145
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

قيل: كلمة «لو» للتمنّي.۱ وقيل: للشرط، والجواب محذوف، تقديره: لدفعتكم.۲
وقيل: أراد بالركن العشيرة جرياً على سنّة الناس في الاعتصام بالعشيرة في دفع الأعداء.۳
وقال بعض العامّة: «أنساه ضيق صدره من قومه اللجاء إلى اللَّه الذي هو أشدّ الأركان».۴
وقال بعض الأفاضل:
الحقّ أنّه عليه السلام لم ينس اللجاء إلى اللَّه في هذه القضيّة، وإنّما قال ذلك تطييباً لنفوس الأضياف، وإبداءً للعذر لهم بحسب ما اُلِف في العادة من أنّ الدفع إنّما يكون بقوّة أو عشيرة.۵(فقال جبرئيل عليه السلام: لو يعلم أيّ قوّة له).
كلمة «لو» هنا أيضاً يحتمل الوجهين.
(فكاثروه).
في القاموس: «كاثروهم فكثروهم: غالبوهم في الكثرة فغلبوهم».۶(حتّى دخلوا البيت).
روت العامّة أنّ لوط عليه السلام أغلق بابه دون أضيافه، وأخذ يجادلهم من وراء الباب، فتسوّروا الجدار، فلمّا رأت الملائكة ما على لوط من الكرب قالوا: «يَا لُوطٍ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ»۷الآية.
(قال: فصاح بهم).
في بعض النسخ: «به» وهو الظاهر. قال (جبرئيل عليه السلام) بعد مشاهدة ما به من الكرب: (يا لوط، دَعْهُم) أي اتركهم. (يدخلون، فلمّا دخلوا) البيت (أهوى جبرئيل عليه السلام نحوهم بإصبعه).
قال الجوهري: «قال الأصمعي: أهويت بالشي‏ء: إذا أومأتَ به. ويُقال: أهويتُ له بالسيف».۸

1.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۴۸.

2.هود (۱۱): ۸۱.

3.احتمله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۶۱.

4.نقله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۶۱ بعنوان «قيل».

5.تأويل مختلف الحديث، ص ۹۲ مع اختلاف في اللفظ.

6.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۶۱.

7.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۲۵ (كثر).

8.الصحاح، ج ۶، ص ۲۵۳۸ (هوي).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
144

وقال بعض المفسّرين:
اختلف في ذلك، فقيل: أراد بناته لصلبه. وقيل: أراد النساء من اُمّته؛ لأنّهنّ كالبنات له، فإنّ كلّ نبيّ أبو اُمّته وأزواجه اُمّهاتهم. واختلف أيضاً في كيفيّة عرضهنّ، فقيل بالتزويج، وكان يجوز في شرعه تزويج المؤمنة من الكافر، وكذا كان يجوز أيضاً في بدأ الإسلام، وقد زوّج النبيّ صلى اللَّه عليه وآله بنته من أبي العاص بن الربيع قبل أن يسلم، وقد نسخ ذلك. وقيل: أراد التزويج بشرط الإيمان، وكانوا يخطبون بناته فلا يزوّجهنّ منهم لكفرهم. وقيل: إنّه كان لهم سيّدان مطاعان فيهم، فأراد أن يزوّجهما بنتيه زعوراء، ورتياء.۱
وقوله: (فدعاهم إلى الحلال) يحتمل تلك الوجوه، أي لم يدعهم حين دعاهم إلى بناته إلى الحرام والزنا، بل دعاهم إلى الحلال والتزويج.
فقالوا: «لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ».
قيل: من حاجة.۲ وقيل: من إرادة وشهوة.۳ وقيل: هذا بناء على أنّهم اتّخذوا نكاح الإناث شرعاً باطلاً، وإتيان الذكران مذهباً حقّاً.۴«وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ» وهو إتيان الذكران؛ فإنّ عادتهم القبيحة مشهورة.
واعلم أنّ في سورة هود: «يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي» ، فتغيير الترتيب في الخبر إمّا بناءً على النقل بالمعنى لاتّصال جوابهم بالسؤال، أو لبيان أنّ ما هو المقدَّم في الآية كان مؤخّراً في كلام لوط، أو لأنّه كان في قرائتهم عليهم السلام كذلك.
(فقال:«لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»).۵
قال صاحب الكشّاف: «المعنى: لو قويت عليكم بنفسي، أو آوي‏۶ إلى قويّ أستند إليه، وأتمنّع به، فيحميني منكم، فشبّه القوي العزيز بالركن من الجبل في شدّته ومنعته»۷ انتهى.

1.مجمع البيان، ج ۵، ص ۳۱۴ مع التلخيص واختلاف يسير في اللفظ.

2.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۴۸.

3.تفسير السمعاني، ج ۲، ص ۴۴۷.

4.تفسير النسفي، ج ۲، ص ۱۶۶ مع اختلاف في اللفظ.

5.هود (۱۱): ۸۱.

6.في المصدر: «آويت».

7.الكشّاف، ج ۲، ص ۲۸۳.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73749
صفحه از 568
پرینت  ارسال به