173
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

قال ابن الأثير في النهاية:
فيه أنّ امرأة أتت النبيّ صلى اللَّه عليه وآله فقالت: رأيت [في المنام‏] كأنّ جائز بيتي انكسر، فقال: يردّ اللَّه غائبك، فرجع زوجها ثمّ غاب، فرأت مثل ذلك، فأتت النبيّ صلى اللَّه عليه وآله فلم تجده ووجدت أبا بكر فأخبرته، فقال: يموت زوجك، فذكرت ذلك لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فقال: هل قصصتها على أحد؟ قالت: نعم، قال: هو كما قال لك. الجائز الخشبة التي توضع عليها أطراف العوارض في سقف البيت،۱ انتهى.
(فقال لها الرجل السوء) بالفتح.
قال الجوهري:
سآءه يسؤه سوءاً - بالفتح - ومساءة ومسايئة: نقيض سرّه، والاسم: السوء بالضمّ. وقرئ: «عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ»۲ يعني الهزيمة والشرّ، ومن فتح فهو من المساءة وتقول: هذا رجل سوء بالإضافة، ثمّ تدخل عليه الألف واللّام فتقول: هذا رجل السّوء.
قال الأخفش: ولا يُقال: الرجل السّوء، ويُقال: الحقّ اليقين وحقّ اليقين جميعاً؛ لأنّ السوء ليس بالرجل، واليقين هو الحقّ. قال: ولا يُقال: هذا رجل السوء بالضمّ،۳ انتهى.
أقول: هذا الخبر يدلّ على ردّ قول الأخفش، فتأمّل.
وقال بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: «عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ»: «أي يدور عليهم ويعود إليهم ضرر ما دبّروا ويقع الفساد والهلاك بهم».۴
السّوء - بالضمّ - المصدر، ويصلح للاسم، لقد جاء مجموعاً نحو الأسواء. والسّوء - بالفتح - : النعت. وظنّ السوء، أي ظنّ الأمر السوء، فيكون من باب مسجد الجامع وصلاة الاُولى.
وقوله: (ألّا كان) بتشديد اللّام على أن يكون حرف التخصيص.
قال بعض الشارحين:
في هذا الخبر وما قبله دلالة واضحة على أنّ الرؤيا لأوّل عابرٍ وعلى نحو ما وقع به

1.النهاية، ج ۱، ص ۳۱۴ (جوز).

2.التوبة (۹): ۹۸؛ الفتح (۴۸): ۶.

3.الصحاح، ج ۱، ص ۵۶ (سوأ).

4.كشف الأسرار، ج ۹، ص ۲۰۹.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
172

لاختلاطها، وإنّما وقعت على وفق تعبير يوسف عليه السلام لها، لا لأنّ لها حقيقة في الواقع.
وأصل الضغث - بالكسر - : قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس، فاستعير لها للرؤيا الكاذبة، وإنّما جمع للمبالغة في وصف الحلم بالبطلان، كقولهم فلان يركب الخيل، أو لتضمّنه أشياء مختلفة.
والظاهر أنّ المراد بالملك ملك مصر. وقيل: يحتمل أن يُراد به هنا أيّ ملك كان لتشويش خواطر الملوك وتكثر خيالاتهم، فتكون رؤياهم مختلطة غالباً،۱ ولا يخفى بُعده.
ولعلّ الراوي أورد هذه الرواية تأييداً لما ذكره عليه السلام: (إنّ امرأة رأت على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله) أي في عصره وزمانه.
(أنّ جذع بيتها قد انكسر).
الجذع - بالكسر - : ساق النخلة. والمراد هنا ركن بيتها وعمودها.
(فأتت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها النبيّ صلى اللَّه عليه وآله: يقدم) بفتح الياء والدال.
(زوجك [يأتى‏] وهو صالح).
في القاموس: «الصلاح ضدّ الفساد، كالصلوح. صلح - كمنع وكرم - وهو صَلح وصالح وصليح».۲
أقول: لعلّه عليه السلام عبّر انكسار ركن بيتها بفوات ما كان لها من التمكّن فيه، واستقلالها بالتصرّف في اُموره عند غيبة زوجها.
وقوله: (فلقيت رجلاً أعسر).
قال الفيروزآبادي: «العُسر: ضدّ اليُسر. ويومٌ عسر وعسير وأعسر: شديد، أو شؤم».۳
وقال الجوهري: «رجل أعسر: بيِّن العسر [للذي‏] يعمل بيساره».۴
أقول: [يمكن‏] أن يُراد هنا كلّاً من هذه المعاني، وعلى الأخير يكون كناية عن الشؤم، أو الضعيف الرأي والعاجز. ويظهر من بعض روايات العامّة أنّ ذلك الرجل الأعسر هو أبو بكر، ولعلّه عليه السلام لم يصرّح باسمه تقيّةً.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۷۶ مع اختلاف يسير في اللفظ.

2.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۳۵ (صلح).

3.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۸۸ (عسر).

4.الصحاح، ج ۲، ص ۷۴۵ (عسر).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72164
صفحه از 568
پرینت  ارسال به