99
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

سنوياً إلى الأفراد المقاتلين في هذه المدينة ، كما كانت تُدفع إليهم الأرزاق التي كانت عبارة عن المساعدات العينية ؛ مثل : التمر والقمح والشعير والزيت وغير ذلك ، شهريّاً ودون مقابل .
والذي أسّس نظام العطاءات والأرزاق هو عمر بن الخطّاب ، وذلك أنّه كان يعيّن للجند حقوقاً سنويّة من أجل الحيلولة دون انشغال الجنود في أعمال اُخرى ، وكانت مقادير العطاءات والأرزاق تحكمها معايير خاصّة ؛ كأن يكون الفرد صحابياً ، أو بلحاظ عدد مرّات اشتراكه في الحروب ، وما إلى ذلك . ويتمّ تأمين هذه الحقوق السنوية بشكل رئيس من الفتوح وخراج الأراضي المفتوحة حديثاً۱ . وتقسّم على الأشخاص ، بمبالغ تتراوح بين 300 إلى 2000 درهم في السنة ، ويطلق على حدّها الأقصى اسم «شرف العطاء» ، وكان يدفع إلى الأشخاص البارزين الذين يتمتّعون بصفات بارزة مثل الشجاعة المتميّزة والجرأة .۲
وعلى هذا ، فقد كان أهمّ مصادر الموارد الماليّة لأهل الكوفة وتأمين حياتهم بيد نظام الحكم ، ولم يكن أمام غالبية الأهالي سبيل لتأمين معيشتهم سوى التعاون مع الحكومة .
ويبدو أنّ دور النظام الإداري والاقتصادي للكوفة كان أكثر العوامل تأثيراً في إعراض الأهالي عن الثورة ، والانضمام إلى أنصار الحكومة ، ولذلك فإنّ ابن زياد عندما دخل الكوفة وألقى خطبة سياسية فيها ، استغلّ النظام الإداري والاقتصادي لهذه المدينة استغلالاً كاملاً لتهديد الأهالي وترغيبهم ، وهذا هو نصّ رواية الطبري في هذا المجال :
أَخَذَ [ابنُ زِيادٍ] العُرَفاءَ وَالنّاسَ أخذاً شَديداً ، فَقالَ : اُكتُبوا إلَيَّ الغُرَباءَ ، ومَن فيكُم مِن طِلبَةِ أميرِ المُؤمِنينَ ، ومَن فيكُم مِنَ الحَرورِيَّةِ وأهلِ الرَّيبِ ، الَّذينَ رَأيُهُمُ الخِلافُ وَالشِّقاقُ ، فَمَن كَتَبَهُم لَنا فَبَري‏ءٌ ، ومَن لَم يَكتُب لَنا أحَداً فَيَضمَنُ لَنا ما في عَرافَتِهِ ألّا يُخالِفَنا مِنهُم مُخالِفٌ ، ولا يَبغي عَلَينا مِنهُم باغٍ ، فَمَن لَم يَفعَل بَرِئَت مِنهُ الذِّمَّةُ ، وحَلالٌ لَنا مالُهُ وسَفكُ دَمِهِ .
وأيُّما عَريفٍ وُجِدَ في عَرافَتِهِ مِن بُغيَةِ أميرِ المُؤمِنينَ أحَدٌ لَم يَرفَعهُ إلَينا ، صُلِبَ عَلى‏ بابِ

1.تاريخ الطبري : ج ۳ ص ۶۱۳ ، فتوح البلدان : ص ۴۳۵ وما بعدها .

2.الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة في القرن الأوّل الهجري : ص ۲۴۰ ، تنظيمات الجيش العربي الإسلامي : ص ۹۸ ، فتوح البلدان : ص ۴۴۲ وراجع : تاريخ دمشق : ج ۵۹ ص ۲۰۴ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
98

الأشخاص المتوفّين ، وبذلك فقد كانوا يحيطون علماً بأفرادهم .
ويبدو أنّ تعيين وعزل العرفاء كانا يتمّان بواسطة الوالي ؛ ذلك لأنّهم كانوا مسؤولين أمام الوالي تجاه أفراد العرافة .۱
وكان دور العرفاء وأهميّتهم يتضاعفان عند حدوث الاضطرابات في المدن ؛ ذلك لأنّهم كانوا مسؤولين عن إقرار النظام في عرافتهم ، وبالطبع فإنّ الحكومة المركزية إذا كانت قويّة فإنّها كانت تطلب منهم أن يرفعوا تقارير بأسماء الأشخاص المتمرّدين .۲

ب - مصادر دخل الناس‏

يمكن بشكل عام تقسيم طرق دخل الأهالي إلى قسمين : الأوّل : هو الكسب والعمل ، والثاني : هو استلام العطاءات والأرزاق من حكومة الكوفة .

أوّلاً : الكسب والعمل‏

كان عمل الناس يتمثّل عادةً في ذلك الوقت في الزراعة والصناعة والتجارة ، أو الأعمال الحكومية ، مثل : الخدمة في الشرطة .
ومع الأخذ بنظر الاعتبار ارتباط أهالي الكوفة الوثيق بعطاء الحكومة ، يبدو أنّهم لم يكونوا يعملون إلّا قليلاً ، حتّى قيل : إنّ الموالي هم الذين كانوا يتولّون معظم الحرف في الكوفة ، بل إنّ العرب لايرون أنّ العمل في الحرف والصناعات لائقاً بشأنهم .۳

ثانياً : العطاءات والأرزاق‏

كان العطاء عبارة عن مبالغ نقديّة كانت تُدفع من جانب الحكومة دفعة واحدة عدّة مرّات

1.تنظيمات الجيش العربي الإسلامي : ص ۲۲۳ ، الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة في القرن الأوّل الهجري : ص ۴۹ وما بعدها .

2.ممّا يجدر ذكره أنّ هناك منصباً آخر ذُكر في النظام الإداري للكوفة يُدعى «المناكب» ، وقد أفادت بعض الروايات أنّ ابن زياد هو الذي كان قد استحدث هذا المنصب للإشراف على عمل «العرفاء» والسيطرة عليه (مجلّة «مشكاة» : العدد ۵۳ ص ۳۱) .

3.الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة في القرن الأوّل الهجري : ص ۸۲ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبائي نژاد،محمود؛ السيّدطبائي،روح الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1922395
صفحه از 1486
پرینت  ارسال به