المخلصين بقيادة «سليمان بن صرد الخزاعي» وعرض دعوة الإمام الحسين عليه السلام ، وإقامة الحكومة في الكوفة من قبلهم ؛ لأنّهم كانوا يرون أنّ الانتصار وإقامة الحكومة محتملان إلى حدٍّ كبير .
ولم يفقدوا الأمل بالانتصار حتّى بعد وصول عبيد اللَّه إلى الكوفة ، ولذلك فقد شارك عددٌ كبير منهم مع مسلم في محاصرة قصر عبيد اللَّه ، ولكنّهم سرعان ما خذلوا الثورة عندما شعروا بالخطر ، وسلّموا مسلماً وهانياً بيد عبيد اللَّه !
وقد اشتدّ هذا الاحساس بالخطر عندما انتشرت بين الناس شائعة تحرّك جيش الشام من قبل أنصار عبيد اللَّه ، حيث يمكن اعتبار سبب الخوف من جيش الشام تعلّق أهل الكوفة بالدنيا ۱ .
ثالثاً : اتّباع العواطف
من خلال دراسة المراحل المختلفة من حياة الكوفة ، يمكننا أن نلاحظ هذه الخصوصيّة بوضوحٍ فيها . ويمكن اعتبار السبب الرئيس لهذه الخصوصية هو عدم ترسّخ الإيمان في قلوبهم ، وبالطبع فإنّنا لا يمكن أن نتوقّع سلوكاً آخر من الأشخاص والقبائل الذين اعتنقوا الإسلام بعد أن رأوا قدرته وسطوته فخرجوا للحرب من أجل دنياهم .
وربّما كان اشتهار أهل الكوفة بالغدر والخديعة وعدم الوفاء بحيث أدّى إلى ظهور أمثالٍ ذائعةٍ، نظير : «أغدر من كوفيّ»۲ ، أو «الكوفي لا يوفي»۳ ناجماً عن هذه الخصوصية المتمثّلة في اتّباعهم لأحاسيسهم وعواطفهم .
رابعاً : العنف
كانت الطبيعة العسكريّة للمدينة وتأسيسها بهدف القتال قد أوجدت نفسيّةً خاصّة لهم تتمثّل
1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۹- ۳۷۱ وراجع : هذا الكتاب : ص ۳۶۱ (الفصل الرابع / اعتقال هانئ وما جرى عليه) وص ۳۷۱ (محاصرة مسلم و أصحابه قصر ابن زياد) وص ۳۷۹ (تفرّق الناس عن ابن عقيل) .
2.الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي : ص ۴۵ .
3.آثار البلاد (بالفارسية) لزكريا القزويني : ص ۳۰۷ .