جعلنها حريصة على الأكل والشرب، وهو كناية عن غاية الجوع والعطش. أو من الحرص - بالفتح - وهو الشقّ، يُقال: حرص القصّار الثوب - كضرب - أي أحرقه بالدّق. ولعلّ المراد حينئذٍ شقّ الثوب الملاصق للبطن وخرقه. ويحتمل أن يكون كناية أيضاً عمّا ذكرناه من الجوع والعطش.
وفي بعض النسخ بالحاء المهملة والضاد المعجمة، ولعلّه من التحريض بمعنى الحثّ والترغيب، فحاله يرجع إلى التحريض. ويحتمل كونه من الحرض - بالتحريك - وهو الفساد في البدن وفي المذهب، والرجل المريض الفاسد. والحارض: المشرف على الهلاك، ومن لا خير عنده، أو لا يرجى خيره ولا يخاف شرّه، ومن أذابه العشق، أو الحزن، والساقط الذي لا يقدر على النهوض، والمُضنى مرضاً وسقماً. وحرض نفسه يحرضها، أي أفسدها. وحرض - ككرم وفرح - : طال همّه وسقمه. وأحرضه المرض: إذا أفسد بدنه وأشفى على الهلاك.
والحاصل أنّهنّ جهلن بطونهنّ حارضة بأحد من تلك المعاني من الحزن أو من الجوع.
وفي بعضها: «خرمن» بالخاء المعجمة والرّاء المهملة، وكأنّه من الخرم، من النقص، أو القطع.
وفي بعضها بالحاء المهملة والزاء المعجمة، يُقال: خرمت الشيء خرماً: إذا شددته، ولعلّ المراد أنّهنّ شددن بطونهنّ وأوباطهنّ من الجوع كما هو المتعارف.
وقيل: أي كُنّ شددن بطونهنّ لئلّا تبدو عوراتهن لشقّ الجيوب،۱ وهو بعيد.
وفي بعضها: «حرمن» بالمهملتين، أي منعنها من الطعام والشراب، يُقال: حرمه الشيء - كضرب - : إذا منعه إيّاه.
متن الحديث الثاني والخمسمائة
۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَغَيْرِهِ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :«لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ۲ صلى اللَّه عليه وآله فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ ، خَرَجَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ،