97
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

ويطلق على المسؤولية التي يقوم بها العريف و عدد الأشخاص الخاضعين لإشرافه عنوان «العرافة» .۱
وقد كان هذا المنصب معروفاً بين قبائل العرب في العصر الجاهلي ، وهو في الناحية الإدارية أدنى من رئاسة القبيلة بدرجة أو درجتين .۲
لكن بعد تأسيس نظام الأسباع عام 17 للهجرة ، صار نظام العرفاء بشكل آخر ، وذلك بأن جُعل المعيار في عدد الأشخاص الخاضعين لإشراف كلّ عريف ، هو أن يكون عطاؤهم وحقوقهم هم ونساؤهم وأولادهم مئة ألف درهم .۳ولذلك فقد كان عدد أفراد «العرافات» المختلفة متبايناً ؛ لأنّ النظام الذي كان عمر بن الخطّاب قد أخذ به لدفع عطاءات المقاتلين لم يكن قائماً على المساواة ، بل على أساس فضائل الأشخاص وخصوصيّاتهم ، كأن يكونوا صحابيّين ومشاركين في غزوات النبي الأعظم صلى اللَّه عليه وآله أو مشاركين في الفتوح ، وغير ذلك .۴وبذلك كانت «العرافات» المختلفة تضمّ من عشرين إلى ستّين مقاتلاً بالإضافة إلى نسائهم وأولادهم .
وكانت مهمّة العرفاء في ذلك الوقت تتمثّل في أنّهم كانوا يستلمون عطاءات وحقوق الأفراد الخاضعين لإشرافهم من اُمراء الأسباع ويسلّمونها إليهم ، وكانوا يستنفرون أفرادهم عند الحرب ، ويرفعون أحياناً تقارير بأسماء المتخلّفين عن الحرب إلى الوالي ، أو إلى اُمراء الأسباع .۵
واكتسب العرفاء أهمّية أكبر عندما توطّن الجنود غير المتحضّرين في المدن واستقرّوا في الكوفة ، فقد اُوكلت إليهم مسؤولية إقرار الأمن في نطاق الأفراد المذكورين بالإضافة إلى المسؤوليات السابقة ، وأعدّوا دفاتر خاصّة سجّلوا فيها أسماء المقاتلين ونسائهم وأولادهم ومواليهم ، وكانت تسجّل أيضاً أسماء المولودين حديثاً وسنة ولادتهم ، كما كان يتمّ محو أسماء

1.النهاية : ج ۳ ص ۲۱۸ ، لسان العرب : ج ۹ ص ۲۳۸ .

2.تاج العروس : ج ۱۲ ص ۳۸۰ ، تاريخ التمدّن الإسلامي : ج ۱ ص ۱۷۶ .

3.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۴۹ .

4.لمزيد من الاطّلاع على خصائص نظام العطاء لدى عمر راجع : تاريخ الطبري : ج ۳ ص ۶۱۳ .

5.مجلّة «مشكاة» : العدد ۵۳ ص ۳۱ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
96

وكان الرؤساء الذين اختارهم زياد للأرباع هم بالترتيب كالتالي : عمرو بن حريث ، خالد بن عرفطة ، قيس بن الوليد وأبو بردة بن أبي موسى الأشعري .۱
وقد استعان مسلم بن عقيل بدوره بهذا النظام أيضاً عند القيام بنهضته وثورته ، حين نظّم أفراد كلّ ربع في الربع نفسه ، واختار هو نفسه رئيساً للربع غير الرئيس المنصوب من قبل الحكومة .
وتطالعنا خلال ثورة مسلم في الكوفة - وبعد اعتقال هاني ومحاصرة القصر - أسماء رؤساء الأرباع المعيّنين من جانبه وهم :
مسلم بن عوسجة الأسدي رئيس ربع مذحج وأسد ، عبيد اللَّه بن عمر بن عزيز الكندي رئيس ربع كندة وربيعة، عبّاس بن جعدة الجدلي رئيس ربع أهل المدينة ، وأبو ثمامة الصائدي رئيس ربع تميم وهمدان .۲
ولم يكن هاني بن عروة يتولّى‏ رئاسة ربع كندة وربيعة من جانب الحكومة ، ولكنّه كان يتمتّع بالاحترام الكبير بين أهالي هذا الربع الذي كان أكثر أرباع الكوفة سكّاناً ، وبلغ هذا الاحترام درجة بحيث يقال: إنّه إذا طلب المساعدة هبّ ثلاثون ألف سيف لنجدته ،۳ ولكنّ ابن زياد استطاع بسياساته واستغلال عمرو بن الحجّاج الزبيدي المنافس ل«هاني» أن يخفض هذا التأثير إلى الحدّ الأدنى ، وأن يقتله في النهاية دون أن يبدي الربع أيّ تحرك ! ۴

ثالثاً : العُرفاء

العرفاء جمع عريف ، و العريف يمثّل منصباً في القبيلة ، وهو أن يتولّى رئاسة عدد من أفراد القبيلة ورعاية شؤونهم ، ويأخذ على عاتقه مسؤولية أعمال اُولئك الأشخاص أمام الحكومة ،

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۶۸ .

2.راجع : ص ۳۶۹ (الفصل الرابع / دعوة مسلم قوّاته والحركة نحو القصر) .

3.تاريخ الكوفة : ص ۲۹۷ .

4.ممّا يجدر ذكره أنّ القبائل المختلفة التي كانت تشارك في الفتوح كانت تدار قبل تأسيس مدينة الكوفة تحت نظام «الأعشار» ، وبعد توطّن جيش سعد مدينة الكوفة اُسّس «نظام الأسباع» بدلاً من «نظام الأعشار» بأمر الخليفة الثاني ، واستمرّ هذا النظام حتّى عهد إمارة «زياد» (مجلّة «مشكاة» : العدد ۵۳ ص ۲۹ وراجع : تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۴۸) .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1916731
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به