187
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وقال ابن الأثير في الكامل:
اختلف العلماء في أوّل مَن أسلم مع الاتّفاق على أنّ خديجة أوّل خلق اللَّه إسلاماً، فقال قوم: أوّل ذَكر آمن عليّ.
روى عن عليّ رضي اللَّه عنه: «أنا عبد اللَّه، وأخو رسوله، وأنا الصدِّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلّا كاذب مفترٍ، صلّيت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قبل الناس بسبع سنين».
وقال ابن عبّاس: أوّل من صلّى عليّ.
وقال جابر بن عبد اللَّه: بعث النبيّ صلى اللَّه عليه وآله يوم الاثنين، وصلّى عليّ عليه السلام يوم الثلاثاء.
وقال زيد بن أرقم: أوّل من أسلم مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله عليّ عليه السلام.
وقال عفيف الكندي: كنت امرءاً تاجراً فقدمتُ مكّة أيّام الحجّ، فأتيت العبّاس، فبينا نحن إذ خرج رجل فقام تجاه الكعبة يصلّي، ثمّ خرجت امرأة فقامت تصلّي معه، ثمّ خرج غلام فقام يُصلّي معه، فقلت: يا عبّاس، ما هذا الدِّين؟ قال: هذا محمّد بن عبد اللَّه ابن أخي، زعم أنّ اللَّه أرسله، وأنّ كنوز قيصر وكسرى تُفتح عليه، وهذه امرأته خديجة آمنت به، وهذا [الغلام‏] عليّ ابن أخي أبي طالب آمن به، وايم اللَّه ما أعلم على ظهر الأرض على هذا الدِّين غير هؤلاء الثلاثة. قال عفيف: ليتني كنت رابعاً.
وقال محمّد بن المنذر وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبو حازم المدني والكلبي: وأوّل من أسلم عليّ.
قال الكلبي: كان عمره تسع سنين، وقال: إحدى عشرة سنة. وقال ابن إسحاق: أوّل من أسلم عليّ، وعمره إحدى عشرة سنة. وقيل: أوّل من أسلم أبو بكر.
وقال إبراهيم النخعي: [أبو بكر أوّل من أسلم. وقيل‏]: أوّل من أسلم زيد بن حارثة. وقال ابن إسحاق: أوّل ذكر أسلم بعد [النبيّ‏] عليّ [و] زيد بن حارثة، ثمّ أسلم أبو بكر وأظهر الإسلام.1
انتهى كلام ابن الأثير.
وقوله عليه السلام: (مدّة عشر سنين) يعني بها بعد ثلاث سنين التي سبق الناس فيها، لئلّا ينافي قوله: (وكان خروج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله من مكّة في أوّل يوم من ربيع الأوّل، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من البعث) .
قيل: يفهم منه ومن قوله: (وقدم المدينة لإثنى عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل مع زوال

1.الكامل، ج ۲، ص ۵۹ مع التلخيص واختلاف يسير في اللفظ.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
186

أصلاً، فاندفع به ما ذهب إليه بعض النواصب من أنّ إسلامه لم يكن معتبراً؛ لكونه قبل البلوغ.
وتوضيح الدفع أنّه عليه السلام إن [كان‏] بالغاً حين آمن وهو ممكن في عشر سنين سيّما في البلاد الحارّة فقد حصل الغرض واندفع ما ذكروا، وإن لم يكن بالغاً فلا يتصوّر الكفر في حقّه عليه السلام؛ لكونه عليه السلام مولوداً على الفطرة المستقيمة داخلاً في طاعة اللَّه وطاعة رسوله مستمرّاً عليها على وجه الكمال، فإيمانه التكليفي وارد على نفسه القدسيّة غير متدنّسة بأدناس الجاهليّة وعبادة الأصنام، ولا ريب في أنّ هذا الإيمان أفضل من إيمان من آمن بعد علوّ السنّ وعبادة الأصنام وشرب المسكّرات، ولا يقدم إلى إنكار ذلك إلّا جاهل متعصّب،۱ انتهى.
واعلم أنّ العامّة اختلفت في سنّه عليه السلام حين آمن، فقال الكلبي: كان ابن تسع سنين.۲ وقال مجاهد ومحمّد بن إسحاق: كان ابن عشر سنين.۳ وقيل: كان ابن أربع عشر سنة.۴ وقيل: إحدى عشر.۵ وقيل: اثنتي عشر.۶ وقال شارح كتاب مسلم: «اختلف في سنّه رضي اللَّه عنه حين أسلم، فقيل: خمس سنين. وقيل: ثمان وقيل: اثنى عشر».۷(وسبق الناس كلّهم إلى الإيمان باللَّه وبرسوله).
لا خلاف عند علماء الشيعة في ذلك، وأمّا العامّة فذهب كثير منهم إلى ذلك أيضاً، وفيه أخبار كثيرة. وقال بعضهم: أوّل مَن أسلم خديجة،۸ وذهب بعض المعاندين منهم إلى أنّه أبو بكر.۹
قال شارح مسلم:
علي رضي اللَّه عنه أوّل من أسلم؛ لحديث «أوّلكم وارداً عليَّ الحوض أوّلكم إسلاماً علي بن أبي طالب عليه السلام».
وعن عليّ رضي اللَّه عنه قال: «عبدتُ اللَّه قبل أن يعبده أحد من هذه الاُمّة بخمس سنين». وعنه: «ما كان يصلّي مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله غيري وغير خديجة».۱۰

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۸۲ و ۴۸۳ ملخّصاً.

2.نقل عنه الثعلبي في تفسيره، ج ۵، ص ۸۴.

3.تاريخ مدينة دمشق، ج ۴۲، ص ۲۶.

4.السنن الكبرى للبيهقي، ج ۶، ص ۲۰۶.

5.الاستيعاب، ج ۳، ص ۱۰۹۳، ذيل ح ۱۸۵۵.

6.لم نعثر عليه.

7.الإقناع للشربيني، ج ۲، ص ۲۱۰.

8.حكي عن إبراهيم النخعي في الكامل، ج ۲، ص ۵۹.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72178
صفحه از 568
پرینت  ارسال به