223
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(حاسب فيحسُب) بضمّ السين، أي يعدّ.
(هذا) أي أحد الحاسبين.
(لصاحبه بالظفر) فيحكم بقواعده الحسابيّة أنّه يظفر على الآخر.
(ويحسب هذا) أي الحاسب الآخر.
(لصاحبه بالظفر) أيضاً.
(ثمّ يلتقيان) للمحاربة.
(فيهزم أحدهما الآخر).
يُقال: هزم فلان العدوّ - كضرب - أي كسرهم وفلّهم، والاسم: الهزيمة.
(فأين كانت النجوم؟) قيل: هذا بيان لخطأ المنجّمين؛ فإنّ كلّ يحكم لمن يريد ظفره بالظفر، ويزعم أنّ السّعد الذي رآه يتعلّق به، وهذا لعدم إحاطتهم بارتباط النجوم بالأشخاص.۱
ولعلّ المراد بقوله عليه السلام: (إلّا من علم مواليد الخلق كلّهم) أنّ من أحاط بعلم النجوم يعلم مواليد الخلق، ولمّا يعلم المنجّمون المواليد كلاًّ علم أنّهم لا يحيطون به علماً.
أو المراد أنّه يشترط في الإحاطة به العلم بجميع المواليد وارتباط النجوم بها، ولا يتيسّر ذلك إلّا للأنبياء والأئمّة عليهم السلام.
وعلى التقديرين يدلّ على أنّ أصل هذا العلم وإن كان حقّاً لكن لا يجوز النظر فيه واستنباط الأحكام منه لغير أصحاب الوحي ومَن يحذو حذوهم، ويمكن أن يُراد بالعلم بمواليد الخلق العلم بكيفيّة تأثيرات الأجرام العلويّة والأوضاع الفلكيّة بتقدير العزيز العليم في حدوث الحوادث اليوميّة والمواليد العنصريّة في الأوقات المعيّنة بكيفيّات مخصوصة، وفي ترتّب الآثار والخواصّ الفائضة إليهما من المبدأ، ونسبة بعضها إلى بعض، وكيفيّة التيامها وافتراقها، ومدّة بقائها ووقت فنائها، إلى غير ذلك ممّا لا يمكن الاطّلاع على تفاصيلها كما ينبغي، إلّا لعالم الغيب، أو من يظهره عليه ممّن ارتضى من رسولٍ أو من يسلك به رشداً.

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۱۶.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
222

كما يقولون، إشارة إلى أنّه غلط منه لا من جميع أهل النجوم؛ فإنّ الفلك في الآفاق المائلة يدور دور الوراب.۱
واعترض عليه بوجهين: أمّا أوّلاً: فبأنّه خلاف المحسوس؛ إذ كلّ ذي حسّ يعلم أنّ القطب في جميع العروض ليس في سمت الرأس. وأمّا ثانياً: فإنّه في غاية البُعد؛ إذ ذلك المنجّم ادّعى أنّه كامل في علم النجوم، فكيف يدّعي ذلك ويقع في هذا الغلط الفاحش، فالأصوب أنّ المراد بالأمر أمر المنجّم وشأنه، أي إن كان أمرك وشأنك على ما تقول من أنّك أعرف أهل النجوم بالعراق، فما بال الكواكب المذكورة مثلاً لا تدور في سمت القبلة قطّ؟! وهذا الاحتمال وإن كان أيضاً بعيداً؛ لأنّ سببه مذكور في علم النجوم يعرفه مَن له أدنى معرفة به، لكن ذلك المنجّم لم يكن عارفاً به، وكان دعواه كمال المعرفة محض غلط، انتهى كلام المعترض.۲
وأقول: لعلّه أشار بإدارة القلنسوة إلى دوران الفلك على النحو المعروف في الآفاق المائلة، لكنّه عليه السلام سأل عن وجه اختصاص الفلك بالدوران المذكور واختصاص الكواكب المذكورة بالمواضع المعلومة من الفلك مع كون أجزاء الفلك متشابهة، ولا ينافي عدم معرفته بذلك كمال معرفته في قواعد علم النجوم، كما لا يخفى.
وقوله عليه السلام: (لا يرون) على البناء للمفعول من الرؤية.
وقوله: (يدورون) أيضاً على صيغة المجهول من التدوير.
وفي كثير من النسخ: «يدرون» وفيه كلام.
وقوله عليه السلام: (صدقت) يعني في قولك: لا أدري، وقد مرّ مثله في حديث المنجّم اليماني.
وقوله: (ما بال العسكرين يلتقيان) يعني للمحاربة والمجادلة.
(في هذا) أي في أحد العسكرين.
(حاسب) أي منجّم يرصد سعودهم ونحوسهم بالحساب.
(وفي هذا) أي في العسكر الآخر.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۰۰.

2.المعترض هو نفس المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۰۱ مع اختلاف في اللفظ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72129
صفحه از 568
پرینت  ارسال به