191
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

ملائكة الليل والنهار جميعاً، فإن قلت: مدخول الفاء لا يعمل فيما قبله، قلت: قد ورد في القرآن كثيراً كقوله تعالى: «وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ»۱.۲
انتهى، ولا يخفى بُعده.

متن الحديث السادس والثلاثين والخمسمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :
«مَا أَيْسَرَ مَا رَضِيَ بِهِ النَّاسُ عَنْكُمْ ، كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ» .

شرح‏

السند حسن.
قوله: (كفّوا ألسنتكم عنهم) بيان وتفسير لما قبله.

متن الحديث السابع والثلاثين والخمسمائة

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى‏ ؛ وَأَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :
كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَذَكَرَ بَنِي أُمَيَّةَ وَدَوْلَتَهُمْ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ : إِنَّمَا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَهُمْ ، وَأَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - هذَا الْأَمْرَ عَلى‏ يَدَيْكَ .۳
فَقَالَ :
«مَا أَنَا بِصَاحِبِهِمْ ، وَلَا يَسُرُّنِي أَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُمْ ، إِنَّ أَصْحَابَهُمْ أَوْلَادُ الزِّنى‏ ، إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - لَمْ يَخْلُقْ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ سِنِينَ وَلَا أَيَّاماً أَقْصَرَ مِنْ سِنِينِهِمْ وَأَيَّامِهِمْ ، إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَأْمُرُ الْمَلَكَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْفَلَكُ ، فَيَطْوِيهِ طَيّاً» .

شرح‏

السند ضعيف.
قوله: (ترجو أن تكون صاحبهم).

1.المدّثر (۷۴): ۳ و ۴.

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۰۱.

3.في كثير من نسخ الكافي والوافي: «يدك».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
190

(لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء، ولتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء).
تعليل عدم الزيادة في الفجر بتعجيل عروج ملائكة الليل ظاهر، وأمّا تعليله بتعجيل نزول ملائكة النهار خفيّة خفاء، وقد يوجّه بوجوه:
الأوّل: أنّ صلاة الفجر إذا كانت قصيرة يعجلون في النزول ليدركوه بخلاف ما إذا كانت طويلة؛ لإمكان تأخيرهم النزول إلى الركعة الثالثة أو الرابعة، وهو كما ترى؛ فإنّه إنّما يستقيم لو لم يكن يلزم شهودهم من أوّل الصلاة وهو غير معلوم، بل الظاهر اللّزوم.
الثاني: أن يقال: اقتضت الحكمة عدم اجتماع ملائكة الليل والنهار كثيراً في الأرض، فيكون تعجيل عروج ملائكة الليل أمراً مطلوباً في نفسه، ومعلّلاً أيضاً بتعجيل نزول ملائكة النهار.
الثالث: أن يكون شهود ملائكة النهار لصلاة الفجر في الهواء، ويكون المراد بنزولهم نزولهم إلى الأرض، فلا ينزلون إلّا مع عروج ملائكة الليل.
الرابع: أنّه لمّا كانت ملائكة النهار تنزل بالتعجيل لأجل فعل ما هي مأمورة به في الأرض من كتابة الأعمال وغيرها، وكان ممّا يتعلّق بها أوّل النهار ناسب ذلك تخفيف الصلاة ليشتغلوا بما اُمروا به، كما أنّ ملائكة الليل تتعجّل العروج إمّا لمثل ما ذكر من كونها تتعلّق بها اُمور بحيث تكون من أوّل الليل كعبادة ونحوها، بل لو لم يكن إلّا أمرها بالعروج إذا انقضت مدّة عملها لكفى، فتعجيل النزول للغرض المذكور علّة للتخفيف، كما أنّ تعجيل العروج علّة له مع تحصيلهم جميعاً الصلاة معه، ولا يضرّ كون التعجيل في الأوّل علّة العلّة.
الخامس: أنّ تعجيل الروح لانقضاء النوبة بطلوع الفجر وتعجيل النزول متلازمان؛ لئلّا يبقى المكلّف بلا حَفَظَةٍ ولو في آن، وتعجيل العروج مستلزم لعدم الزيادة؛ لاستحالة تخلّف المعلول عن العلّة، كذلك يمكن أن يُقال: تعجيل النزول مستلزم له؛ لاستحالة تخلّف أحد المتلازمين عن الآخر.
وقال بعض الأعلام في توجيه هذا الكلام:
اعلم أنّه ورد في الفقيه والعلل هكذا: «وأقرّ الفجر على ما فرضت بمكّة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء ولتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض، فكانت ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون»۱ ، فعلى هذا يحتمل أن يكون قصر الصلاة معلّلاً بتعجيل العروج فقط، وأمّا تعجيل النزول فيكون علّة لما بعده، أعني شهود

1.الفقيه، ج ۱، ص ۴۵۵، ح ۱۳۱۹؛ علل الشرائع، ج ۲، ص ۳۲۴، ح ۱.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72144
صفحه از 568
پرینت  ارسال به