105
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

فَلَمَّا أُسْقِطَ احْتَمَلَهُ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله ، فَوَضَعَهُ عِنْدَهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَفَيْتُ بِبَيْعَتِي؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله خَيْراً ، وَكَانَ النَّاسُ يَحْمِلُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله الْمَيْمَنَةَ ، فَيَكْشِفُهُمْ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَإِذَا كَشَفَهُمْ أَقْبَلَتِ الْمَيْسَرَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله ، فَلَمْ يَزَلْ كَذلِكَ حَتّى‏ تَقَطَّعَ سَيْفُهُ بِثَلَاثِ قِطَعٍ ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله فَطَرَحَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَقَالَ : هذَا سَيْفِي قَدْ تَقَطَّعَ ، فَيَوْمَئِذٍ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله ذَا الْفَقَارِ .
وَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله اخْتِلَاجَ سَاقَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْقِتَالِ ، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَبْكِي ، وَقَالَ : يَا رَبِّ ، وَعَدْتَنِي أَنْ تُظْهِرَ دِينَكَ ، وَإِنْ شِئْتَ لَمْ يُعْيِكَ ، فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ عليه السلام إِلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَسْمَعُ دَوِيّاً شَدِيداً ، وَأَسْمَعُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ ، وَمَا أَهُمُّ أَضْرِبُ أَحَداً إِلَّا سَقَطَ مَيِّتاً قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَهُ ، فَقَالَ : هذَا جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ فِي الْمَلَائِكَةِ .
ثُمَّ جَاءَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام ، فَوَقَفَ إِلى‏ جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ هذِهِ هِيَ‏۱ الْمُوَاسَاةُ ، فَقَالَ : إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ، فَقَالَ‏۲ جَبْرَئِيلُ : وَأَنَا مِنْكُمَا ، ثُمَّ انْهَزَمَ النَّاسُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لِعَلِيٍّ عليه السلام : يَا عَلِيُّ ، امْضِ بِسَيْفِكَ حَتّى‏ تُعَارِضَهُمْ ، فَإِنْ رَأَيْتَهُمْ قَدْ رَكِبُوا الْقِلَاصَ وَجَنَبُوا الْخَيْلَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ مَكَّةَ ، وَإِنْ رَأَيْتَهُمْ قَدْ رَكِبُوا الْخَيْلَ وَهُمْ يَجْنُبُونَ الْقِلَاصَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَدِينَةَ ، فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ عليه السلام ، فَكَانُوا عَلَى الْقِلَاصِ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِعَلِيٍّ عليه السلام : يَا عَلِيُّ ، مَا تُرِيدُ؟ هُوَ ذَا نَحْنُ ذَاهِبُونَ إِلى‏ مَكَّةَ ، فَانْصَرِفْ إِلى‏ صَاحِبِكَ ، فَأَتْبَعَهُمْ جَبْرَئِيلُ عليه السلام ، فَكُلَّمَا سَمِعُوا وَقْعَ حَوَافِرِ۳ فَرَسِهِ جَدُّوا فِي السَّيْرِ وَكَانَ يَتْلُوهُمْ ، فَإِذَا ارْتَحَلُوا قَالَ‏۴ : هُوَ ذَا عَسْكَرُ مُحَمَّدٍ قَدْ أَقْبَلَ ، فَدَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ مَكَّةَ ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ .
وَجَاءَ الرُّعَاةُ۵ وَالْحَطَّابُونَ ، فَدَخَلُوا مَكَّةَ ، فَقَالُوا : رَأَيْنَا عَسْكَرَ مُحَمَّدٍ ، كُلَّمَا رَحَلَ أَبُو سُفْيَانَ نَزَلُوا يَقْدُمُهُمْ فَارِسٌ عَلى‏ فَرَسٍ أَشْقَرَ يَطْلُبُ آثَارَهُمْ ، فَأَقْبَلَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلى‏ أَبِي سُفْيَانَ يُوَبِّخُونَهُ ، وَ رَحَلَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله وَالرَّايَةُ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ .
فَلَمَّا أَنْ أَشْرَفَ بِالرَّايَةِ مِنَ الْعَقَبَةِ وَرَآهُ النَّاسُ ، نَادى‏ عَلِيٌّ عليه السلام : أَيُّهَا النَّاسُ ، هذَا مُحَمَّدٌ لَمْ يَمُتْ وَلَمْ يُقْتَلْ ، فَقَالَ صَاحِبُ الْكَلَامِ الَّذِي قَالَ : الْآنَ يَسْخَرُ بِنَا وَقَدْ هُزِمْنَا : هذَا عَلِيٌّ وَالرَّايَةُ بِيَدِهِ حَتّى‏

