169
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

«لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً»۱ لعلموه قابلاً لتوبتهم متفضّلاً عليهم بالرحمة، وإن فسّر وجد بصادف كان «توّاباً» حالاً و«رحيماً» بدل منه، هكذا ذكره المفسّرون.۲
والظاهر أنّ قوله عليه السلام: (يعني واللَّه النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وعليّاً عليه السلام)تفسير للرسول، والخطاب في «جاؤوك» وقوله: (ممّا صنعوا) تفسير لقوله تعالى: «إِذْ ظَلَمُوا»؛ يعني أنّ المراد بظلمهم ما صنعوا بهما عليهما السلام من ردّ أمر الرسول صلى اللَّه عليه وآله وإنكار ولاية عليّ عليه السلام وتعاهدهم على ردّ الخلافة عنه، ولمّا كان ثمرة الظلم عائدة إلى أنفسهم نسب إليها.
وقوله (يعني لو جاؤك بها يا عليّ) إلى آخره، بيان لحاصل المعنى ولفظة «بها» ليست في تفسير علي بن إبراهيم‏۳ وهو أظهر. وعلى ما في نسخ الكتاب لعلّ الباء للتعدية، والضمير عائد إلى الخلافة.
«فَلَا وَرَبِّكَ».
قال البيضاوي:
أي فوربّك، و«لا» مزيدة لتأكيد القسم، لا لتظاهر «لا» في قوله: «لَا يُؤْمِنُونَ»؛ لأنّها تزاد [أيضاً] في الإثبات كقوله تعالى: «لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ»۴.۵«حَتَّى يُحَكِّمُوكَ» أي يجعلوك حاكماً.
قال الجوهري: «يُقال: حكمته في مالي تحكيماً: إذا جعلت إليه الحكم [فيه‏]».۶«فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ» أي فيما اختلف منهم واختلط. يُقال: شجر الأمر بينهم - كنصر - شجوراً: إذا تنازعوا واختلفوا فيه. قيل: ومنه الشجر؛ لتداخل أغصانه.۷(فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: هو واللَّه علي بعينه).
الظاهر أنّ الضمير المرفوع راجع إلى المخاطب.

1.النساء (۴): ۶۴.

2.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۲۱۰. وراجع: الكشّاف، ج ۱، ص ۵۳۸؛ مجمع البيان، ج ۱، ص ۴۶۷؛ تفسير أبي السعود، ج ۲، ص ۱۹۷.

3.تفسير القمّي، ج ۱، ص ۱۴۲.

4.البلد (۹۰): ۱.

5.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۲۱۰.

6.الصحاح، ج ۵، ص ۱۹۰۲ (حكم). وليس فيه: «تحكيماً».

7.راجع: الكشّاف، ج ۱، ص ۵۳۸؛ تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۲۱۱.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
168

شرح‏

السند مجهول.
قوله: (قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول في قول اللَّه عزّ وجلّ؛«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ - إلى قوله تعالى: - أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ».
قال البيضاوي:
يعني من النفاق، فلا يُغني عنهم الكتمان والحلف الكاذب من العقاب.
«فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ» أي عن عقابهم؛ لمصلحة في استبقائهم، أو عن قبول معذرتهم.
«وَعِظْهُمْ» بلسانك، وكفّهم عمّا هم عليه.
«وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ» في معنى أنفسهم، أو خالياً بهم؛ فإنّ النصح في السرّ أنجع.
«قَوْلاً بَلِيغاً»۱ يبلغ منهم، ويؤثّر فيهم أمرهم بالتجافي عن ذنوبهم والنصح لهم، والمبالغة فيه بالترغيب والترهيب؛ وذلك [مقتضى‏] شفقة الأنبياء، وتعليق الظرف ب «بليغاً» على معنى بليغاً في أنفسهم مؤثّراً فيها ضعيف؛ لأنّ معمول الصفة لا يتقدّم [على‏] الموصوف، والقول البليغ في الأصل هو الذي يطابق مدلوله المقصود به.۲
وقوله عليه السلام: (يعني واللَّه فلاناً وفلاناً) تفسير للمشار إليهم ب «اُولئك»، وأنّ العمرين ومشاركيهما هم المنافقون المذكورون.
«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ» بسبب إذنه في طاعته، وأمره المبعوث إليهم بأن يطيعوه.
«وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ» بالنفاق، أو التحاكم إلى الطاغوت.
«جَاءُوكَ» تائبين من ذلك، وهو خبر «أنّ»، و«إذ» متعلّق بقوله: «فاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ»بالتوبة والإخلاص.
«وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ» واعتذروا إليك حتّى نصبت لهم شفيعاً، وإنّما عدل عن الخطاب تفخيماً لشأنه وتنبيهاً على أنّ من حقّ الرسول أن يقبل اعتذار التائب وإن عظم جرمه ويشفع له.

1.النساء (۴): ۶۰ - ۶۳.

2.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۲۰۹.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72110
صفحه از 568
پرینت  ارسال به