135
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

الحديد قد انفلت إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فلمّا رأى سهيل ابنه أخذه وقال: يا محمّد، قد تمّت القضيّة بينك وبيني قبل أن يأتيك هذا، قال: صدقت، وأخذه ليردّه إلى قريش، فصاح أبو جندل: يا معشر المسلمين أردّ إلى المشركين ليفتنوني عن ديني، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «احتسب؛ فإنّ اللَّه جاعل لك ولمَن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً، إنّا قد أعطينا القوم عهودنا على ذلك فلا نغدر بهم».۱

متن الحديث الثالث والخمسمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنِ الْفَضْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :«أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ»۲قَالَ :
«نَزَلَتْ فِي بَنِي مُدْلِجٍ ؛ لِأَنَّهُمْ جَاوُوا إِلى‏ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقَالُوا : إِنَّا قَدْ حَصِرَتْ صُدُورُنَا أَنْ نَشْهَدَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَلَسْنَا مَعَكَ وَلَا مَعَ قَوْمِنَا عَلَيْكَ» .
قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله؟
قَالَ: «وَاعَدَهُمْ‏۳ إِلى‏ أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْعَرَبِ، ثُمَّ يَدْعُوهُمْ ، فَإِنْ أَجَابُوا، وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ».

شرح‏

السند موثّق.
(قوله: عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ) في سورة النساء: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً * إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ»۴وينتهون إلى قوم عاهدوكم وتفارقوا محاربتكم، والقوم هم خزاعة.
وقيل: هم الأسلميّون؛ فإنّه عليه السلام وادعَ وقت خروجه إلى مكّة هلال بن عويم السلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه، ومن لجأ إليه فله من الجوار مثل ما له.۵

1.الكامل في التاريخ، ج ۲، ص ۲۰۵.

2.النساء (۴): ۹۰.

3.في كثير من نسخ الكافي والوافي وشرح المازندراني: «وادعهم» بتقديم الدال المهملة.

4.النساء (۴): ۸۹ و ۹۰.

5.قاله الزمخشري في الكشّاف، ج ۱، ص ۵۵۱ مع اختلاف في اللفظ.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
134

وأبا جندل يتقلّبان من المشركين في سبعين راكباً يسلمون على يد أبي جندل، ويجتمع عليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة على يده حتّى يبلغوا ثلاثمائة مقاتل كلّهم مسلمون، لا يمرّ عليهم عير لقريش إلّا أخذوها وقتلوا أصحابها، وهو ما فهم قصد النبيّ صلى اللَّه عليه وآله، انتهى.۱
وأنت خبير بما في هذه التوجيهات من التعسّف، والظاهر ما قلناه أوّلاً؛ لا يقال: يلزم على ما ذكرت أن لا يردّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أبا جندل ولا يدفعه إلى المشركين، لأنّا نقول: لمّا كانت تلك المصالحة لمصالح عامّة المسلمين - كما عرفت - ولابدّ من وقوعها البتّة، وتوقّف إيقاعها بردّه كما مرّ من عدم رضاء سهيل بالصلح إلّا به، فلا جرم ردّه إليه لئلّا تفوت تلك المصلحة.
(فقال: يا محمّد، ما كنت) على صيغة الخطاب.
(بغدّار).
الغدر: ضدّ الوفاء.
(قال: فذهب بأبي جندل).
الباء للتعدية، أي فردّه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فذهب به سهيل.
(فقال) أي أبو جندل.
(تدفعني إليه) استفهام أو إنكار.
(قال) رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: (ولم أشترط لك) أي ما كنت اشترطت استثناءك حين العقد وغيره.
وقيل: أي ليس هذا شرطاً يخصّك، بل هذا شرط قاضينا عليه لمصلحة عامّة المسلمين، ولابدّ من ذلك. أو المراد: لم تكن أنت داخلاً في هذا الشرط؛ لمجيئك قبل تمام الكتاب، لكن هؤلاء يجبروننا عليه. قال: ويحتمل على بُعدٍ أن يكون إشارة إلى ما وعده عليه السلام بالخلاص والنجاة على سبيل الاستفهام الإنكاري، أي ألم أشترط لك بالنجاة؟!۲(وقال: اللَّهُمَّ اجعل لأبي جندل مخرجاً) أي من الضيق والشدّة.
قال ابن الأثير في الكامل:
فبينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يكتب الكتاب إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في

1.نقله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه عنه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۴۴۸.

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۴۴۸.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72043
صفحه از 568
پرینت  ارسال به