13
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

قالوا: اشرب، فقلت: إنّي غلامٌ ديراني وأنّ الديرانيّين لا يشربون الخمر، فشدّوا عليَّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: يا قوم، لا تضربوني ولا تقتلوني؛ فإنّي أقرّ لكم بالعبوديّة، فأقررتُ لواحدٍ منهم، فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجلٍ يهودي، قال: فسألني عن قصّتي، فأخبرته وقلت له: ليس لى ذنب إلّا أن أحببت محمّداً ووصيّه، فقال اليهودي: وإنّي لأبغضك وأبغض محمّداً، ثمّ أخرجني إلى خارج داره، فإذا رمل كثير على بابه، فقال: واللَّه يا روزبه، لئن أصبحت ولم تنقل هذا الرمل كلّه من هذا الموضع لأقتلنّك، قال: فجعلت أحمل طول ليلتي، فلمّا أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء وقلت: يا ربّ، إنّك حبّبت محمّداً ووصيّه إليَّ، فبحقّ وسيلته، عجِّل فرجي، وأرحني ممّا أنا فيه، فبعث اللَّه - عزّ وجلّ - ريحاً فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي، فلمّا أصبح نظر إلى الرمل قد نُقِل كلّه، فقال: يا روزبه، أنت ساحر وأنا لا أعلم، فلاُخرجنّك من هذه القرية لئلّا تهلكها، قال: فأخرجني وباعني من امرأة سليميّة،۱ فأحبّتني حبّاً شديداً، وكان لها حائط، فقالت: هذا الحائط لك، كُل منه [ماشئت ]وهَب وتصدّق، قال: فبقيت في ذلك الحائط ما شاء اللَّه، فبينا أنا ذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة [رهط] قد أقبلوا [تظلّهم غمامة، فقلت في نفسي: واللَّه ما هؤلاء كلّهم أنبياء، ولكنّ فيهم نبيّاً قال: فأقبلوا] حتّى دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم، فلمّا دخلوا إذا فيهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وأبو ذرّ والمقداد وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطّلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط، فجعلوا يتناولون من حشف النخل ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يقول لهم: كُلوا الحشف ولا تفسدوا على القوم شيئاً، فدخلت على مولاتي، فقلت لها: يا مولاتي هيّئي‏۲ لي طبقاً من رطب، فقالت: لك ستّة أطباق، قال: فجئت فحملت طبقاً من رطب، فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبيّ؛ فإنّه لا يأكل الصدقة ويأكل الهديّة، فوضعته بين يديه فقلت: هذه صدقة، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: كُلوا، وأمسك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأمير المؤمنين وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطّلب، وقال لزيد: مدّ يدك وكُل، فأكلوا،۳ فقلت في نفسي: هذه علامة، فدخلت على مولاتي فقلت لها: [هبي لي ]طبقاً آخر، فقالت: [لك ]ستّة أطباق، قال: جئت فحملت طبقاً من رطب، فوضعته بين يديه فقلت: هذه هديّة،

1.في المصدر: «سلميّة».

2.في المصدر: «هبي».

3.في المصدر: - «فأكلوا».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
12

فهّمني اللَّه العربيّة من ذلك اليوم، قال: فبقيت في البئر، فجعلوا ينزلون إليَّ قرصاً۱ صغاراً، [قال: ]فلمّا طال أمري رفعت يدي إلى السماء، فقلت: يا ربّ، إنّك حبّبت محمّداً ووصيّه إليّ، فبحقّ وسيلته، عجّل فرجي، وأرحني ممّا أنا فيه، فأتاني آتٍ وعليه ثياب بيض فقال: قُم يا روزبه، فأخذ بيدي وأتى‏ بي [إلى‏] الصومعة، فأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ عيسى روح اللَّه، وأنّ محمّداً حبيب اللَّه، فأشرف عليَّ الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فأصعدني إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال: إنّي ميّت، فقلت له: فعلى‏ مَن تخلّفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي [هذه‏] إلّا راهباً بإنطاكية، فإذا لقيته فاقْرأْه منّي السلام، وادفع إليه هذا اللّوح، وناولني لوحاً، فلمّا مات غسّلته وكفّنته [ودفنته ]وأخذت اللوح وسرت به إلى إنطاكية، وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ عيسى روح اللَّه، وأنّ محمّداً حبيب اللَّه. فأشرف عليَّ الدِّيراني فقال لي: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فصعدت إليه فخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت: على‏ مَن تخلفني؟ فقال: لا أعرف يقول بمقالتي [هذه‏] إلّا راهباً بالإسكندريّة، فإذا أتيته فأقرئه منّي السلام، وادفع إليه هذا اللوح، فلمّا توفّي غسّلته وكفّنته ودفنته، وأخذت اللّوح، وأتيت الصومعة، وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ عيسى روح اللَّه، وأنّ محمّداً حبيب اللَّه. فأشرف عليَّ الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، قلت: على‏ مَن تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي [هذه‏] في الدُّنيا، وأنّ محمّد بن عبد اللَّه بن عبد المطّلب‏۲ قد حانت ولادته، فإذا أتيته فأقرئه منّي السلام، وادفع إليه هذا اللوح، [قال:] فلمّا توفّي غسّلته وكفّنته ودفنته، وأخذت اللّوح، وخرجت فصحبت قوماً، فقلت لهم: يا قوم، اكفوني الطعام والشراب أكفكم الخدمة، قالوا: نعم، قال: فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة، فقتلوها بالضرب، ثمّ جعلوا بعضها كباباً وبعضها شواءً، فامتنعت من الأكل، فقالوا: كُل، فقلت: إنّي غلام ديراني، وأنّ الديرانيّين لا يأكلون اللّحم، فضربوني وكادوا يقتلونني، فقال بعضهم: امسكوا عنه حتّى يأتيكم شراب وأنّه‏۳ لا يشرب، فلمّا أتوا بالشّراب

1.في المصدر: «أقراصاً».

2.في المصدر: «عبد الملك».

3.في المصدر: «شرابكم فإنّه» بدل «شراب وأنّه».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93065
صفحه از 568
پرینت  ارسال به