129
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

أقول: لا قرينة على اعتبار هذا القيد.
(ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله غير مستكره عن دينه).
قال في تاج اللّغة: «الاستكراه بمعنى الإكراه». ولعلّ المراد أنّه صلى اللَّه عليه وآله لا يكره أحد أن يرجع عن دينه ولا يجبره على الإسلام.
وقال بعض الشارحين: «أي غير مستكره عن قضائه وحكمه بالردّ إلينا، والدين هنا القضاء والحكم، ومنه الديّان من أسمائه تعالى؛ لأنّه القاضي والحاكم»۱ انتهى كلامه، وهو كما ترى.
(ومن جاء إلينا) أي إلى الكفّار (منكم) يعني من المسلمين مرتدّاً عن الإسلام.
(لم نردّه إليكم).
قيل: يعني إن طلبتموه،۲ وقد مرّ مثله.
(فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: لا حاجة لنا فيهم) أي فيمن جاء إليكم مرتدّاً عن الإسلام.
(وعلى أن يعبد اللَّه فيكم علانية غير سرّ) أي أخذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله العهد عليهم أن لا يؤذوا أحداً من المسلمين في مكّة وغيرها، ولا يمنعوهم أن يعبدوا اللَّه بينهم جهاراً من غير تقيّة ولا مانع.
(وإن كانوا ليتهادون السيور في المدينة إلى مكّة).
هذا كلام الصادق عليه السلام لبيان فوائد تلك المصالحة وثمرتها، بأنّها صارت موجبة لأمن المسلمين وأمانهم بحيث كانوا يتهادون، أي يبعثون الهدايا من المدينة إلى مكّة من غير مانع ولا خوف، كما أشار إليه بقوله: (وما كانت قضيّة أعظم بركة منها).
والسّيور - بالياء المثنّاة التحتانيّة - جمع السَّير بالفتح، وهو الذي يقدّ من الجلود.
وقيل: لعلّ المراد بها الحصر المدنيّة؛ لأنّها كانت تنسج من السّيور.۳
ويحتمل أن يُراد بها نوعاً من الثياب. قال الجوهري: «السَّير من الثياب: الذي فيه خطوط كالسّيور».۴

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۵.

2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۶.

3.الصحاح، ج ۲، ص ۶۹۱ (سير).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
128

لبعض العامّة؛ فإنّه قال: لابدّ فيه من ذكر أربعة أسماء: اسمه، واسم أبيه، وجدّه، وكنيته.۱(فقال سهيل: فعلى ما نقاتلك يا محمّد).
كلمة «ما» للاستفهام؛ يعني: ما قبلنا أنّك رسول اللَّه، وما اعترفنا به، ولو كنّا قبلنا ذلك ما نقاتلك.
(فقال) رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: (أنا رسول اللَّه وأنا محمّد بن عبد اللَّه، فقال الناس) أي المسلمون تصديقاً له صلى اللَّه عليه وآله: (أنت رسول اللَّه).
(قال) رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لعليّ عليه السلام: (اكتب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد اللَّه).
روي أنّه صلى اللَّه عليه وآله قال: «يا عليّ، امحُ لفظ الرسول واثبت مكانه: ابن عبد اللَّه». فقال عليّ عليه السلام: «لا يساعدني يدي على محو صفة الرسالة عن اسمك» فقال: «ضع يدي على تلك الكلمة فوضعها عليها فمحاها». ثمّ قال: «يا عليّ، سيكون لك أيضاً مثل هذا» وهو إشارة إلى ما وقع بينه عليه السلام وبين معاوية.۲
وقيل: مساعدته صلى اللَّه عليه وآله على ذلك هي رغبة في إتمام الصلح الذي علم أنّ عاقبته الغلبة، وليس عدم كتب ما ذكر من الرسالة ضارّاً، وإنّما الضارّ كتب ما لا يحلّ اعتقاده من ذكر آلهتهم وشركهم ونحوها، وسنذكر بعض فوائده.۳(فقال الناس: أنت رسول اللَّه) أي كرّر الصحابة وأعادوا هذا القول ردّاً على مَن أنكره.
(وكان في القصّة) أي في قصّة الصلح والمقاضاة.
وفي بعض النسخ: «في القضيّة» وهو بمعنى القضاء.
(أنّ من كان منّا) أي من المشركين.
(أتى إليكم) أي إلى المسلمين مسلماً.
(رددتموه إلينا).
قيل: يعني أن طلبناه منكم.۴

1.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۵.

2.روي قريب منه في: الإرشاد للمفيد، ج ۱، ص ۱۲۰ و ۱۲۱؛ تاريخ اليعقوبي، ج ۲، ص ۵۴؛ السنن الكبرى للنسائي، ج ۵، ص ۱۶۷ و ۱۶۸، ح ۸۵۷۶ - ۸۵۷۸؛ صحيح مسلم، ج ۵، ص ۱۷۴.

3.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۵۵.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72230
صفحه از 568
پرینت  ارسال به