119
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(فأخذت فضلته فأعادته في البئر) أي أخذت تلك المرأة فضلة ذلك الماء، أو فضلة الغسل والشرب، فأعادت تلك الفضلة في البئر. وتذكير الضمير باعتبار الماء.
(فلم تبرح حتّى الساعة) أي لم يزل الماء من تلك البئر إلى الآن.
وفي كتب السِّير: أنّه صلى اللَّه عليه وآله لمّا نزل بالحديبيّة أخرج سهماً من كنانته، فأعطاه رجلاً من أصحابه، فنزل في قليب من تلك القُلُب، فغرزه في جوفه، فجاش الماء بالريّ حتّى ضرب الناس فيه بعطن، وكان اسم الذي أخذ السهم ناجية بن عمر وسائق بُدن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله.۱ وذكر بعضهم أنّ جريان الماء بين أصابعه صلى اللَّه عليه وآله أيضاً كان في تلك الغزوة.۲(وخرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله) من الحديبيّة (فأرسل إليه المشركون أبان بن سعيد في الخيل)أي مع فرسانهم وعسكرهم.
(فكان بإزائه) محلّ، المراد أنّه كان بإزاء النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ومقابلته ليمنعه من الوصول إلى مكّة.
وقيل: معناه: أنّه أتى حتّى قام بحذاء النبيّ صلى اللَّه عليه وآله. أو المراد: أنّه كان قائد عسكر المشركين، كما أنّه صلى اللَّه عليه وآله كان قائد عسكر المسلمين.۳(ثمّ أرسلوا الحُبَيش) مصغّر حبش، وهو الحبيش بن علقمة الكناني سيّد الأحابيش.
وفي بعض النسخ: «الحبش». وفي بعضها: «الحليس» بالحاء المهملة. وفي بعضها بالخاء المعجمة. وفي بعضها: «جليس» بالجيم. وهذا الأخير موافق لكتب السِّير.
والغرض من إرساله إلى المسلمين ليعلم حالهم واستعدادهم، وأنّهم هل جاؤوا محاربين، أو زائرين؟
(فرأى البُدن).
في القاموس: «البدنة - محرّكة - من الإبل والبقر كالأضحية من الغنم، تُهدى إلى مكّة، للذكر والاُنثى. الجمع: ككتب».۴

1.راجع: السيرة النبويّة لابن هشام، ج ۳، ص ۷۷۶؛ الكامل في التاريخ، ج ۲، ص ۲۰۰ و ۲۰۱؛ السيرة النبويّة لابن كثير، ج ۳، ص ۳۱۴.

2.حكي عن جابر بن عبد اللَّه. اُنظر: مسند أحمد، ج ۳، ص ۳۵۳؛ دلائل النبوّة، ج ۳، ص ۱۰۵۷.

3.القائل هو العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۴۴۰.

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۰۱ (بدن).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
118

وقوله: (الأوس والخزرج) بدل من الأنصار، أو من الخيل.
(قال: وكانوا ألفاً وثمانمائة).
قال بعض العامّة: كانوا ألفاً وأربعمائة.۱ وفي بعض رواياتهم: ألف وخمسمائة.۲ وفي بعضها: ألف وثلاثمائة.۳(فلمّا هبطوا إلى الحديبيّة إذا امرأة معها ابنها على القليب).
في القاموس: «القليب: البئر، أو العادية القديمة منها ويؤنّث».۴(فسعى ابنها) أي عدا وأسرع في المشي.
(هارباً) خوفاً وفَرَقاً.
(فلمّا أثبتت أنّه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله) أي عرفته حقّ المعرفة.
(صرخت به) أي صاحت بابنها.
(هؤلاء الصابئون).
قال الجوهري في باب المهموز:
صبأ الرجل صبوء: إذا خرج من دين إلى دين. قال أبو عبيدة: صبأ من دينه إلى دينٍ آخر كما تصبأ النجوم، أي تخرج من مطالعها. وصبأ أيضاً: إذا صار صابئاً. والصّابئون جنس من أهل الكتاب.۵
وقال الجزري: «وكانت العرب تسمّي النبيّ صلى اللَّه عليه وآله الصابي؛ لأنّه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام».۶(ليس عليك منهم بأس) فلا تخف ولا تهرب.
(فأتاها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فأمرها فاستقت دلواً من ماء).
ضمير التأنيث في الموضعين عائد إلى المرأة، ويحتمل عود الأوّل إلى القليب. وإرجاعه إلى الحديبيّة بعيد.

1.حكي عن جابر بن عبد اللَّه. اُنظر: صحيح البخاري، ج ۵، ص ۶۳؛ وج ۶، ص ۴۵؛ صحيح مسلم، ج ۶، ص ۲۵ و ۲۶.

2.اُنظر: سنن أبي داود، ج ۱، ص ۶۲۲، ح ۲۷۳۶؛ سنن الدارقطني، ج ۴، ص ۶۰، ح ۴۱۳۴.

3.اُنظر: السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵، ص ۲۳۵؛ كنز العمّال، ج ۱۰، ص ۴۸۰، ح ۳۰۱۵۰.

4.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۱۹ (قلب).

5.الصحاح، ج ۱، ص ۵۹ (صبأ).

6.النهاية، ج ۳، ص ۳ (صبأ).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93288
صفحه از 568
پرینت  ارسال به