141
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

تعالى وقال: «فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا»۱أي يجادل رسلنا في قوم لوط، ومجادلته قوله: «إِنَّ فِيهَا لُوطاً». «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ»۲.۳«إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ».۴
قال الجوهري: «غَبَرَ يغبر: بقى ومضى، فهو غابر: ماض وباق».۵
وقال بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: «كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ»: «أي من الذين بقوا في ديار قوم لوط، وتخلّفوا عن لوط فهلكوا، والتذكير لتغليب الذكور. وقيل: معناه كانت من الباقين في عذاب اللَّه».۶(ثمّ مضوا) أي الملائكة، لا هلاك قوم لوط.
(وقال الحسن العسكري أبو محمّد عليه السلام: لا أعلم ذا القول) أي قول إبراهيم عليه السلام أنّ فيها لوطاً.
(إلّا وهو) أي إبراهيم عليه السلام.
(يستبقيهم).
الضمير المنصوب لقوم لوط، أي يطلب بقاءهم ويسعى في استدفاع العذاب عنهم والشفاعة لهم.
واعلم أنّ الظاهر أنّ قوله: (وقال الحسن العسكري) إلى آخره من كلام المصنّف رحمة اللَّه عليه، بأن كان روى للحديث السابق تتمّة عن العسكري عليه السلام بحذف الإسناد، أو من كلام محمّد بن يحيى ذكره في أثناء الرواية لتوضيحها، وهذا مع وضوحه خفي على بعض الأفاضل، وقال:
الظاهر أنّ العسكري من طغيان قلم النسّاخ، وفي تفسير العيّاشي‏۷ : وقد مضى في كتاب الطلاق من هذا الكتاب أيضاً «الحسن بن علي» بدون أبي محمّد، فالظاهر حينئذٍ أنّ المراد الحسن بن علي بن فضّال، بأن يكون ذكر هذا في أثناء رواية الحديث على وجه التفسير والتبيين، وكنيته أيضاً أبو محمّد، فلا ينافيه إن كان في الخبر. ويحتمل أيضاً أن يكون من كلام الصادق عليه السلام راوياً عن

1.هود (۱۱): ۷۴.

2.هود (۱۱): ۷۵.

3.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۶۰ مع التلخيص.

4.العنكبوت (۲۹): ۳۲.

5.الصحاح، ج ۲، ص ۷۶۵ (غبر) مع اختلاف في اللفظ.

6.مجمع البيان، ج ۴، ص ۲۹۹ مع اختلاف في اللفظ.

7.تفسير العيّاشي، ج ۲، ص ۱۵۳، ح ۴۶.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
140

(ومرّت امرأته)؛ الضمير لإبراهيم.
وقوله: (سارة) عطف بيان لإمرأته، أو بدل منها.
(فبشّرها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب).
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ»:۱
نصب يعقوب ابن عامر وحمزة وحفص بفعل يفسّره ما دلّ عليه الكلام، وتقديره: ووهبناها من وراء إسحاق يعقوب. وقيل: إنّه معطوف بموضع «بإسحاق» أو على لفظ إسحاق، وفتحته للجرّ؛ فإنّه [غير مصروف‏] ورد الفصل بينه وبين ما عطف عليه بالظرف، وقرأ الباقون بالرفع على أنّه مبتدأ وخبره الظرف، أي [ويعقوب ]مولود من بعده. وقيل: الوراء ولد الولد، سمّي به لأنّه بعد الولد.۲(فقالت ما قال اللَّه عزّ وجلّ) وهو قوله تعالى: «قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَىْ‏ءٌ عَجِيبٌ».۳
قيل: يا ويلتي بمعنى يا عجباً، وأصله في الشرّ، فاُطلق في كلّ أمرٍ فظيع، وقرئ بالياء على الأصل.۴(فأجابوها) أي الملائكة.
(بما في الكتاب العزيز) وهو قوله عزّ وجلّ: «قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»۵.
(فقال [لهم‏]: إن كان فيها) أي في قرية قوم لوط.
(مائة من المؤمنين تهلكونهم) إلى قوله: (إن فيها لوطاً).
الظاهر أنّ الضمير المنصوب في «تهلكونهم» راجع إلى المائة، لا إلى قوم لوط.
وقيل: إنّما لم يكتف عليه السلام أوّلاً بذكر الواحد؛ ليحتجّ عليهم بأنّ حرمة المؤمن الواحد حرمة الكثير، فإذا لم تهلكهم مع فرض وجود الكثير فيهم، فكيف تهلكونهم مع وجود الواحد، قال ذلك شفاعة وشفقة على عباد اللَّه، وتوهّم أنّ إهلاكهم في معرض البداء، فلذلك مدحه

1.هود (۱۱): ۷۱.

2.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۴۵.

3.هود (۱۱): ۷۲.

4.هود (۱۱): ۷۳.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93150
صفحه از 568
پرینت  ارسال به