(أو لأنفردنّ في الأحابيش) أي أعتزل عنكم معهم، وأمنعهم عن معاونتكم.
قال الفيروزآبادي:
حبشي - بالضمّ - : جَبَلٌ بأسفل مكّة، ومنه أحابيش قريش؛ لأنّهم تحالفوا باللَّه أنّهم لَيَدٌ على غيرهم ما يسجى ليل ووضح نهار، وما رسى حُبَيش.۱
وقال صاحب النهاية:
الأحابيش: أحياء [من القارة] انضمّوا إلى بني ليث في محاربتهم قريشاً. والتحبّش: التجمّع. وقيل: حالفوا قريشاً تحت جبل يسمّى حبشيّاً فسمّوا بذلك.۲(فقال) أبو سفيان: (اسكت حتّى نأخذ من محمّد ولثاً).
قال الجوهري: «الولث: العهد من القوم يقع من غير قصد، أو يكون غير مؤكّد. يُقال: وَلَثَ له عَقْداً».۳(فأرسلوا إليه عروة بن مسعود) يعني أرسله مشركي مكّة إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
وقال بعض الشارحين: الغرض من قوله عليه السلام: (وقد كان جاء إلى قريش) إلى قوله: (ولا حاجة لنا فيه) بيان سبب انضمام عروة بن مسعود إلى قريش، وحاصله: أنّ قوماً من التجّار - وفيهم عروة - خرجوا من الطائف، وخرج معهم المغيرة بن شعبة، فقتلهم غيلةً، وهرب عروة إلى قريش وكان بينهم.۴
أقول: هذا غلط صريح وخطأ فاحش، بل هو تمهيد لما سيذكر بعدُ من قوله: «واللَّه ما جئت إلّا في غسل سلحتك».
وملخّص هذه القصّة على ما نقل عن الواقدي: أنّه ذهب مع ثلاثة عشر رجلاً عن بني مالك إلى مقوقس ملك إسكندريّة، وفضّل مقوقس بني مالك على المغيرة في العطاء، فلمّا رجعوا وكانوا في الطريق شرب بنو ملك خمراً وسكروا، فقتلهم المغيرة حسداً، وأخذ أموالهم، وأتى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وأسلم، فقبل عليه السلام إسلامه، ولم يقبل من ماله شيئاً، ولم يأخذ منه الخُمس لغدره، فلمّا بلغ ذلك أبا سفيان أخبر عروة بذلك، فأتى عروة رئيس بني مالك -
1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۶۱ (حبش).
2.النهاية، ج ۱، ص ۳۳۰ (حبش).
3.الصحاح، ج ۱، ص ۲۹۶ (ولث).
4.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۱ مع اختلاف في اللفظ.