123
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وقال: «العزّى: صنم، أو سمرة عبدتها غطفان».۱(فما رأيت مثلك ردّ) على صفة المجهول.
(عمّا جئت له).
مراده بالمثل مريد النسك وسائق الهدي.
وقيل: قال هذا على سبيل التعجّب، أي كيف يكون مثلك في الشرافة وعظم الشأن مردوداً عن مثل هذا المقصد الذي لا يصلح أن يردّ عنه أحد.۲
والحاصل: أنّك في جلالتك ينبغي أن لا تردّ عن أيّ مقصد قصدته ومقصدك في الخيريّة بحيث لا ينبغي أن يمنع عنه أحد، ومع اجتماعهما يريد قومك أن يصدّوك عن ذلك.
(إنّ قومك يذكّرونك اللَّه والرحم) بالنصب عطف على اللَّه.
و«يذكّرونك» من التذكير، أي ينشدونك باللَّه، ويقسمونك به وبالرّحم أن تتجنّب عن اُمور ولا ترتكبها، وهي: (أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم، وأن تقطع أرحامهم، و[أن‏] تجرّي عليهم عدوّهم).
يقال: جرّأته عليه تجرئة، أي شجّعته عليه، وأغريته به. وكلّ سائق من الاُمور الثلاث علّة للاحقه؛ لأنّ الدخول عليهم عنفاً سبب لقطع الرحم، وهما سببان لجرأة سائر الأعداء عليهم.
وقيل: يحتمل أن يكون «تجرى [بالياء] من الإجراء، وأن يُراد بالعدوّ من كان معه صلى اللَّه عليه وآله من أهل الإسلام.۳(فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: ما أنا بفاعل حتّى أدخلها) أي لا أفعل شيئاً سوى الدخول؛ يعني لابدّ من ذلك بحيث لا يقع نقيضه، فالحصر إضافي.
(قال) أبو عبد اللَّه عليه السلام: (وكان عروة بن مسعود حين كلّم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله) أي حدّثه، (تناول لحيته) أي لحية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
قيل: كانت عادتهم ذلك فيما بينهم عند مكالمتهم، ولجهله بشأنه صلى اللَّه عليه وآله وعدم إيمانه لم

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۳.

2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۸۲ (عزز) مع التلخيص.

3.القائل هو العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۴۴۲.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
122

وهو مسعود بن عمرة - فكلّمه في أن يرضى بالدية، فلم يرض بنو مالك بذلك، وطلبوا القصاص من عشائر المغيرة، واشتعلت بينهم نائرة الحرب، فأطفأها عروة بلطائف حيله، وضمن دية الجماعة من ماله.۱
فنقول: قوله: «جاء إلى قريش» يعني عروة، وكلمة «في» في قوله: «في القوم» تعليليّة، أي جاء لأن يتكلّم ويشفع في أمر المقتولين الذين أصابهم وقتلهم المغيرة.
وقوله: (كان خرج) أي المغيرة، وضمير الجمع في «معهم» وما بعده راجع إلى القوم، والمستتر في «قتلهم» إلى المغيرة.
وقوله عليه السلام: (فأرسلوا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله) تكرار لما سبق لتحقّق الربط بعد التوسيط بالقصّة المذكورة.
(فقالوا) أي جماعة من الصحابة.
(هذا عروة بن مسعود قد أتاكم وهو) أي عروة.
(يعظّم البدن) ويعلم مكانها، ولا يرضى بردّ من جاء بها.
(قال) يعني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
(فأقيموها) أي البدن.
(فأقاموها).
قيل: لعلّ الغرض من إقامتها أن يعلم أنّها هدي، وأنّه صلى اللَّه عليه وآله جاء زائراً، لا محارباً، فيخبر قومه إذا رجع.۲(واُخلّي عنكم وعن لحمانها) يعني أتركها لكم وأرجع. واللُّحمان - بالضمّ - : جمع اللّحم كاللّحوم.
(قال: لا، واللّات والعزّى).
كلمة «لا» مزيدة لتأكيد القسم. قال الفيروزآبادي: «اللّات - مشدّدة [التاء] - : صنم، وقرأ بها ابن عبّاس وعكرمة وجماعة، سمّى بالذي كان يلت عنده السويق بالسمن، ثمّ خفّف».۳

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۳.

2.نقل عنه العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۴۴۱ مع اختلاف يسير في اللفظ.

3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۵۶ (لتت).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93247
صفحه از 568
پرینت  ارسال به