125
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

والظاهر أنّ كلمة «في» للتعليل، وأنّ قوله: «ما جئت» بصيغة المتكلِّم، أي جئت الآن. أو قيل ذلك عند إطفاء نائرة الفتنة لإصلاح فسادك ودفع جرائمك، ويحتمل كونه بصيغة الخطاب، أي لم يكن مجيئك إلى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وتوسّلك به للإسلام، بل للهرب ممّا صنعت من الجناية، وأتيت به من الجناية.
(قال) أبو عبد اللَّه عليه السلام: (فرجع) عروة (إليهم) أي إلى المشركين.
(فاُثيرت في وجوههم البدن).
اُثيرت - بالثاء المثلّثة - من الإثارة، وهي التهييج، والإزعاج، والإنهاض. و«في» بمعنى «إلى»، أو للظرفيّة مجازاً.
(إنّ قومك يناشدونك اللَّه والرحم) إلى قوله: (وتجرّي عليهم عدوّهم).
يُقال: ناشده مناشدة ونشاداً، أي حلفه؛ يعني أنّهم يسألونك ويقسمون عليك باللَّه وبالرحم وبالقرابة التي بينك وبينهم في ترك تلك الاُمور وعدم ارتكابها.
وقوله: (إنّي فيهم على ما تعلم) من الحقارة والدناء والمذلّة، وقد مرّ في حديث نفيل والخطّاب نسبه وحسبه.
قال الجزري: «فيه: كان عمر في الجاهليّة مبرطشاً، وهو الساعي بين البايع والمشتري شبه الدلّال. ويروى بالسين المهملة بمعناه».۱
وفي القاموس: «المبرطس: الذي يكتري للناس الإبل والحمير ويأخذ عليه جعلاً».۲
وقوله: (لقى أبان بن سعيد)؛ هو أبان بن سعيد بن العاص بن اُميّة بن عبد شمس الأموي.
(فتأخّر عن السّرج) أي تأخّر أبان عن سرج دابّته، وأركب عثمان وركب خلفه تعظيماً له ورعايةً لحقّ القرابة.
(وكانت المناوشة).
قال الجزري: «المناوشة في القتال: تداني الفريقين وأخذ بعضهم بعضاً».۳
وقال الجوهري: «ناوشه: أخذ برأسه ولحيته، ومنه المناوشة في القتال»۴ ؛ أي كان

1.النهاية، ج ۱، ص ۱۱۹ (برطش).

2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۰۰ (برطس).

3.النهاية، ج ۵، ص ۱۲۸ (نوش).

4.الصحاح، ج ۳، ص ۱۰۲۴ (نوش) مع التلخيص.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
124

يعرف أنّ ذلك لا يليق بجنابه صلى اللَّه عليه وآله.۱
قال شارح صحيح مسلم:
إنّ المشركين بعثوا عروة بن مسعود الثقفي إليه صلى اللَّه عليه وآله، فلمّا جلس بين يديه قال: يا محمّد، أجمعت أوباش الناس وجئت إلى بيضتك لتفتضّها بهم - إلى قال: - ثمّ جعل عروة يتناول لحية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وهو يكلّمه، والمغيرة بن شعبة واقف على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في الحديد، وجعل يقرع يده إذا فعل ذلك ويقول: كفّ يدك عن وجه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، انتهى.۲
أقول: يظهر من هذا ما ذكرناه من إرجاع الضمير في «لحيته» إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وكذا الضمير البارز في قوله: (والمغيرة قائم على رأسه)، وأنّ المستتر في قوله: (فضرب)راجع إلى المغيرة، والبارز في (بيده) إلى عروة.
(فقال) أي عروة.
(من هذا) الذي ضرب بيدي (يا محمّد؟ فقال) رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: (هذا ابن أخيك المغيرة).
(فقال) عروة للمغيرة: (يا غُدر) بضمّ الغين المعجمة وفتح الدال المهملة.
قال الجوهري:
الغَدر: ترك الوفاء، وقد غدر به فهو غادر و غُدر، وأكثر ما يستعمل هذا في النداء بالشتم، يُقال: يا غُدر. وفي الحديث: «يا غدر، ألست أسعى في غدرتك؟».۳
قال الجزري:
في حديث الحديبيّة: قال عروة بن مسعود للمغيرة: يا غُدَر، هل غسلت غدرتك إلّا بالأمس. غُدَر معدول عن غادر للمبالغة، يُقال للذكر: غدر، وللاُنثى: غدار - كقطام - وهما مختصّان بالنداء في الغالب.۴(واللَّه ما جئت إلّا في غسل سلحتك).
السلح - بالفتح - : التغوّط. والسُّلاح - بالضمّ - : النجو. وجمعه: سِلحة - بالكسر - كغُلام وغِلمة.

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۴۴۲.

2.نقله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه عنه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۴.

3.الصحاح، ج ۲، ص ۷۶۶ (غدر).

4.النهاية، ج ۳، ص ۳۴۵ (غدر).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93226
صفحه از 568
پرینت  ارسال به