَّهِ ما رَأَيتُ قَبلَهُ ولا بَعدَهُ مِثلَهُ ، إن كانَتِ الرَّجّالَةُ لَتَنكَشِفُ مَن عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ انكِشافَ المِعزى‏ إذا شَدَّ فيهَا الذِّئبُ... .
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَنِي الصَّقعَبُ بنُ زُهَيرٍ ، عَن حُمَيدِ بنِ مُسلِمٍ ، قالَ : كانَت عَلَيهِ جُبَّةٌ مِن خَزٍّ ، وكانَ مُعتَمّاً ، وكانَ مَخضوباً بِالوَسمَةِ .
قالَ : وسَمِعتُهُ يَقولُ قَبلَ أن يُقتَلَ ، وهُوَ يُقاتِلُ عَلى‏ رِجلَيهِ قِتالَ الفارِسِ الشُّجاعِ ، يَتَّقِي الرَّمِيَّةَ ، ويَفتَرِصُ‏۳العَورَةَ ، ويَشُدُّ عَلَى الخَيلِ وهُوَ يَقولُ : أعَلى‏ قَتلي تَحاثّونَ‏۴ ؟ أما وَاللَّهِ لا تَقتُلونَ بَعدي عَبداً مِن عِبادِ اللَّهِ ، اللَّهُ أسخَطُ عَلَيكُم لِقَتلِهِ مِنّي ، وَايمُ اللَّهِ ، إنّي لَأَرجو أن يُكرِمَنِيَ اللَّهُ بِهَوانِكُم ، ثُمَّ يَنتَقِمُ لي مِنكُم مِن حَيثُ لا تَشعُرونَ ، أما وَاللَّهِ أن لَو قَد قَتَلتُموني ، لَقَد

1.الملهوف : ص ۱۷۰ ، مثير الأحزان : ص ۷۲ نحوه وفيه «عبد اللَّه بن عمّار بن عبد يغوث» بدل «بعض الرواة» ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۵۰ وراجع : شرح الأخبار : ج ۳ ص ۱۶۳ ح ۱۰۹۱ .

2.اِبْذَعَرُّوا : أي تفرّقوا (الصحاح : ج ۲ ص ۵۸۸ «بذعر») .

3.فَرَصَ : انتهز فلان الفُرصة ، أي اغتنمها وفاز بها (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۴۸ «فرص») .

4.الحَثُّ : الإعجال في اتّصال (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۲۹ «حثث») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
886

فَضَجَّ النّاسُ بِالبُكاءِ .۱

۱۱۲۷.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي :ثُمَّ التَفَتَ الحُسَينُ عليه السلام عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ ، فَلَم يَرَ أحَداً مِنَ الرِّجالِ، فَخَرَجَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام ، وهُوَ زَينُ العابِدينَ عليه السلام - وهُوَ أصغَرُ مِن أخيهِ عَلِيٍّ القَتيلِ - وكانَ مَريضاً ، وهُوَ الَّذي نَسلُ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام‏۲ ، فَكانَ لا يَقدِرُ عَلى‏ حَملِ سَيفِهِ ، واُمُّ كُلثومٍ تُنادي خَلفَهُ : يا بُنَيَّ ارجِع! فَقالَ : يا عَمَّتاه ، ذَريني اُقاتِل بَينَ يَدَيِ ابنِ رَسولِ اللَّهِ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يا اُمَّ كُلثومٍ ، خُذيهِ ورُدّيهِ ، لِئَلّا تَبقى‏۳الأَرضُ خالِيَةً مِن نَسلِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله .۴

9 / 6

قِتالُ الإِمامِ عليه السلام أعداءَهُ وَحيداً

۱۱۲۸.الإرشاد : لَمّا لَم يَبقَ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام أحَدٌ إلّا ثَلاثَةُ رَهطٍ مِن أهلِهِ ، أقبَلَ عَلَى القَومِ يَدفَعُهُم عَن نَفسِهِ وَالثَّلاثَةُ يَحمونَهُ ، حَتّى‏ قُتِلَ الثَّلاثَةُ وبَقِيَ وَحدَهُ ، وقَد اُثخِنَ بِالجِراحِ في رَأسِهِ وبَدَنِهِ ، فَجَعَلَ يُضارِبُهُم بِسَيفِهِ ، وهُم يَتَفَرَّقونَ عَنهُ يَميناً وشِمالاً .
فَقالَ حُمَيدُ بنُ مُسلِمٍ : فَوَاللَّهِ ما رَأَيتُ مَكثوراً۵قَطُّ ، قَد قُتِلَ وُلدُهُ ، وأهلُ بَيتِهِ وأصحابُهُ ، أربَطَ جَأشاً ولا أمضى‏ جَناناً مِنهُ عليه السلام ، إن كانَتِ الرَّجّالَةُ لَتَشُدُّ عَلَيهِ فَيَشُدُّ عَلَيها بِسَيفِهِ ، فَتَنكَشِفُ عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ انكِشافَ المِعزى‏ إذا شَدَّ فيهَا الذِّئبُ .۶

۱۱۲۹.الملهوف : قالَ الرّاوي : ثُمَّ إنَّ الحُسَينَ عليه السلام دَعَا النّاسَ إلَى البِرازِ ، فَلَم يَزَل يَقتُلُ كُلَّ مَن بَرَزَ إلَيهِ ، حَتّى‏ قَتَلَ مَقتَلَةً عَظيمَةً ، وهُوَ في ذلِكَ يَقولُ :


القَتلُ أولى‏ مِن رُكوبِ العارِوَالعارُ أولى‏ مِن دُخولِ النّارِ

1.مثير الأحزان : ص ۷۰ .

2.يعني أنّ نسل الحسين عليه السلام منه ، فإنّ أولاده لم يبق منهم سواه (هامش المصدر) .

3.في المصدر : «لا تبق» ، وما في المتن أثبتناه من بحار الأنوار .

4.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۳۲ ؛ بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۴۶ .

5.المكثور : المغلوب ، وهو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه (النهاية : ج ۴ ص ۱۵۳ «كثر») .

6.الإرشاد : ج ۲ ص ۱۱۱ ، إعلام الورى‏ : ج ۱ ص ۴۶۸ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۸ وليس فيه صدره إلى «شمالاً» وراجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۱ ص ۳۷۶ (القسم الثاني / الفصل الرابع / مكارم أخلاقه / الشجاعة) .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1926947
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به