أقول: لا قرينة على اعتبار هذا القيد.
(ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله غير مستكره عن دينه).
قال في تاج اللّغة: «الاستكراه بمعنى الإكراه». ولعلّ المراد أنّه صلى اللَّه عليه وآله لا يكره أحد أن يرجع عن دينه ولا يجبره على الإسلام.
وقال بعض الشارحين: «أي غير مستكره عن قضائه وحكمه بالردّ إلينا، والدين هنا القضاء والحكم، ومنه الديّان من أسمائه تعالى؛ لأنّه القاضي والحاكم»۱ انتهى كلامه، وهو كما ترى.
(ومن جاء إلينا) أي إلى الكفّار (منكم) يعني من المسلمين مرتدّاً عن الإسلام.
(لم نردّه إليكم).
قيل: يعني إن طلبتموه،۲ وقد مرّ مثله.
(فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: لا حاجة لنا فيهم) أي فيمن جاء إليكم مرتدّاً عن الإسلام.
(وعلى أن يعبد اللَّه فيكم علانية غير سرّ) أي أخذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله العهد عليهم أن لا يؤذوا أحداً من المسلمين في مكّة وغيرها، ولا يمنعوهم أن يعبدوا اللَّه بينهم جهاراً من غير تقيّة ولا مانع.
(وإن كانوا ليتهادون السيور في المدينة إلى مكّة).
هذا كلام الصادق عليه السلام لبيان فوائد تلك المصالحة وثمرتها، بأنّها صارت موجبة لأمن المسلمين وأمانهم بحيث كانوا يتهادون، أي يبعثون الهدايا من المدينة إلى مكّة من غير مانع ولا خوف، كما أشار إليه بقوله: (وما كانت قضيّة أعظم بركة منها).
والسّيور - بالياء المثنّاة التحتانيّة - جمع السَّير بالفتح، وهو الذي يقدّ من الجلود.
وقيل: لعلّ المراد بها الحصر المدنيّة؛ لأنّها كانت تنسج من السّيور.۳
ويحتمل أن يُراد بها نوعاً من الثياب. قال الجوهري: «السَّير من الثياب: الذي فيه خطوط كالسّيور».۴
1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۵.
2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۶.
3.الصحاح، ج ۲، ص ۶۹۱ (سير).