113
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

فَلَمَّا انْتَهى‏ إِلَى الْمَكَانِ‏۱ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ ، أَحْرَمُوا وَلَبِسُوا السِّلَاحَ ، فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِيَرُدَّهُ ، قَالَ : ابْغُونِي رَجُلًا يَأْخُذُنِي عَلى‏ غَيْرِ هذَا الطَّرِيقِ ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَسَأَلَهُ فَلَمْ يُوَافِقْهُ ، فَقَالَ : ابْغُونِي رَجُلًا۲ غَيْرَهُ ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ آخَرَ ، إِمَّا مِنْ مُزَيْنَةَ وَإِمَّا مِنْ جُهَيْنَةَ» .
قَالَ : «فَذَكَرَ لَهُ فَأَخَذَهُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهى‏ إِلَى الْعَقَبَةِ ، فَقَالَ : مَنْ يَصْعَدْهَا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا حَطَّ اللَّهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَقَالَ لَهُمُ : «ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً [...] نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ»۳» .
قَالَ : «فَابْتَدَرَهَا خَيْلُ الْأَنْصَارِ : الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ» قَالَ‏۴ : «وَكَانُوا أَلْفاً وَثَمَانَمِائَةٍ .
فَلَمَّا هَبَطُوا إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ إِذَا امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنُهَا عَلَى الْقَلِيبِ ، فَسَعَى ابْنُهَا هَارِباً ، فَلَمَّا أَثْبَتَتْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، صَرَخَتْ بِهِ هؤُلَاءِ الصَّابِئُونَ : لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهُمْ بَأْسٌ ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَأَمَرَهَا فَاسْتَقَتْ دَلْواً مِنْ مَاءٍ ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَشَرِبَ ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ، فَأَخَذَتْ فَضْلَتَهُ فَأَعَادَتْهُ فِي الْبِئْرِ ، فَلَمْ تَبْرَحْ‏۵ حَتَّى السَّاعَةِ .
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ فِي الْخَيْلِ ، فَكَانَ بِإِزَائِهِ ، ثُمَّ أَرْسَلُوا الْحُبَيْشَ‏۶ ، فَرَأَى الْبُدْنَ وَهِيَ تَأْكُلُ‏۷ بَعْضُهَا أَوْبَارَ بَعْضٍ ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ : يَا أَبَا سُفْيَانَ ، أَمَا وَ اللَّهِ مَا عَلى‏ هذَا حَالَفْنَاكُمْ عَلى‏ أَنْ تَرُدُّوا الْهَدْيَ عَنْ مَحِلِّهِ .
فَقَالَ : اسْكُتْ ، فَإِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَتُخَلِّيَنَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَمَا أَرَادَ ، أَوْ لَأَنْفَرِدَنَّ فِي الْأَحَابِيشِ .
فَقَالَ : اسْكُتْ حَتّى‏ نَأْخُذَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَلْثاً .۸
فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَقَدْ كَانَ جَاءَ إِلى‏ قُرَيْشٍ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ أَصَابَهُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ كَانَ خَرَجَ مَعَهُمْ مِنَ الطَّائِفِ وَكَانُوا تُجَّاراً ، فَقَتَلَهُمْ وَجَاءَ بِأَمْوَالِهِمْ إِلى‏ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَأَبى‏ رَسُولُ

1.في بعض نسخ الكافي: «الموضع».

2.في بعض نسخ الكافي: - «رجلاً».

3.البقرة (۲): ۵۸.

4.في بعض نسخ الكافي: + «قال».

5.في بعض نسخ الكافي: «فلم يبرح». وفي بعضها: «فلم تنزح».

6.هكذا في النسخة. وفي كلتا الطبعتين: «الحليس». وفي بعض نسخ الكافي وشرح المازندراني: «الجيش». وفي بعضها والوافي: «الخليس». وفي بعضها: «الحبش».

7.في بعض نسخ الكافي: «يأكل».

8.في بعض نسخ الكافي: «ولياً».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
112

جعلنها حريصة على الأكل والشرب، وهو كناية عن غاية الجوع والعطش. أو من الحرص - بالفتح - وهو الشقّ، يُقال: حرص القصّار الثوب - كضرب - أي أحرقه بالدّق. ولعلّ المراد حينئذٍ شقّ الثوب الملاصق للبطن وخرقه. ويحتمل أن يكون كناية أيضاً عمّا ذكرناه من الجوع والعطش.
وفي بعض النسخ بالحاء المهملة والضاد المعجمة، ولعلّه من التحريض بمعنى الحثّ والترغيب، فحاله يرجع إلى التحريض. ويحتمل كونه من الحرض - بالتحريك - وهو الفساد في البدن وفي المذهب، والرجل المريض الفاسد. والحارض: المشرف على الهلاك، ومن لا خير عنده، أو لا يرجى خيره ولا يخاف شرّه، ومن أذابه العشق، أو الحزن، والساقط الذي لا يقدر على النهوض، والمُضنى مرضاً وسقماً. وحرض نفسه يحرضها، أي أفسدها. وحرض - ككرم وفرح - : طال همّه وسقمه. وأحرضه المرض: إذا أفسد بدنه وأشفى على الهلاك.
والحاصل أنّهنّ جهلن بطونهنّ حارضة بأحد من تلك المعاني من الحزن أو من الجوع.
وفي بعضها: «خرمن» بالخاء المعجمة والرّاء المهملة، وكأنّه من الخرم، من النقص، أو القطع.
وفي بعضها بالحاء المهملة والزاء المعجمة، يُقال: خرمت الشي‏ء خرماً: إذا شددته، ولعلّ المراد أنّهنّ شددن بطونهنّ وأوباطهنّ من الجوع كما هو المتعارف.
وقيل: أي كُنّ شددن بطونهنّ لئلّا تبدو عوراتهن لشقّ الجيوب،۱ وهو بعيد.
وفي بعضها: «حرمن» بالمهملتين، أي منعنها من الطعام والشراب، يُقال: حرمه الشي‏ء - كضرب - : إذا منعه إيّاه.

متن الحديث الثاني والخمسمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَغَيْرِهِ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :
«لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ‏۲ صلى اللَّه عليه وآله فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ ، خَرَجَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ،

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۴۳۷.

2.في بعض نسخ الكافي: «النبي».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73666
صفحه از 568
پرینت  ارسال به