1.في كلتا الطبعتين: «لهي».

2.في بعض نسخ الكافي: «قال».

3.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «حافر».

4.هكذا في النسخة وأكثر نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «قالوا».

5.في بعض نسخ الكافي: «الرعاء».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
104

وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ»: «زوجاتهم، سمّيت الزوجة حليلة لحلّها، أو لحلولها مع الزوج». وقال: «إنّ قوله: « الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ» احتراز عن المتبنّين لا عن أبناء الولد».۱
وقال بعض الأفاضل:
هذا الاستدلال مبنيّ على تسليم الخصم، بل اتّفاق العلماء على دخول أولاد الأولاد مطلقاً تحت هذه الآية كما صرّح به أكثر المفسّرين؛ قال الرازي: «اتّفقوا على أنّ هذه الآية تقتضي تحريم حليلة ولد الولد على الجدّ، وهذا يدلّ على أنّ ولد الولد يطلق عليه أنّه من صلب الجدّ، وفيه دلالة على أنّ ولد الولد منسوب إلى الجدّ بالولادة»۲ .۳

متن الحديث الواحد والخمسمائة

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى‏ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ‏۴أَبِي الْعَلَاءِ الْخَفَّافِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :
«لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله ، انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ : أَنَا مُحَمَّدٌ ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ ، لَمْ أُقْتَلْ وَلَمْ أَمُتْ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ ، فَقَالَا : الْآنَ يَسْخَرُ بِنَا أَيْضاً وَقَدْ هُزِمْنَا وَبَقِيَ مَعَهُ عَلِيٌّ عليه السلام وَسِمَاكُ‏۵ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقَالَ : يَا أَبَا دُجَانَةَ ، انْصَرِفْ وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِكَ ، فَأَمَّا عَلِيٌّ فَهُوَ أَنَا هُوَ وَأَنَا هُوَ۶ ، فَتَحَوَّلَ وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله وَبَكى‏ ، وَقَالَ : لَا وَاللَّهِ ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : لَا وَاللَّهِ ، لَا جَعَلْتُ نَفْسِي فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي ، إِنِّي بَايَعْتُكَ ، فَإِلى‏ مَنْ أَنْصَرِفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِلى‏ زَوْجَةٍ تَمُوتُ ، أَوْ وَلَدٍ يَمُوتُ ، أَوْ دَارٍ تَخْرَبُ ، وَمَالٍ يَفْنى‏ ، وَأَجَلٍ قَدِ اقْتَرَبَ ، فَرَقَّ لَهُ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله ، فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ حَتّى‏ أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ وَهُوَ فِي وَجْهٍ ، وَعَلِيٌّ عليه السلام فِي وَجْهٍ .

1.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۱۶۸.

2.تفسير الرازي، ج ۱۰، ص ۳۵. وراجع: الكشّاف، ج ۱، ص ۵۱۷؛ التبيان، ج ۳، ص ۱۵۸؛ مجمع البيان، ج ۳، ص ۵۶.

3.القائل هو العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۴۳۲.

4.في الطبعة القديمة: - «بن».

5.في بعض نسخ الكافي: «وشمال».

6.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «فأنا هو وهو أنا» بدل «فهو أنا وأنا هو».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73685
صفحه از 568
پرینت  ارسال به