المسلمين، اُردّ إلى المسلمين۱ وقد جئت مسلماً، ألا ترون ما قد لقيت، وكان قد عُذِّب عذاباً شديداً؟!۲
وقال الشيخ المذكور في كتاب إعلام الورى:
فجاء أبو جندل إلى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله حتّى جلس إلى جنبه، فقال أبوه سهيل: ردّه عليَّ، فقال المسلمون: لا نردّه، فقام صلى اللَّه عليه وآله وأخذ بيده فقال: «اللَّهُمَّ إن كنت تعلم أنّ أبا جندل لصادق فاجعل له فرجاً ومخرجاً!» ثمّ أقبل على الناس وقال: ليس عليه بأس إنّما يرجع إلى أبيه واُمّه، وأنّي اُريد أن أتمّ لقريش شرطها. ورجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى المدينة، وأنزل اللَّه في الطريق سورة الفتح: «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً»۳.
قال الصادق عليه السلام: «فما انقضت تلك المدّة حتّى كاد الإسلام يستولي على أهل مكّة، ولمّا رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى المدينة انفلت أبو بصير بن أسيد ابن جارية الثقفي من المشركين، وبعث الأخنس بن شريق في أثره رجلين، فقتل أحدهما وأتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله مسلماً مهاجراً، فقال [له] مسعر بن حرب: لو كان معه أحد، ثمّ قال: شأنك بسلب صاحبك، واذهب حيث شئت، فخرج أبو بصير ومعه خمسة نفر كانوا قدموا معه مسلمين حتّى كانوا بين العيض وذي المروة من أرض جهينة على طريق عيرات قريش ممّا يلي سيف البحر، وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو في سبعين [رجلاً] راكباً أسلموا، فلحق بأبي بصير، واجتمع إليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة حتّى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون لا تمرّ بهم عير لقريش إلّا أخذوها وقتلوا أصحابها، فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يسألونه ويتضرّعون إليه أن يبعث إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهم، فيقدّموا عليه وقالوا: من خرج منّا إليك فامسكه غير حرج أنت فيه، فعلم الذين كانوا أشاروا على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أن يمنع أبا جندل من أبيه بعد القضيّة أنّ طاعة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله خيرٌ لهم فيما أحبّوا وفيما كرهوا،۴ انتهى.
وقال صاحب معارج النبوّة۵ : لمّا رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من منزل الحديبيّة إلى المدينة فرّ أبو بصير من مكّة - وكان أسلم - وأتى المدينة راجلاً في سبعة أيّام، فكتب أخنس بن شريق