197
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

قَالَ سَلْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : فَأَتَيْتُ عَلِيّاً عليه السلام وَهُوَ يُغَسِّلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعَ النَّاسُ ، وَقُلْتُ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ السَّاعَةَ عَلى‏ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَاللَّهِ مَا يَرْضى‏ أَنْ يُبَايِعُوهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ ، إِنَّهُمْ لَيُبَايِعُونَهُ بِيَدَيْهِ جَمِيعاً بِيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ .
فَقَالَ لِي : «يَا سَلْمَانُ ، هَلْ تَدْرِي مَنْ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ عَلى‏ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله؟» .
قُلْتُ : لَا أَدْرِي، إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ حِينَ خَصَمَتِ الْأَنْصَارُ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ بَشِيرُ۱ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ، ثُمَّ عُمَرُ ، ثُمَّ سَالِمٌ .
قَالَ : «لَسْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ هذَا ، وَلكِنْ تَدْرِي أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ حِينَ صَعِدَ عَلى‏ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله؟» .
قُلْتُ : لَا ، وَلكِنِّي رَأَيْتُ شَيْخاً كَبِيراً مُتَوَكِّئاً عَلى‏ عَصَاهُ ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَجَّادَةٌ شَدِيدُ التَّشْمِيرِ ، صَعِدَ إِلَيْهِ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ وَهُوَ يَبْكِي ، وَيَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتّى‏ رَأَيْتُكَ فِي هذَا الْمَكَانِ ، ابْسُطْ يَدَكَ ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ، ثُمَّ نَزَلَ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ .
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : «أ تَدْرِي‏۲ مَنْ هُوَ؟» .
قُلْتُ : لَا ، وَلَقَدْ سَاءَتْنِي مَقَالَتُهُ كَأَنَّهُ شَامِتٌ بِمَوْتِ النَّبِيِ‏۳ صلى اللَّه عليه وآله .
فَقَالَ : «ذَاكَ [إِبْلِيسُ‏] لَعَنَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أَنَّ إِبْلِيسَ وَرُؤَسَاءَ أَصْحَابِهِ شَهِدُوا نَصْبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إِيَّايَ لِلنَّاسِ بِغَدِيرِ خُمٍّ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنِّي أَوْلى‏ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَأَقْبَلَ إِلى‏ إِبْلِيسَ أَبَالِسَتُهُ وَمَرَدَةُ أَصْحَابِهِ ، فَقَالُوا : إِنَّ هذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ وَمَعْصُومَةٌ ، وَمَا لَكَ وَلَا لَنَا عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ ، قَدْ أُعْلِمُوا إِمَامَهُمْ وَمَفْزَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ ، فَانْطَلَقَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ كَئِيباً حَزِيناً .
وَأَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أَنَّهُ لَوْ قُبِضَ أَنَّ النَّاسَ يُبَايِعُونَ أَبَا بَكْرٍ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ بَعْدَ مَا يَخْتَصِمُونَ ، ثُمَّ يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ ، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُبَايِعُهُ عَلى‏ مِنْبَرِي إِبْلِيسُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فِي صُورَةِ رَجُلٍ شَيْخٍ مُشَمِّرٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَجْمَعُ شَيَاطِينَهُ وَأَبَالِسَتَهُ ، فَيَنْخُرُ وَيَكْسَعُ ، وَيَقُولُ : كَلَّا زَعَمْتُمْ أَنْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ ، فَكَيْفَ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِهِمْ حَتّى‏ تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَطَاعَتَهُ وَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله» .

1.في أكثر نسخ الكافي والوافي: «بشر».

2.في كلتا الطبعتين وأكثر نسخ الكافي: «هل تدري».

3.في بعض نسخ الكافي: «رسول اللَّه».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
196

في حقّي الإحراق؟! أو عطف على اسم «أنّ» فهو داخل تحت توبيخهم بما زعموا أنّ النار تحرقه، أو توجب مشقّته، وتؤثّر فيه ولو بعرق الجبين.
(فإنّه سيجي عانة من حُمُر يقدمها عير أبتر).
في القاموس: «العانة: الأتان، والقطيع من حُمُر الوحش. الجمع: عون، بالضمّ».۱
وحُمُر - بالضمّتين - حمار، ويطلق على الإنسي والوحشي.
والعَيْر - بالفتح - : الحمار، وغلّب على الوحشي.
والأبتر: المقطوع الذنب.
وقوله: (فانبشوني) من النبش، وهو إبراز المستور، وكشف الشي‏ء عن الشي‏ء، وفعله كنصر.
وقوله: (ليكون‏۲سبّة عليكم) بفتح اللّام.
وقال الجوهري: «يُقال: صار هذا الأمر سُبّة عليه - بالضمّ - أي عاراً يُسَبّ به. ورجلٌ سُبَّة: أي يسبّه الناس»۳ انتهى. أي هذا عار عليكم أن تحبّوه ولا تؤمنوا به، أو هو يسبّكم بترك الإيمان والكفر، أو يكون هذا النبش عاراً لكم عند العرب فيقولون: نبشوا قبر نبيّهم. ويؤيّد الأخير ما ذكره ابن الأثير قال: «فأرادوا نبشه، فكره ذلك بعضهم وقالوا: نخاف إن نبشناه أن تسبّنا العرب بأنّا نبشنا ميّتاً لنا، فتركوه».۴

متن الحديث الأربعين والخمسمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى‏ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ : لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَصَنَعَ النَّاسُ مَا صَنَعُوا ، وَخَاصَمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ الْأَنْصَارَ ، فَخَصَمُوهُمْ بِحُجَّةِ عَلِيٍّ عليه السلام قَالُوا : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، قُرَيْشٌ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْكُمْ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مِنْ قُرَيْشٍ ، وَالْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ ، إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ ذِكْرُهُ - بَدَأَ بِهِمْ فِي كِتَابِهِ وَفَضَّلَهُمْ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله :
«الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» .

1.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۵۱ (عون).

2.في المتن الذي ضبطه الشارح رحمة اللَّه عليه سابقاً: «ليكونّن».

3.الصحاح، ج ۱، ص ۱۴۵ (سبب).

4.الكامل، ج ۱، ص ۴۷۶.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72214
صفحه از 568
پرینت  ارسال به