121
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(أو لأنفردنّ في الأحابيش) أي أعتزل عنكم معهم، وأمنعهم عن معاونتكم.
قال الفيروزآبادي:
حبشي - بالضمّ - : جَبَلٌ بأسفل مكّة، ومنه أحابيش قريش؛ لأنّهم تحالفوا باللَّه أنّهم لَيَدٌ على غيرهم ما يسجى ليل ووضح نهار، وما رسى حُبَيش.۱
وقال صاحب النهاية:
الأحابيش: أحياء [من القارة] انضمّوا إلى بني ليث في محاربتهم قريشاً. والتحبّش: التجمّع. وقيل: حالفوا قريشاً تحت جبل يسمّى حبشيّاً فسمّوا بذلك.۲(فقال) أبو سفيان: (اسكت حتّى نأخذ من محمّد ولثاً).
قال الجوهري: «الولث: العهد من القوم يقع من غير قصد، أو يكون غير مؤكّد. يُقال: وَلَثَ له عَقْداً».۳(فأرسلوا إليه عروة بن مسعود) يعني أرسله مشركي مكّة إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
وقال بعض الشارحين: الغرض من قوله عليه السلام: (وقد كان جاء إلى قريش) إلى قوله: (ولا حاجة لنا فيه) بيان سبب انضمام عروة بن مسعود إلى قريش، وحاصله: أنّ قوماً من التجّار - وفيهم عروة - خرجوا من الطائف، وخرج معهم المغيرة بن شعبة، فقتلهم غيلةً، وهرب عروة إلى قريش وكان بينهم.۴
أقول: هذا غلط صريح وخطأ فاحش، بل هو تمهيد لما سيذكر بعدُ من قوله: «واللَّه ما جئت إلّا في غسل سلحتك».
وملخّص هذه القصّة على ما نقل عن الواقدي: أنّه ذهب مع ثلاثة عشر رجلاً عن بني مالك إلى مقوقس ملك إسكندريّة، وفضّل مقوقس بني مالك على المغيرة في العطاء، فلمّا رجعوا وكانوا في الطريق شرب بنو ملك خمراً وسكروا، فقتلهم المغيرة حسداً، وأخذ أموالهم، وأتى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وأسلم، فقبل عليه السلام إسلامه، ولم يقبل من ماله شيئاً، ولم يأخذ منه الخُمس لغدره، فلمّا بلغ ذلك أبا سفيان أخبر عروة بذلك، فأتى عروة رئيس بني مالك -

1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۶۱ (حبش).

2.النهاية، ج ۱، ص ۳۳۰ (حبش).

3.الصحاح، ج ۱، ص ۲۹۶ (ولث).

4.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۱ مع اختلاف في اللفظ.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
120

وقال الجوهري: «جمع البدنة: بدن بالضمّ وبضمّتين».۱(وهي تأكل بعضها أوبار بعض).
الوبر - محرّكة - : صوف الإبل والأرنب ونحوهما، وجمعه: أوبار. ولعلّه كناية عن عضّ بعضها ظهر بعض، ويكون المقصود تجرّدها عن القتب والجهاز ونحوهما، وهو علامة الهدي؛ لأنّ الإبل تُساق كذلك إذا كانت للهدي.
والحاصل: أنّه لمّا رأى البُدن في البادية كذلك علم أنّها هدي، وأنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله جاء زائراً ناسكاً ولا يريد القتال.
(فرجع) قبل الوصول.
(ولم يأت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله) إلى قوله: (ما على هذا حالفناكم).
يُقال: حالفه إذا عاهده، ولازمه.
وقوله: (على أن تردّوا الهدي عن محلّه) بدل من قوله: «على هذا» وبيان للمشار إليه.
وغرضه: أنّا عاهدناكم على أن نردّ عنكم عدوّكم المحارب؛ لأنّ الناسك والزائر للبيت.
وقيل: إنّما قال ذلك؛ لأنّ المشركين كانوا يعظّمون البيت والزائرين له، وكان الصدّ والمنع من بلوغ الهدي محلّه مستقبحاً عندهم.۲(فقال) يعني أبا سفيان: (اسكت، فإنّما أنت أعرابي).
قال الجوهري:
العرب: جيلٌ من الناس، والنسبة إليه عربيّ. والأعراب منهم: سكّان البادية خاصّة. والنسبة إلى الأعراب أعرابي؛ لأنّه لا واحد له، وليس الأعراب جمعاً لعرب، كما كان الأنباط جمعاً لنِبَطٍ، وإنّما العرب اسم جنس.۳
أقول: غرض أبي سفيان من هذا الكلام أنّه لا علم للمخاطب بالخيل ودفع العدوّ وتدبير القتال كما هو شأن الأعراب.
(فقال) يعني الحبيش لأبي سفيان.
(أما واللَّه لتخلّينّ عن محمّد وما أراد) من دخول مكّة، وإيقاع المناسك.

1.الصحاح، ج ۵، ص ۲۰۷۷ (بدن).

2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۳.

3.الصحاح، ج ۱، ص ۱۷۸ (عرب) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93269
صفحه از 568
پرینت  ارسال به