91
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

( 6 )

التحليل النفسي لأهل الكوفة

يمكن بشكلٍ عامّ أن نذكر الخصائص النفسية لغالبية المجتمع الكوفي ، والتي كان لها دورٌ في الفشل الظاهري لثورة الإمام الحسين عليه السلام ، كالتالي :

أوّلاً : عدم تقبُّلهم للنظام‏

كانت القبائل البدويّة الساكنة في الصحراء تشكّل النواة الرئيسة لمدينة الكوفة ، وقد شاركت لأسباب مختلفة في الفتوح الإسلامية ، ثمّ اتّجهت من حياة البداوة والترحال إلى السكن في المدن ، ولكنّهم مع ذلك لم يفقدوا طبيعتهم البدويّة .
ومن صفات الساكنين في الصحراء ، تمتّعهم بحرّية لا حدّ لها في الصحاري ؛ ولذلك فقد عمدوا منذ البدء إلى التنازع مع اُمرائهم ، بحيث ضاق الخليفة الثاني ذرعاً بهم وشكى‏ منهم قائلاً :
وأيّ نائبٍ أعظم من مئة ألف لا يرضون عن أمير ولا يرضى عنهم أمير .۱
ويمكن القول : إنّ مثل هذا المجتمع لا يحتمل الأمير العادل والمتحرّر الفكر ، فهذا المجتمع يستغلّ مثل هؤلاء الاُمراء ويهبّ لمعارضتهم ولا يطيع أوامرهم ، ونحن نشاهد نماذج هذه الإمارات في سلوك أهل الكوفة مع الإمام عليّ عليه السلام . والأمير الذي يليق لهذا المجتمع هو أميرٌ مثل «زياد بن أبيه» يجبرهم على الطاعة بالعنف والظلم .۲

ثانياً : حبّ الدنيا

رغم أنّ الكثير من مسلمي صدر الإسلام شاركوا في الفتوح الإسلامية بنوايا خالصة ومن أجل

1.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۱۶۵ .

2.جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة : ج ۱ ص ۴۲۰ وما بعدها (كلمات الإمام علي عليه السلام في ذمّ أهل الكوفة) وراجع : مجلّة مشكاة (بالفارسيّة) : العدد ۵۳ ص ۲۱ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
90

واستناداً إلى هذه الروايات يمكن تقسيم مدّعي التشيّع في الكوفة إلى ثلاث طوائف :
الطائفة الاُولى : الأشخاص الذين كانت قلوبهم مع أهل البيت عليهم السلام ، وكانوا يدافعون من الناحية العمليّة - أيضاً - عن مبادئ هذه الاُسرة ، ولكنّ عددهم كان ضئيلاً .
الطائفة الثانية : الأشخاص الذين كانوا يحبّون أهل البيت عليهم السلام قلباً ، ولكنّهم لم يكونوا يجرؤون على الدفاع عن مبادئهم ، وكان عددهم أكثر من الطائفة الاُولى وأقلّ من الطائفة الثالثة .۱
الطائفة الثالثة : الأشخاص الذين كانوا يُظهرون وَلاءهم لأهل البيت عليهم السلام من أجل مصالحهم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ، ولكنّ سيوفهم كانت في خدمة أعدائهم . وأفراد هذه الطائفة - التي كانت تشكّل الغالبية - لم يكونوا شيعةً حقيقيّين .
وفي الحقيقة فإنّ الشيعة من ذوي المصالح السياسية والاقتصادية يتّبعون من يؤمّن لهم مصالحهم ، ولذلك فقد بايعوا مُسلِماً في ظلّ الأجواء التي أحسّوا فيها بغلبة الإمام الحسين عليه السلام ، ولكنّهم انضمّوا إلى صفّ شيعة بني اُمية عندما أدركوا أنّ تعاونَهم مع الإمام عليه السلام يشكّل خطراً عليهم .
وبناءً على ذلك ، فإنّ مسؤولية عدم دعم ثورة الإمام الحسين عليه السلام تقع على عاتق هؤلاء الشيعة المتّبعين لمصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وعلى عاتق الأشخاص الذين استغلّوا اسم الشيعة ، لا على عاتق الشيعة العقائديّين والحقيقيّين .

1.ولعلّ سعد بن عبيدة يقصد هذا الفريق حينما يقول : إنّ أشياخاً من أهل الكوفة لوقوفٌ على التلّ يبكون ويقولون : اللَّهم أنزل نصرك . قال : قلت : يا أعداء اللَّه ! ألا تنزلون فتنصرونه؟! راجع : ص ۶۸۹ (القسم الخامس / الفصل الثاني / دعاء أشياخ من أهل الكوفة لانتصار الإمام عليه السلام وبكاؤهم) .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922382
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به