(قال: ثمّ قال: ما فعل ابن قياما).
هو الحسين بن قياما، واقفيّ خبيث، ولعلّ السؤال عن كيفيّة خلطته مع الشيعة وطهور ملاقاته إيّاهم بقرينة الجواب.
وقيل: قوله: (إنّه ليلقانا فيحسن اللِّقاء) محمول على التهكّم، كأنّه إذا قال: رآنا يتهكّم بنا ويستهزئ. ويحتمل أن يكون محمولاً على ظاهره، ويكون غرضه عليه السلام من قوله: (وأيّ شيء يمنعه من ذلك) الإيماء بنفاقه؛ فإنّ المنافقين يكونون في حالة الملاقاة مع المؤمنين في غاية الملاطفة، أي أنّه يفعل هذا لينتفع منكم ولا يتضرّر بكم.
وقيل: معناه: أيّ شيء يمنعه من ذلك الأمر والإقرار بالإمام بعد موسى بن جعفر عليهما السلام.۱
ثمّ استشهد عليه السلام لحاله بما ذكره اللَّه تعالى في شأن المنافقين إمّا بتشبيه حاله بحالهم، أو لاندراجه فيهم، وتلا هذه الآية في سورة التوبة: «لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ». الضمير للّذين اتّخذوا مسجداً ضراراً، أو لمن أسّس بنيانه على شفا جرفٍ هار، والحال واحد.
«الَّذِي بَنَوْا».
قال البيضاوي:
أي بناؤهم الذي بنوه، والبنيان مصدر اُريد به المفعول، وليس بجمع، ولذلك تدخله التاء ووصف بالمفرد، وأخبر عنه بقوله: «رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ» أي شكّاً ونفاقاً. والمعنى: أنّ بناءهم هذا لا يزال سبب شكّهم وتزائد نفاقهم؛ فإنّه حملهم على ذلك، ثمّ لمّا هدمه الرسول صلى اللَّه عليه وآله رسخ ذلك في قلوبهم، وازداد بحيث لا يزول وَسْمُه عن قلوبهم.
«إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ» قطعاً بحيث لا يبقى لها قابليّة الإدراك والإضمار، وهو في غاية المبالغة والاستثناء من أعمّ الأزمنة.
وقيل: المراد بالتقطّع ما هو كائن بالقتل، أو في القبر، أو في النار. وقيل: التقطّع بالتوبة نَدَماً وأسَفَاً.۲
وقال الشيخ الطبرسي رحمة اللَّه عليه:
أي لا يزال بناء المبنيّ الذي بنوه شكّاً في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم وثباتاً